الفصل الأولامطرت السماء اثناء الدفن ,,ليس بغزارة ,ولكن الغيوم الداكنة كانت تبكي القبر.تقدم احدهم من جيما حاملا مظلة ولكنها لم تكن تدري مايدور حولها,,عيناها قد جفتا بد الذي ذرفتاه وتسمرتا ارضا.وكيانها اصبح مشلولا وباردا تجاه هول الحزن ,,توفي والدها ,وايامه الاخيرة تلطخت بفضيحته.كم من الاشخاص هنا يفكرون بذلك؟,,كثيرون من الذين يدعون بانهم اصدقاء ومعارف يقفون هنا,,بينما ينتظرون صحف الغد بفارغ الصبر.استدارت براسها لتلقي بنظرة كان وجهها شاحب مستكين.كان الحزن شخصيا ,,الدموع ذرفت بالخفاء والنواح كان قد انتهى ,لقد اشاحوا بنظراتهم .القليل تلقفوا لمحتها للحظة,,وحتى االمس كان عليهم ان يخفضوا بصرهم امام نفحة الغرور على الوجه الجميل,,كلهم ماعدا واحد,جايمس ساندرسون .
وقف بعيدا عن باقي المعزين ,,برغم ذلك,بدا مهيمنا عليهم بقامته الطويلة التي تعلو عن باقي الرجال بعدة سنتيمترات ,.,,وعيناه الداكنتان احتوتا عينيها دون تردد او احراج.كان مستبدا , متكبرا, متجهما ,بدا مدعاة للخوف.كان يبدو صلبا طويلا ,عريض المنكبين,,متين البنية ,شعره اسود وعيناه تبدوان كالجليد وهما ترقبانها .ترى هل كان ينتظر انكسارها ام تخاذلها ؟كانت تعرف هاتين العينين البنيتين ,,كانتا مميزتين نوع من العيون التي يمكنك ان تغرق في لججها وليمكنك النجاة ابدا ,,تعابيره جافة ,كان قاسيا وجامدا كحجر الرخام المصقول.تقدم رجل الدين منها معزيا ومؤاسيا ,,فانصتت الى كلامه الموزون ,من في امكانه الان ان يريح نفسه ؟,, مامن احد وخاصة االان.بدت حياتها منتهية منذ ايام,عندما توفي والدها,,الان هنالك المنزل, الدروب الساطعة جميل وفارغ,,لم يعد لها, وبفقدانه لن يبقى لها اي شيء..انسة ليل ,,لم اكن اعرف والدك...... .تاملها رجل الدين والقلق يعتريه,,انه رجل طيب راى في عينيها الضياع..عرفته انا .جاء صوتها باهتا يفتقد الروح,ولكنه حاول ثانية :.ان حتجت لمساعدة ,لنصحية ........لديها المساعدة ,هذا لطف منك ,طبعا ,, ولكني ساهتم بمصالح الانسة ليل ,لاتقلق .التفتت جيمل نحو الصوت العميق ,,هذا الصوت الذي يتلاءم مع الرجل ,
وكان هو جايمس ساندرسون.يقف الى جانبها يحتويها ,يرعبها يضعها تحت امرته ,,للحظة شعرت بالانسحاق يجتاحها وكانه يتحكم بانفاسها .كلمات الاحتجاج تعثرت ولم تخرج من فمها..ساصطحبك الى المنزل ياجيما .اطبقت يده على ذراعها .فجفلت وقالت :.انا ,انا لااستطيع .واتجهت عيناها نحو القبر ,الالم والاحتجاج اجتاحا ,,وجهها فجاة,ولكنه حثها دون هوادة.."لقد رحل ياجيما ,عليك العودة الى المنزل,الوقت سيعالج الامور"..
"كيف لك ان تعلم ؟انت كحجر الصوان ,,بدون شعور ,قاس ,من احببت في حياتك؟"
بما انهما كانا محور نظرات عديدة ,,حافظت على صوتها منخفضا ,,ولكن المرارة التي تعتريه مكنته من سماعها بوضوح.
"اغضبي مني ان شئت,يمكنني التحمل ولكن تمالكي نفسك,,واخفضي صوتك حتى نخرج من هنا,,الصحافة منتشرة بين الجميع وهنالك على الاقل مصوران متستران بين لاشجار" .
كان صوته باردا ,محذرا ,وقبضته كالفولاذ لم يكن عليه تكرار ذلك,,لقد ادركت وراتهما فعلا,انها جيما ليل,لعبة الصحافة الجميلة ,.,,اخذت نفسا عميقا ,ورفعت راسها الجميل,وسيطرت على ملامحها.همس بهدوء :.احسنت ,تماسكي هكذا حتى نخرج من هنا.تجاهل السيارة التي احضرتها,,صرف السائق باشارة من يده,وبرغم ازدحام الممر بالسيارات ,,استطاع ان يخرج سيارته المرسيدس الفضية الى البوابة مع انها لم تكن هناك .ولماذا تفكر وتحتار بهذا الامر,,انه جايمس ساندرسون الواثق من عالمه ,,المستبعد ,الوسيم ,والممتليء رجولة.استقرت داخل السيارة الدافئة المريحة,بينما هو ادار ,,محرك السيارة وقادها باقصى سرعة ممكنة ,,وهو يرقب جميع الصحافيين عبر مراة السيارة وهم مستاؤون لعدم تمكنهم من مقابلتها اثناء الدفن ..سيكونون حول المنزل قريبا .نظرت اليه,ثم القت براسها المتعب على مسند المقعد الوثير.
قال ببرودة :.ليس والابواب موصدة .اجابته :.كيف لي او اوصد الابواب ؟,,الناس سوف تاتي الى البيت متوقعة شرابا لواجب العزاء.....للفضول .انهى بسخرية :.لن ياتوا ,لقد الغيت كل ذلك..ماذا فعلت ؟.واستقامت في جلستها محدقة به بينما عيناه ما كادتا ترمقانها ببرودة ..لقد تكلمت مع الناس, اصدقاء والدك تفهموا ,,مشاعرك ويدركون رغبة الصحافة في الاصطياد في الماء العكر,فوافقوا ,,اما الاخرون ليسوا من الاهمية بمكان ,لن يدخل الى (الدروب الساطعة) احد سوانا ,,اما بالنسبة للمداخل فلقد احضرت رجلين معي والصحافة ستبقى بعيدا.رات ماعناه بكلامه عندما دلفت السيارة عبر المدخل ,,الرجلان كانا شديدين ,ضخمين وملتزمين .القى التحية عليهما ورداها بمثلها وبعدها سمعت ,,ابواب المدخل تغلق ووقع المزلاج كان نهائيا كما بدت لها حياتها..لقد ازداد قليلا عدد الاعداء .علقت بنبرة جافة فرمقها بنظرة قاتمة ومحددة :.الاعداء لايزعجوني ,فلقد نشات في واقع صعب ,ياانسة ليل ,,الان انا ممتن لذلك ,لان التربية الجيدة لاتجدي نفعا في الادغال.
".تعني اني مدللة ,اتصرف بصبيانية ولينة وما الى ذلك..........حضور اجتماعي دون وزن حقيقي بمقياس العالم."
وافق بسخرية وتابع قوله:.لديك حسنتان ,جمالك ,وحب ابيك لك,كان صديقي وساحميك قدر استطاعتي .. "لست في حاجة" .تكلمت بانفعال ولكن كالمعتاد لم يتح لها الفرصة لتنهي كلامها :انت لست بحاجة لمساعدة من نكرة ,,تافه ذلل باظفاره الصعاب ليخرج من الحضيض ؟اضاف باستهزاء:.لاتبالغي في وضعك بسرعة ,,تعلمي الحكمة ,المهرجان قد انتهى..اثار كلامه موجة من التحذير مما اثار حفيظة جيما,,ولكن الوجه الوسيم الداكن كان ساكنا وعيناه تسرحان عبر مدخل السيارات بينما شفتاه ,,كانتا صلبتين وثابتتين فاحست بابواب فخ محكم تطبق حولها .كان جبارا,عديم الشفقة ,الكل يعرف ذلك,,ابوها كان يخشاه ويقيم له اعتبارا اذ ان جايمس ,,ساندرسون لا يعتبرغريبا على (الدروب الساطعة). لكن جيما كانت تشعر بالضيق حين يكون مدعوا,,انما حبها لوالدها وواجب الضيافة كانا ,,فقط يجبرانها على البقاء معه في غرفة واحدة ,القوة الغامضة الامرة تخيفها .العينيان الغامضتان المتالمتان تخيفانها,,خلف البريق والرونق والسفسطة هنالك وحش ,,مفترس,كانت على يقين من ذلك.استطاع ان ينقش اسمه باحرف ناصعة في عالم الاعمال ,,ولم تشك في استناج والدها بانه مهندس لامع,,في امكانه الاستمرار حيث يخفق الاخرون.
كانت تعلم انه يقوم باعمال مشبوهة بذكاء وقد جنى ثروة منها ,,وبالنسبة لها ,هو هر بري متوحش,,متخف بقشور رقيقة من الحضارة. باري ليل ضحك لتعليقاتها حتى انها تخال سماع صوته لان..عزيزتي جايمس رجل مثقف,لاتخطئ باعتبار لداياته الوضيعة بغباء,,لقد نال المنحة الدراسية منذ الطفولة وقد عمل بجهد وثبات ,كان ملزما بذلك ,لم يدخل المدارس الخاصة,.,,ولم يحضر حفلات نوداي كرة المضرب ,ولاحتى اي نشاط ترفيهي ,,وبرغم ذلك هو لاعب رغب من الدرجة الاولى ايضا باعتراف الجميع..افترض انك سمعت ذلك منه..لاتسيئ الظن ياجيما ,,جايمس لايتكلم عن نفسه,وقته اثمن من الكلام,,ومن حسن حظي انه التحق بالشركة فهو ليس مجبرا على ذلك.حتما لا,لم يكن مجبرا على ذلك ,,فجايمس ساندرسون لديه شركة هندسية مدنية منتشرة في العالم.ابتدا من العدم ,وكان ثريا عندما استهوته شركة (ليل . للهندسة).الان اصبحت (ساندرسون .ليل) جزء من مجموعته ...... ولكن تركت باسم مختلف نوما ما.ذكر والدها بان تسميتها هكذا افضل ولكن جيما كانت ,,على يقين بان جايمس ساندرسون قد اغدق بامواله على الشركة وبالتالي سيطر عليها.لم يبتلع شركة والدها كليا بعد, ولكنه ضمها ولم يبق من مجال للشك ,من هو المدير؟انها مغتاظة ,الشركة هي ارث عائلي لاجيال ,ناجحة ,,ومحترمة ,لم تالف جيما الا حياة الثراء والراحة.
لم يكن هناك اي تاثير خارجي حتى ظهر جايمس ساندرسون,,بدا غامضا شبحا مخيفا,ووجهه البارد الشديد الوسامة ,,يوحي بوجود ثعلب ماكر في داخله .لم تعمل جيما ابدا ,لم يكن والدها يسمح بذلك ,,ومتاكدة من ان جايمس ساندرسون يستخف بها .وعاجلا ستقلب الموازيين في الشركة,,نظرة واحدة منه قادرة على قلب موازيين اقوى الرجال.انه يوترها ,انها متوترة الان بينما هي في قرارة نفسها ممتنة له ,,,لحمايته الحالية لها ,ربما غدا تستطيع مواجهة الامور.لقد خسر والدها كل شيء باستثناء حصته في الشركة ,لقد اطلعها على ذلك قبل وفاته.كان يحيا حياة اخرى لاتعرفها ......مركب خاص ,ميسر ,نساء ,,لم يبق شيء,حتى حصته في ,,الشركة لاتكفي لتغطية الديون وحتى بيع (الدروب الساطعة)..لم يبق لها سوى الكبرياء واللوعة ,,لان جايمس ساندرسون كان على علم بكل شيء ,,ترك الامور تجري ببساطة وانتظر بمكر ..اما الان فانه يدعي صداقة والدها .توقفت السيارة امام المنزل,,ودلفت جيما خارجا لتقف تحت المطر متاملة المنزل وكانها لن تراه ,,ثانية,ذلك حقيقة حتمية.(الدروب الساطعة )كان جزءا لايتجزا من حياتها,,يقبع على كتف تلة ,المنظر خلاب والمنزل ايضا .ضخم ومهيب ,الجدران مغطاة بالنباتات المتعرشة المزهرة لتضفي عليه الروعة,,لايمكنها ان تنتقل الى منزل اخر ,ان تغادر من هنا ,يعني لها النهاية ,ومجرد الاحساس بذلك يحطمها.
لم تنتبه لوجود جايمس ساندرسون بقربها الا بعد ان تكلم :.انت تحبين هذا المنزل ,اليس كذلك؟.نعم ,"فانا لم اعش في اي مكان اخر,الان علي مغادرته" .قال بهدوء ممسكا يدها متوجها بها الى درجات السلم ,,المؤدية الى الباب الرئيسي للمنزل:."هذا يعود اليك".ابتسمت ابتسامة غريبة:."اتمنى ذلك,اتمنى الاحتفاظ به حتى لو اضطررت ,,العيش في غرفة واحدة واكلت مرتين في الاسبوع,كل ايامي السعيدة عشتها في هذا المنزل ,,عندما اخسر الدروب الساطعة سيضيع كل شيء حتى ...الذكريات في الذاكرة ..لذلك انت شديد البرودة؟"ارادت ان تجرحه فجاة كما هي مجروحة ,كان هذا سخيفا .فما من احد يستطيع جرحه:"كلا هذا غباء,انس الامر,مامن شيء يمكنه ,,جرحك,انت لا تقهر اليس كذلك؟"
"هكذا تفكرين بي ,لااقهر! " وابتسم ابتسامة لطالما اقلقتها .....,,..كانت غامضة ..... وتخفي اشياء لايمكنها تصورها .."انا لاافكر بك ابدا ياسيد ساندرسون ..هذا حتما سيريحك"
-" ,لندخل فالمطر ينهمر" . تذمره المبطن اربكها اكثر واقتراحه دفعها طوعيا الى الامام.ظهرت جيسي عندما دخلا ,بوجهها الشاحب ,,لطالما عايشتهم منذ نعومة اظفار جيما والان عليها ايضا ان ترحل .
كانت تبكي وقد بدا ذلك جليا ,فهرعت الى جيما وارتمت على صدرها :.انت ,وانا فقط ياجيسي.قالت بهدوء والدموع في ماقيها :.نعم ,ياحبي ,علينا مواجهة ذلك,,وعلينا ايجاد مكان ياوينا.ليس من سر لاتعرفه جيسي ,وضعها في البيت كان ,,اكثر من مدبرة منزل ,فهي من اعتنى بجيما ورباها..علي ان ابحث عن شقة يمكنها ان تاوينا نحن الاثنتين .اردفت جيما بياس :.اما بالنسبة لراتبك........انسي الامر,ساحصل على عمل وفي امكاننا الاستمرار..اه جيسي,وهل تظنين باني سادعك.وانهمرت الدموع على خدي جيما ,,فتدخل جايمس ساندرسون بعد ان نفد صبره:.حضري لنا الشاي ياجيسي ,سنكون في المكتب .كان عابسا متجهما ,ولكن هذا لايمنع جيسي من منحه ابتسامتها المعهودة ,,لطالما اعجبت به ولكنها لم تستطع تغيير راي جيما بالرجل لطويل الوسيم,,انه الوحيد الذي يناديها جيسي ,وتعتبر ذلك اطراء.لقد لمست الصلابة فيه ,,وبما انها بدات حياتها فقيرة ,لذلك لديها اعجاب واضح به..لن نجلس في هذا المكتب .اشارت جيما بحدة بينما انطلقت جيسي بطاعة فورية ..انه مكتب والدي ,والان الااريد ان ادخله..لو لم يكن ضروريا لما اقترحته ,,علينا مناقشة امور تتطلب السرية ..السرية عن جيسي لايوجد احد في المنزل سواها ,وهي تعلم كل شيء..ربما كان هناك امور لاتودين اطلاعها عليها .للحظة سلط نظره عليها ,وكانت عيناه الداكنتان لاتقاومان ..جففي دموعك.قالها بجفاء ومشى الى المكتب تاركا اياها تقرر ان تتبعه ام لا ,كما ترغب.هذا الامر اغاظها ,لامعنى لوجوده هنا ,,كانت ممتنة لانقاذه لها ,اما الان فعليه الانصراف .لم يكن لديه فكرة عن مدى جرحها,,لان مثل هذه الامور لاتعني له شيئا برحيل والدها اصبح جايمس ,,غير مرغوب فيه في هذا المنزل.حتى تهدا الامور ويباع المنزل فانه مازال منزلها,,تبعته لتخبره بذلك ولكن شيئا فيه جعلها تتلعثم ,كان يقف ووجهه نحو النافذة ,,ينظر من خلالها الى الحديقة ونحو الضوء الباهت خارجا ,وبنظرة قلقة تاملته.ان فيه قوة مدمرة لم تترك لها المجال حتى للتفكير بالرجل نفسه ,,منذ اللقاء الاول كانت ترتعد لمجرد ان ينظر اليها ,.,,وتتحاشى النظر الى العينين البنيتين العميقتين قدر المستطاع,,اما الان فانها ترى بهاء داكنا مرعبا,اخاذا نعمة رجولية.العديد من النساء حاولن استمالته ,,ولطالما ظنت جيما بانهن مخبولات ,,الان ولثانية مرت تظن بانهم على حق .
سالت نفسها ترى كيف يتصرف مع الاشخاص الذين يحبهم ؟,,لقد احب والدها ودعاه صديقه ولطالما ضحكا معا,,لم يرق لها ذلك حيث انه سيتمكن من الاقتراب من عالمها ,وهو خطر.استدار فجاة وعيناه الداكنتان تتفحصانها ماخوذين بالوجه البيضاوي الشاحب,,والشعر العسلي الاشقر المعقوص بشدة على قمة راسها,,عيناها بدتا ذابلتين من شدة الحزن ,وللحظات خالهما تفران من وجهها.قال بفظاظة وهو مقطب الجبنين :.يجب ان تاكلي ..لااستطيع..الى متى ؟ان خسرت المزيد من وزنك سوف تتلاشين.رمقها بنظرة شاملة:.لقد وصلت الى مرحلة الهزال.غاصت جيما في الاريكة واناملها تتحسس جسدها وعيناها مغمضتان :.اريد حبة اسبرين ,بدل الطعام.كانت على وشك الاعتراف بصداع هائل عندما خرج من الغرفة ,,وهو يبتسم ابتسامة خبيثة.احضرت جيسي الشاي وكان جايمس خلفها :.اليك هذه.اجفلها بوضع قرصين من المسكن بيدها,,فرفعت ببصرها اليه وعيناها تضيقان لشدة الالم :.ماهذا ؟.غير مضرة .قالها بخشونة ثم اضاف :.ليس شيئا انا اخترعته لاقتلك,,جيسي احضرتها من خزانتها عندما ذكرت لها صداعك.سكب الشاي وناولها فنجانا:.اشربيه الان.تمتمت شاكرة وابتلعتهما وهي تشعر بالذنب وعدم الامتنان,,اذ ان وجها من اوجه خطورته هو عدم تمكنك من التنبؤ بما سيفعل بعد ذلك..تقدم منها وحل رباط شعرها ,,فانسدل الشعر الاشقر العسلي ليغطي وجهها .تمتم بنعومة قائلا:.شد شعرك بهذه الطريقة لن يساعد ,دعيه ينسدل.اضاف بخشونة بينما كانت تبعد شعرها الى الخلف:.تناولي الشاي وبعدها نتكلم ..ماذا ؟اعرف الكثير لقد شرح لي ابي كل شيء قبل وفاته,,لايوجد المزيد لتطلعني عليه,,لم يبق شيء لاخسره ,لقد خسرت كل شيء..اذا لم تعودي الفتاة الثرية الصغيرة .وافق بحنق وغضب من نبرة صوتها.هل تظن باني اهتم .وارتفع صوتها بينما انتفضت واقفة:.لقد رحل ,رحل لاشيء ولااحد يمكنه ان يعوض عنه.واستدارت لتخفي وجهها ,,وتقوس كتفيها لتغوص في عاصفة حزن عميق ولم تسترجع وعيها الا وهي مطوقة بذراعين قويتين ,,ذراعي من كانتا ؟لم تعرف ,كل ماكانت تحتاجه هو الامان والامن ,,فوجدت القوة والباس جدارا حديديا يطوقها.لحظات مظلمة ,وانهارت مقهورة ,,فتركها على سجيتها ,ممسكا بها ثم استفاقت لتعود الى واقعها المرير ..انا .....انا اسفة..
مامن داع للاسف انه جزء من مداواة الجراح..فانزل نظره اليها ويداه ماتزلان تطوقانها ,,فاحست وكانها فراشة علقت على بطاقة,,لم يلمسها من قبل سوى للمصافحة عندما دعاه والدها للزيارة.اما الان فانها تلمس قوته,وضعفها,,لم تقو على الابتعاد حتى حررها من بين يديه ,,شعورغريب يجري في شرايينها ..كم عمرك ياجيما ؟.اربعة وعشرون عاما.قال متعجبا :24:وتبدين هكذا؟,, ماخلتك الا في سن الخامسة عشرة,,توفيت والدتي في سن التاسعة والثلاثين وبدت حين ذاك امراة عجوزا.حررها من يديه واستدار,بينما هي تراقبه بعينين دامعتين :.كم كان عمرك حينها؟.تسعة عشر,كنت في الجامعة,,لم اعد بعد ذلك الى المنزل,لحسن حظي انا وحيد ,لامسئوليات على عاتقي...
"ووالدك؟."
-"ابي كان مدمنا على الشراب وعنيدا متمرنا"
-" ..انا ........انا اسفة.."
-"حقا ؟"
استدار ونظر اليها ووجهه قاس ,,كما كان يبدو دائما حين ينظر اليها .من غير المعقول انه اخبرها عن ماضيه,,والاكثر غرابة انه مازال يؤنسها برغم احساسها بان لاشيء يخدش اسلحته.."لاتشفقي علي ياجيما ,كان هذا في الماضي ,,حين كنت فقيرا ,لقد نسيت ,,ربما ذكرتني به دموعك ,لاصبر لي على الدموع."
بدات مدافعة :.لاحاجة لك في البقاء ومراقبة دموعي..اجابها :.انها تذرف على رجل احببته ,,متسامح وعلى اي حال,كان شريكي ,ادين لك بمسؤوليات.ثم جلس واوما لها بالجلوس :.اجلسي واكملي فنجان الشاي ,بعدها نتكلم ..عن اي شيء يمكن ان نتحدث ؟جلست ودفعت بخصلات شعرها الى الخلف بحركات عصبية ,,كل مافي داخلها وصل الى نقطة الغليان..لقد تدبرنا امورنا بطريقة حسنة حتى الان؟تابع بسخرية :.انا اعرفك جيدا .على الرغم مما قلته لي في السنتين الماضيتين ..اذا الكلام قد قيل الان.واخفضت بصرها لتتحاشى النظر في العينين الداكنتين :.ليس هنالك اي شيء اخر للمناقشة ..بالطبع يوجد.اكد لها بحزم ثم استطرد:.نحن هنا لنناقش موضوعك..انا ؟ونظرت اليه بسرعة وعيناها تضيقان :.انا لا شيء بالنسبة اليك,,لامسئوليات على الاطلاق ,انا لست بطفلة تحتاج لرعاية,,وعلى اية حال ,والدي كان شريكا في ساندرسون ليل,, مجرد اشارة لقلم في جعبتك الكبيرة.اتصف صوتها بالحرقة والالم وهي تدرك ذلك,والان ,,مع كون الشركة لاعلاقة لها بها,فانها شبه اكيدة بان الاسم قد اصبح ساندرس ,,فقط,جايمس ساندرسون يسيطر على كل ما تطاله يداه.تمدد في جلسته ومد رجليه الطويلتين القويتين وبدا مرتاحا,,بينما هي تجلس متقوقعة على حافة الاريكة متوترة,,تاملها لدقيقة بامعان ,حتى استشاطت غيظا.الشفتان القاسيتان المؤثرتان زمتا فجاة للطريقة التي كانت تنظر بها اليه,,مدهوشة من سلطته,بالرغم من حقدها المتاصل عليه.سال ببرودة:.ماهي مشاريعك؟برغم اقتناعها بانها يجب ان تخبره بان يهتم ,,بشؤونه ويدعها,لكنها لم تستطع.كان شريك والدها على اي حال ,,عندما تصفى حصتها ,من الشركة سيجري جايمس ساندرسون ,,اتصالاته وجولاته لياتي بشريك يمكنه العمل معه,مع انه يملك معظم الشركة الان..سابقى هنا حتى يباع المنزل ,,قدر مايسمحون لي ,في الوقت الحاضر سابحث عن شقة تناسبني مع جيسي ,يجب ان تكون في لندن ,,لاني لااتحمل مصاريف التنقل بالقطار كثيرا لفترة.ومدت ذراعيها بطريقة بدت معها قلة حيلتها ..لااعلم الى متى سيستمر الامر قبل ان يبداوا بتصريف الامور ,اعني.......اتعنين انك لم تعاني في حياتك من امور وضيعة.فانتفض راسها لهذا الاستهزاء:.اتتوقع باني مررت بتجربة كهذه ؟انا المرهفة!وامتقع وجهها غضبا بينما هو نظر اليها بثبات دون تاثير ..حقيقية ,انت لم تعاني من اي شيء على الاطلاق ,,نهم الصحافة كله كان مضيعة للوقت ,فقط لان اسمي مقرون بالشركة,,لو تعلق الامر بوالدك فقط,يكون لوفاته يومان من الوهج,.,,فاسرار باري وطريقة حياته ربما ستنشر ,ومن المحتمل ان ,,بعض النساء اللواتي عرفهن سيكن مستعدات لبيع قصصهن ان كن يبحثن عن الشهرة ,ولكن الحقيقة ستضع حدا لذلك,,ديون والدك قد سددت ولن يحدث شيء اخر..
ماذا تعني ؟لم يكن رجل نكتة ,ولكنها لم تستوعب ما قاله .فهز كتفيه غير مبال :.قبل وفاته باسابيع ,اراد والدك ان يراني ,,كما طلب ايضا,دانبي مستشاره القانوني,لقد انجزنا العمل,,ويوم وفاته اتينا ايضا لنتمم ما بداناه..ماذا تقصد؟وارتعبت ثانية لعدم تمكنها من ادراك المقصود..لقد اشتريت حصة والدك في الشركة ,,والشيكات قد حررت ,لم يعد هنالك ديون .-حتى هذا لم يكن كافيا..لقد اشتريت المنزل ايضا ,,الدروب الساطعة ملكي الان !!!!.
-فعلتها اذن ,نلت اخيرا كل شيء.واعترتها قشعريرةباردة وانتفضت واقفة ,,واصبح لون وجهها ابيض كالورق...لحظة رايتك عرفت انك انسان خطر,ولكنه لم يستمع الي,,كنت تدرك مجرى الامور,ولكنك انزويت وتركتها على ماهي عليه منتظرا فرصة الانقضاض ,,الان حصلت على كل شيء ,وهو مات.لم تدرك ماكانت تتفوه به حتى رات فورة الغضب على وجهه ,,فوقف منتصبا ورمقها بنظرة باردة كالثلج..كوني حذرة لطريقة كلامك معي ,ياانسة ليل,,انا لست متخصصا باذية الناس,ماذا فعلت؟.,,هل اشتريت مركبا يدعى (حلم العالم؟) هل انا من عرفه على معظم نوادي الميسر على البحر الابيض المتوسط.؟خجلت جيما من نفسها,واشاحت بوجهها متالمة,,ولكن جايمس امسك بكتفيها وادارها لمواجهته:.نعم ,انه الجرح الدامي ,,اليس كذلك ؟النساء!.
كانت والدتي جميلة جدا..مثلك !اكد ذلك واضاف :.اعلم ذلك,باري كان يضع صورة لها في كل مكان يذهب اليه,,على مكتبه ,في العمل هنا........وتوجه نحو طاولة المكتب وفتح الدرج الاول تلقائيا,,ثم اخرج اطارا فيه صورة ووضعه بيدها وتنهد:مادلين اعرفها,اراها كلما نظرت اليك ,,توفيت من زمن ,ولكن ليس بالنسبة له ياالهي !,,ان يحب الانسان امراة بهذه الطريقة,,هو ان يحكم على نفسه بالعذاب مدى الحياة..اذا ,ولم النساء؟وتنفست جيما الصعداء ونظرت الى الصورة ,,الوجه ذي البسمة الرقيقة ,الشعر المشع الناعم .اما جايمس فاستدار مستاء..نوع من تخدير الاعصاب ,بالتاكيد لم يكن يعنين له شيئا ,,كان هنالك مادلين وانت,بالتاكيد كان يراها من خلالك واتخيل انه بين الحين والاخر كانت الامور تتبدل.استدار ثانية ليواجهها:.مامن داع لهذا الكلام الان,فباري لم يكن يدرك مدى خطورة مرضه الا بعد فوات الاوان ,,فقلق عليك ,قلق للغاية في الواقع فكان بيننا اتفاق ,وقد وافقت على ثلاثة شروط ,,اولا الشركة ستبقى تحت اسم (ساندرسون .ليل) ثانيا ستمكثين في ,,(الدروب الساطعة)طالما رغبت بذلك..........
صرخت جيما بحدة:.ان لم ارغب .فبعد الثراء والحياة الرغيدة ,اصبحت الان فقيرة ,,لاتدري ما ستفعل ابدا,والخجل من افتضاح وضعها امامه بهذا الشكل صبغ وجهها احمرارا ,,واثار موجة غضبها ...انه لك الان ,انت تملك كل شيء ,ساغادر غدا.,,فتلعثم وانزعج وارتبك لكل ماذكرت:.لقد ذكرت لك حين دخلنا ,بان الامر يعود لك..ماهو الشرط الثالث ؟,,علي ان اعرف ايضا.ورفعت راسها بفخر لتواجهه بينما في الواقع ارادت الهروب ..الشرط الاخير يعود لك ,كان يريد المستقبل لك ,,المستقبل الحسن ,لقد وافقت على الزواج منك.ذكر ذلك ببرودة وصراحة ,,والاستخفاف بدا جليا وللحظة ظنت بانها لم تسمع جيدا ماقاله,,فنظرت اليه مذهولة لاتفكر بما قال وقد شلتها المفاجاة..انت ......وافقت ..........هذا يناسبني .اجابها من دون انزعاج وبوجه خال من اي تعبير:.لقد اعطيته هذه الراحة في نهاية ايامه,,ولم يكن لدي اعتراض واضح.
الهلع ,الاهانة والقلق غمرتها ,,بدا على وجهها كل ذلك جليا ,فتراجعت الى الوراء ,,بعيدا عنه وتاوهت بصوت خافت ,ثم وقعت ارضا مغمى عليها .وعندما استفاقت وجدت نفسها ممددة على ,,الاريكة وجايمس جالسا بقربها يراقبها بعينيه الداكنتين بدتا وكانهما تسبران غور روحها.هناها باستهزاء :.نقية دون ضجيج ,ولاصراخ ,,انسي الان,ساحاول توضيح الامر في مقابلاتنا ,,الحرجة التالية,لانك فعلا اذهلتني..اضاف بقسوة :.تبدين وكانك تاكلين ما تبقى من فتات العصفور الدوري .وقف وصب لها شرابا منعشا ,وعاد ليناوله لها,,ولكنها بدت غير قادرة حتى على تناوله من يده..اين شجاعتك؟واضاف بنبرة حادة:.ان لمست يدي صدفة لن تجبري على اي شيء البتة.اخجلها كلامه فتناولت الكاس ,,ولشدة رعشة يدها اهتز الكاس بيدها فتناوله منها ,,بعد ان نفد صبره وساعدها على الجلوس مستقيمة لتتمكن من احتساء شرابها . قالت له:.لست مجبرا على هذا.وافقها بغيظ:.لست مجبرا على عمل اي شيء ,وايضا لنفترض نظريا ,,ان بامكاني رميك خارجا في الظلام وارغم جيسي على البقاء..
-ارجوك كن جادا.ولمست يده بهدوء دون تفكير,,فنظر بجفاء الى الانامل الناصعة البياض على بشرته الداكنة .مما جعلها تسحب يدها بسرعة:.اريد النهوض ..حسنا ,ولكني احذرك ,,عليك البقاء ممدوة على الاريكة في مكانك لفترة ,تبدين منهكة ...هل فوجئت ؟وانزلت قدميها نحو الارض وبقيت جالسة ,,مكانها بينما اطلق هو ضحكة قاسية:.كلا لم افاجا, التمهل في اعطائك توضيحا مضيعة للوقت ,,انا لست كما تظنين بي قطعا,ياجيما ,لقد مررت بمتاعبك لسنتين ,مما لايسهل الامرو,,وانا بالتاكيد لست كما تظنين بي..ولماذا اذا لاتزعج نفسك بالافصاح عن ذلك؟.لانني اعطيت كلمتي,كما اخبرتك قبل ان ,,تخري ارضا بلا وعي ,الوضع يناسبني..كيف يناسبك؟ انا لااستلطفك ابدا ,كيف ساقبل ؟؟؟؟؟؟.انظري !,,واستدار حولها فجاة حتى انها قفزت من مكانها :.انا في الخامسة والثلاثين ,ناجح ,ثري وغير متزوج ,,اود العيش في (الدروب الساطعة) ,هذا المكان لطالما اغراني ,,ومن الطبيعي ,اريد مضيفة ,.,,ورايتك دائما تقومين بهذا الدور ,ولن يتفوق عليك احد..
-لااظن بانك تدرك فعلا ماتقوله,,الناس لاتتزوج لهذا السبب .
وافقها ببرودة:.انهم يتزوجون للسبب الذي من اجله تزوج والدك من مادلين ,,الحب الابوي عدا عن انه غير موجود لاسباب عدة,كانت البداية قاسية ياانسة ليل ,,,وليس عندي الرغبة بنهاية قاسية ,انه اتفاق عمل,,جزء من الصفقة التي عقدتها مع والدك ,لاحب ولاحزن ,اردت زوجة جميلة ,تقدر الجمال ,,تعودت على الثراء وتقدره,ستحصلين على كل شيء تريدينه,ستنالين الرفاهية والامان,,وستحصلين على اسمي ,ولكن بدوني ........!!!صرخت جيما :.لااريدك ,اكره رؤياك.
-.لماذا ؟سؤاله المفاجيء اذهلها واحمر خداها برقة:.كيف لي ان افسر شيئا كهذا ؟,,انه غريزي ميزتك .........بطريقة ما ,اراك بوضوح كما انت..
-وماانا عليه جيما ؟اعرف باني تافه وقاس..
-لم اقل هذا ,وحتى اني لم افكر به..-اذا ,ولم الكراهية؟.انت خطر ,,عرفت ذلك منذ رايتك ,واراه الان.واذا بها تنظر بعمق في عينيه ,,
فرجع وجلس قربها وعينياه الداكنتان تتفحصانها,,وليضايقها اكثر اخذ يمرر انامله الطويلة على صفحة وجهها فاحست برعشة غريبة..
-انت خيالية, ياانسة ليل ,خيالك جامح..لدي حس قوي بالوقاية الشخصية .واشاحت بوجهها محمرة الخدين ثانية ,واكثر من ذي قبل ..لم اكن اريد الكلام عن هذا ,, ان لم يكن لديك مانع ,وعلى اي حال.,,اضافت متابعة بعد ان طرات لها فكرة:.ماذا عن الانسة بريسكوت......؟.
-اتعنين حبيبتي ...؟ ,,لاتخافي ,افضي مما عندك ,فالكلام القاسي لايضر بروما .
أنت تقرأ
روايات عبير/ احلام: حلم صعب المنال
Romanceجايمس ساندرسون ,مستبد ,وسيم ,وبارد كصخرة سوداء,خلف بريقه ,ولمعانه وسفسطائيته . علمت جيما ان هناك قطة برية تتربص لتاخذ ماتريد,وهو يريدها. وفاة والدها والظروف المستجدة قد منحت جايمس اليد الطولى في التصرف ,اوضحت جيما انها لا تحبه او تستلطفه . ولكن الطر...