فهذه قصة فتاة ابتليت بمس من الجن ، وقد عايشت القصة لحظة بلحظة، ولو نُقِلت ليَّ أحداث تلك القصة لكنت أول المكذبين بها ، ليس ذلك لأني أنكر صرع الجن للإنس ، حاشى لله أن أعتنق أو أفكر بذلك ، بل لأن الاعتقاد السائد عندي أن صرع الجن للإنس لا يتجاوز تخبط الإنسان وتغييبه عن الوعي ، أو إيذائه في جسده بالأمراض والأسقام التي لم ولن يجد لها الطب في القديم والحديث تفسيراً أو علاجاً في كثير من الأحيان ، أما التشكل والظهور والتحدث مع المصاب وتحريك الأشياء وغير ذلك من الأحداث التي رأيتها وعاينتها بنفسي لم أكن لأصدقها لو أنها نقلت ليَّ من الغير ، أو ربما لأحلتها إلى أسباب نفسية بحتة ، ولكن أبى الله سبحانه وتعالى إلا أن أرى بعيني وأسمع بأذني ، وهذا ما زرع الإيمان في قلبي ، والتصديق في عقلي ، ولا حول ولا قوة إلا بالله أولاً وأخيراً 0
كانت الفتاة في مقتبل العمر وتبلغ ثلاث سنوات ، وهيّ طفلة جميلة لطيفة وكان ترتيبها العاشرة بين اخوتها ، وأبوها شيخ كبير قد بلغ من الكبر عتياً ، أما الأم فقد تعبت من كثرة الأولاد وقد استعانت بالاخوة في تربية الفتاة التي لم يكن أحد يختص ويهتم بشؤونها 0
وذات يوم من أيام العيد ألبسوا الفتاة الصغيرة أحسن ثيابها وزينوها كي يذهبوا في زيارة إلى مدينة تبعد ساعة إلا ربع عن مدينتهم الأصلية ، وفي زحام فرحة العيد وكثرة الأولاد ركبوا السيارة وتركوها في البيت العربي القديم الذي كانوا يسكنونه 0
خافت الفتاة وبكت بكاءً شديدا ً وبقيت على هذه الحالة مدة من الزمن ، فقدر الله سبحانه وتعالى أن يدخل أخاها الأكبر إلى المنزل ويراها في حالة سيئة للغاية ، وأدرك الموقف فضمها إلى صدره الحاني ولحق بالركب وأدركهم في الطريق 0ومنذ ذلك الوقت أصبح ينتابها حالة بكاء وتشنج ، بحيث تفتح فمها ويسودّ لونها دون أن تُصدِرَ أيَّ صوت يذكر ، وتبقى على هذه الحالة إلى أن يُرش عليها الماء البارد فتعود إلى وعيها وإدراكها 0
وحين بلغت سن الرابعة توفي أبوها ، وبقيت تأتيها الحالة السابقة إلى أن دخلت المدرسة في سن السادسة من عمرها ، وأصبحت الإصابة تراودها من فينة لأخرى إلى أن انقطعت في المرحلة المتوسطة 0
وكانت الفتاة في هذه المرحلة محل إعجاب وتقدير من قبل أهلها ومدرساتها وزميلاتها وكل من تعامل معها ومن كان حولها ، وكانت ذات خلق وأدب وحياء ، ولكنها كانت تميل إلى العزلة والانطواء على نفسها ، مع أنها كانت متفوقة في دراستها وتكره سفاسف الأمور ومنكرات الأخلاق والآداب ، وقد كان يَرى الجميع فيها كل ما يتمنى أن يراه في فتاة في مثل عمرها 0وفي ذات يوم من شهر يونيو آخر يوم من أيام امتحانات المرحلة المتوسطة حيث كان الجو شديد الحرارة ، خرجت الفتاة من الامتحان مفعمة بالسعادة والفرح تنتظر الأهل ، وطال الانتظار ، ذهب الجميع ولم يبقى مع المشرفة إلا القليل من الطالبات ، فأصيبت بحزن شديد لم يلبث أن تحول مع الانتظار إلى غضب عارم أصيبت على أثره بحالة إغماء ونقلت إلى داخل المدرسة ظناً أنها قد أصيبت بضربة شمس 0
ومنذ ذلك اليوم أصبحت تنتابها حالات بكاء شديد مع صرع خفيف قد يسبق الحالة أو يعقبها ، وكان هذا البكاء غريباً نوعاً ما ، حيث أنها كانت تفتح فمها ، وتجحظ عيناها ، ويصدر منها صوت على نغمة واحدة طويلة متصلة آ آ آ آ آ آ ، ويستمر الأمر على هذا الحال مدة من الزمن ، وكان أكثر ما تصاب الفتاة به في هذه الحالة في مواقف الضيق والحزن والغضب ، وكنا في كثير من الأحيان أثناء إصابتها بالنوبة ننقلها إلى المستشفى ، فيخبرنا الأطباء بأن هذه الحالة تعرف من الناحية الطبية بما يسمى ( هايبر فينتليشن ) ( Hypr Ventalation ) ، وأخبرونا كذلك بأن هذه الحالة تصيب الفتيات في مقتبل أعمارهن ولا داعي للخوف من ذلك ، ويكتفي الأطباء أثناء تلك النوبة بإعطائها إبر من نوع معين إضافة إلى استخدام المغذي ( الجلكوز )0
أنت تقرأ
قصص مرعبة
Kinh dịقصص جن حقيقية تحكي عن الجرائم التي ارتكبوها منذ زمن وأيضا حدثت لأناس حقيقين يرون قصصهم