أغلقت الهاتف بشعورٍ مُبهم ، لا أعلم ما الذي يجب علي فِعله تحديداً ، هل علي الإستجابة لـ باتريك ، و العودة إلى المنزل؟ أم علي تجاهُل الأمر برمته كما اعتدت أن أفعل ، هل الأمر حقاً زائدٌ عن الحد المعقول ؟ تخطى الحدود للسيطرة عليه!!! ؟ ، لمَ كان على باتريك الإتصال بي ! ، ألم يملك حقاً طريقةً أُخرى لتفادي ما حصل !، بالرغم من عدم علمي لما حدث تحديداً ، إلا أن صوت باتريك المليء بالهلع وإصرُارُه على الإتصال بي أجده أمرٌ مُريب !، كذلك صوت جون الغاضب وذلك الحطام ، خلق فيني شعوراً غريب ملأني الفضول حول ذلك المنزل الساكن الأقرب من هدوءه الموت ! ما الذي صنع منه ضجيجاً مُربكاً الآن ؟، حسنا كُل تلك التساؤلات ستُرمى في التَّجاهُل غير أن هُنالك ثقلاً في صدري صَعُبَ علي تجاهله ، فقد مضت خمْسُ سنواتٍ مُنذ تركُت المنزل .
وضعت هاتفي في جيب بنطالي ، و أكملت مُخططي المُسبق ، ذهبت للتبضُّع من البقالة ، و أمضيت على مطعمٍ في الجوار ، قمتُ بطلبِ طبقٍ من المعكرونة ، أكلتها على عجل ، ثم ذهبت لأستنشق بعض الهواء في الخارج ، بجانب الطريق كان هُنالكَ كُرسيٌ جلستُ عليه أتأمل في المارَّة ذهاباً وإياباً ، عند عامود الإنارة كان هنالك شاب و فتاة ، على الأرجح أنهما ثنائي حديث ، استنتجتُ ذلك من تصرُّفاتِ الفتاةِ الخجلةِ وتملق ذلك الشاب لها ، وضع يديه على كتفها وأكملا السير حيثُ وجهتهما ، لتوميء هي الأُخرى برأسها خجلاً و تنظر له على استحياء ، لابُد أن يكون شعوراً جيداً كبداية لهما ،
مرت في ذاكرتي أجزاءٌ من ذكرى ماضية ، تربطُني بـ إيما . حيثُ كانت لنا تصرُّفاتٌ مُشابهة لذلك الثنائي ، إبتسامة إيما الخجلة ، و حيويتها الدائمة ، شعرها المُنسدل ، كذلك إحمرار وجنتيها خجلاً ، بالرغم من جرأَتِها وقوَّةَ شخصيتها ، إلا أن جانبها الخجول ظهر أمامي بكل وضوح ، لا زلت أذكرمزحاتي القاسية التي تجعلها تحمر خجلاً ، شخصيتها العنيفة وإصرارها على ما تريد ، فتاة عادية ، إلا أن عفويتها المُمتعة أمرٌ فاتِن ، في تلك اللحظة عارضت إبتسامتي ذكرى لحظة إنفصالنا بعد مواعدةٍ لا تقلُ عن ثلاثِ سنوات ، لتختفي ابتسامتي اللحظية تلك ويتَحَرَّك فيني الشعور السيء مرةً أخرى بعدما بالكاد ألقيته في النسيان ، فدبَّت الحياة مُجدداً لتلك المشاعر المقيتة ، مشاعر الكُره ، بل أنها تُصورت لي كأبشع إحساس يسكن داخلي .
أنت تقرأ
و أُرخت السُّدول.
Randomأُدعى بدان، ذو السبع والعشرون عاماً ، شابٌ أقطن في أرضٍ من فراغ ، لا مُسمى لها ، ولا مكان مُحدد انتقل حيث شئت ، غير أن الحياة تفاجِئُنا بتصادم أحداثٍ متعددة ، ما قد اكون ممتناً له ، خبرتي المُكتسبة من كُل تلك المواقف ، غير أن كُل ما نمر به ، يُعط...