مناجاة الخائفين

155 16 17
                                    

.
-- مُناجاة الخآئِفينَ

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ،

إِلهِي أَتُراكَ بَعْدَ الإِيمانِ بِكَ تُعَذِّبُنِي، أَمْ بَعْدَ حُبِّي إِيَّاكَ

تُبْعِّدُنِي، أَمْ مَعَ رَجائِي لِرَحْمَتِكَ وَصَفْحِكَ تَحْرِمُنِي، أَمْ مَعَ

اسْتِجارَتِي بِعَفْوِكَ تُسْلِمُنِي؟ حَاشَا لِوَجْهِكَ الكَرِيمِ أَنْ

تُخَيِّبَنِي! لَيْتَ شِعْرِي أَللْشَقَاءِ وَلَدَتْنِي أُمِّي أَمْ لِلْعَناءِ

رَبَّتْنِي؟ فَلَيْتَها لَمْ تَلِدْنِي وَلَمْ تُرَبِّنِي، وَلَيْتَنِي عَلِمْتُ أَمِنْ

أَهْلِ السَّعَادَةِ جَعَلْتَنِي، وَبِقُرْبِكَ وَجِوَارِكَ خَصَصْتَنِي، فَتَقِرَّ

بِذلِكَ عَيْنِي وَتَطْمَئِنَّ لَهُ نَفْسِي. إِلهِي هَلْ تُسَوِّدُ وَجُوهاً

خَرَّتْ سَاجِدَةً لِعَظَمَتِكَ، أَوْ تُخْرِسُ أَلْسِنَةً نَطَقَتْ بِالثَّناءِ عَلَى
مَجْدِكَ وَجَلالَتِكَ، أَوْ تَطْبَعُ عَلَى قُلُوبٍ انْطَوَتْ عَلَى مَحَبَّتِكَ،

أَوْ تُصِمُّ أَسْماعاً تَلَذَّذَتْ بِسَمَاعِ ذِكْرِكَ فِي إِرادَتِكَ، أَوْ تَغُلُّ

أَكُفّاً رَفَعَتْها الآمالُ إِلَيْكَ رَجاءَ رَأْفَتِكَ، أَوْ تُعاقِبُ أَبْدَاناً

عَمِلَتْ بِطاعَتِكَ حَتَّى نَحِلَتْ فِي مُجاهَدَتِكَ، أَوْ تُعَذِّبُ أَرْجُلاً

سَعَتْ فِي عِبادَتِكَ؟ إِلهِي لا تَغْلِقْ عَلَى مُوَحِّدِيكَ أَبْوابَ

رَحْمَتِكَ، وَلا تَحْجُبْ مُشْتَاقِيكَ عَنِ النَّظَرِ إِلى جَمِيلِ رُؤْيَتِكَ،

إِلهِي نَفْسٌ أَعْزَزْتَها بِتَوْحِيدِكَ كَيْفَ تُذِلُّها بِمَهانَةِ هِجْرَانِكَ،

وَضَمِيرٌ انْعَقَدَ عَلَى مَوَدَّتِكَ كَيْفَ تُحْرِقُهُ بِحَرارَةِ نِيرانِكَ؟

إِلهِي أَجِرْنِي مِنْ أَلِيمِ غَضَبِكَ وَعَظِيمِ سَخَطِكَ، يا حَنَّانُ يا

مَنَّانُ، يا رَحِيمُ يا رَحْمنُ، يا جَبَّارُ يا قَهَّارُ، يا غَفَّارُ يا سَتَّارُ،
نَجِّنِي بِرَحْمَتِكَ مِنْ عَذابِ النَّارِ، وَفَضِيحَةَ العارِ، إذا امْتازَ

الأخْيارُ مِنَ الأَشْرارِ، وَحالَتِ الأَحْوالِ وَهالَتِ الأَهْوالِ،

وَقَرُبَ المُحْسِنُونَ وَبَعُدَ المُسِيئُونَ، وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ ما

كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ.

(( للإمام علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام الملقب بزين العابدين ( السجاد )

((أجمع حقيبتك للسفر))Wo Geschichten leben. Entdecke jetzt