● لقاء صامت ●

1.1K 20 4
                                    

التقت عيني بعينها ، أيعقل أن تكون هي ..؟
معشوقتي ، طفلتي ، صغيرتي الضائعة ..!
وقفتُ أمامها عاجزًا عن القيام بأي تصرف يكسر حاجز الصمت بيننا .. و لكن في تلك اللحظات القصيرة .. تذكرت معاناتي لثمان سنوات عشتها كأنها العمر كله .. تذكرت الألم الذي عشته بغيابها ..
أكسجيني هي .. أحسست أنني كنت أحتضر لثمان سنوات متواصلة .. و الشئ الوحيد الذي أحيا لأجله هوا أملي أن ألتقيها يوما ما ..!
رأيتُها اليوم أمامي، لا يفصلني عنها سوى سنتيمترات قليلة .. أحسست أنني أتنفس الصعداء .. كأنني أستنشقت الأكسجين لأول مرة بعد ثمان سنوات من الاختناق .. كأنني رجعت روحا بعد أن كنت جسما بلا روح .. !
و ما قاطع تفكيري هو رؤيتها تبتعد بعد أن لم تجد مني أي أقدام على الحركة أو الكلام ..!
رأيتها تدير لي ظهرها .. و أحسست بالاختناق شيئا فشيئا .. كأن الأكسجين ينعدم من الهواء .. أصبحت روحي تسحب من جسدي بعنف و ببطئ شديد كلما ابتعدت معشوقتي .. أ غبي أنا لأدعها تبتعد عني مجددا ..؟! أ غبي أنا لأدع الزمن يحطمني بفراقها كما فعل في السابق ..؟!
استجمعت شتات قوتي .. واستنشقت بقوة كل أكسجينها الباقي في الهواء من حولي .. و عزمت أنه مهما حدث .. لن أرحل دون أن تكون هده الصغيرة صغيرتي .. و هذه الشقراء ... شقرائي ..♥
ناديتها .. ناديتها بصوت عالٍ لا تفسير له .. فالمسافة التي بيننا قصيرة .. وهي لا تحتاج إلى كل هدا الصراخ لتسمعني ..
و لكنها لم تعلم أنني فعلت هذا لخوفي .. بل لرعبي بأن أفارقها .. صغيرتي ..!
ناديت ..
التفتت هي و إذا بي أفقد كل ما استجمعته من قوة عندما التقت عيني بعينها الفاتنة .
تسائلت كيف عشت هذا الوقت .. دونها ..
تنفست بسرعة لأخزن ما أستطيع من أكسجينها ..
أستجمعت طاقتي من عينيها بينما هي نظرت لأسفل في حياء ..
تلعثمت فيما أنطق  .
- ك .. كيف .. كيف حال أبيك  و أخيك أواب ..؟
لا أعلم لمَ لم يخطر ببالي سؤال أفضل .. و كم تمنين أن تكون هي أكرم مني في الأجابة رغم بخلي في السؤال ..
نظرت لها بعينين مفتوحتين إلى أقصاهما .. و أنا أنتظر فمها الفاتن لينطق .. كادت أذني أن تخرجا من مكانهما لتسمع ما ستقول من قبل أن تقول .. تمنيت أن أحتل خلايا عقلها لأعرف فيما تفكر .. و ماذا ستقول ..!
و بعد كل هذا الانتظار .. أجابت بصوت كدت لا أسمعه :
- بخير
بخير ..؟ كنت خائب الظن جدا .. ثمان سنوات من الانتظار و الشوق و اللهفه .. و تجيبني الأن ببخير ..؟!
كنت حقا أحتاج إلى أكثر من كلمة بخير ..!
حتى و أن لم أسألها السؤال المناسب .. تمنيت أن تجيبني الإجابة المناسبة ..
ألا تفهمين .. أخبريني عنك .. ماذا حدث بغيابي ..؟ أخبريني عنك أنت فقط .. من أساء إليكٍ .. من أحزنك ..؟! من أبكى عينيك .. أو كسر قلبك ..؟
بريئتي و طفلتي أنت .. 
معشوقتي وتيني أنت ..
كنت خائب الظن جدا بإجابتها ..!
نظرت إليها و أنا ضمآن .. أحتاجها ..
أحتاج لمحادثه طويلة لا تنتهي معها ..
أحتاج أن أروي عينيّ بها ..
لن يتحسن حالي ..
و لن ترجع لي روحي ..
حتى أتأمل في إبداع الله في خلقها ..
كم أشتهي أن أجلس و أتحدث معها ثمان سنين أخرى ..
هذا الشئ الوحيد الذي من الممكن أن يشفيني ..
أن أجلس و أسمعها تتحدث فقط ..
دون أن أقاطع ..
دون أن أتكلم ..
بل فقط أسمعها و أراقبها ..
أراقب كل حركة صغيرة منها ..
فسعادتي ..؟ هي كل شي ناتج عنها .. كل شيء متعلق بها ..
أشتهي أن أسمعها .. و أراقبها .. و كفى ..

⚜ صَغـيرتـِي الشـَّقـرآء ⚜Where stories live. Discover now