الحلقة الأولى

370 8 9
                                    

خرج الطبيب من غرفة العمليات وعلى وجهه علامات الأسى والحزن ..نظر الى عائلة المريض الذين قتلهم الانتظار ..كيف له ان يخبرهم انه فارق الحياة ..لن يحتملوا هذا الخبر ..لقد كان لهم كل شيء على الرغم من كبر سنه ..لقد كان الواعظ لهذه العائلة ..وله الفضل في الثراء الفاحش الذي يعيشون فيه ..لقد كانت له منزلة في قلب كل فرد منهم ..لم يتركوه وحيدا في دار للمسنين ..لم يتخلوا عنه ..
لاحظ فريد خروج الطبيب من غرفة العمليات فأسرع اليه كما انتبه الجميع اليه ..
الطبيب : انا مش عارف اقولك يا فريد بيه ..البقية في حياتك
فريد : اييه ؟؟ لالا مش ممكن يموت ..انت مش فاهم حاجة ..انا هاخده دلوقتي لأحسن مستشفى في العالم وهيبقى كويس وهيفوق ..انت حمار متعرفش حاجة في الطب ..سيبني آخده ..سيبني ..
أمسكه الطبيب من يديه ..لقد كان فريد صديقا للطبيب خالد ولطالما استمع لنصيحته فهو بالنسبة له أخ وصديق وكان دائما ما يثق في قدرته على علاج جميع الأمراض المستعصية التي تواجه البشرية ..لكنه اليوم لم يكن كذلك ، انه لم يعرف الدواء لمرض والد فريد ، لقد مات والد فريد بين يدي صديقه وهو عاجز عن علاجه ، لابد لخالد أن يقف بجوار صديقه في محنته
خالد :متعملش في نفسك كدا يا فريد ،قدر ربنا مينفعش نعترض عليه ، ربنا أراد كدا ..
فريد : انا مش قادر اصدق انه مات ،دا مكانش ابويا بس يا خالد ،دا كان ابويا واخويا وصاحبي وكل حاجة في حياتي وكان الأب التاني للعيال ،لو انا استحملت العيال مش هيستحملوا ..
خالد :لازم تفهمهم يا فريد ان دا قضاء ربنا وحكمته ،وربنا يصبركم على فراقه ..
فريد :يا رب ..
نظر فريد الى زوجته فوجد عيناها امتلأت بالدموع ، فأسرع اليها وضمها اليه وهو يحاول تهدئتها ..
فريد :اهدي يا رقية مش كدا ،لما انتي تعملي كدا امال العيال هيعملوا اييه ؟
رقية بصوت باكي ومتقطع : يا فريد انت ..... انت عارف ان ابوك كان زي ابويا الله يرحمه ،وعارف ....عارف كان طيب معايا ازاي وانه علمني حاجات كتير وساعدني في تربية الأولاد و عمل كل الفلوس دي بالحلال ، انا مش هقبل فكرة اني مش هشوفه تاني .
فريد : بس يا رقية مينفعش تعملي في نفسك كدا،لازم على الأقل نبقى متماسكين قدام الأولاد
رقية : ماشي ..ربنا يرحمه برحمته ..

فريد مصطفى النشوقاتي هو رجل أعمال مشهور وله مكانة مرموقة في المجتمع ويعود الفضل في ذلك إلى والده مصطفى النشوقاتي الذي عمل طوال حياته على جمع ثروة بالمال الحلال وقد نجح في ذلك ،كما انه قد علم أحفاده كل شيء في عالم الأموال لكي لا يقعوا في أخطاء من بعد أبيهم ..فريد النشوقاتي هو في اوائل العقد السادس من العمر و هو صاحب شركة عالمية للأجهزة الإلكترونية، وله من الأموال ما يكفي لفعل أي شيء يريده لكن المال لم يكن يشكل اي سعادة له ،فالسعادة الحقيقية بالنسبة له هي وجود احبائه حوله وها هو قد خسر أحد احبائه للأبد وخسر معه جزءا كبيرا من سعادته ..فريد النشوقاتي متزوج من رقية الحديدي بعد قصة حب استمرت من أيام دراستهما الى يومهما هذا ،وحتى بعد الكم الهائل من الصعوبات التي واجهوها والتي لم تقلل ولو جزءا يسيرا من حبهما ..

على الجانب الآخر
في غرفة ما بمنزل فريد النشوقاتي ..
فتاة ما تمشط شعرها الذهبي وتنظر للمرآة ،عيناها الزرقاوتان الواسعتان هما اول ما يلفت النظر اليها ، بشرتها بيضاء كالثلج ،ورثت هذا الجمال عن والدتها رقية ..هي كاميليا فريد النشوقاتي ، البالغة من العمر تسعة عشر ربيعا ، الابنة الوسطى لفريد وكل حياته لانها فتاته المدللة بين اخوانها ،كانت المفضلة لمصطفى كما هي المفضلة لفريد ،وكانت دائمة الجلوس مع مصطفى الذي احبته من كل قلبها ولهذا لم يخبروها بخبر انتقاله الى المشفي حتى لا يصيبها مكروه ...
هبطت كاميليا إلى الطابق الأرضي من منزلها والتي عادة ما تتناول افطارها فيه مع عائلتها ..
كاميليا : مامي ..دادي ..انتو فين ؟؟
الخادمة :نزلوا من بدري يا هانم
كاميليا :نزلوا ازاي من غير ما يعرفوني ؟؟
الخادمة :معرفش والله ..نزلوا مع مصطفى بيه
كاميليا : اييه ؟! راحوا فين مع دودي
الخادمة :مصطفى بيه تعب اوي الصبح ونقلوه المستشفي
كاميليا : what ?? وازاي محدش يعرفني
الخادمة : اكيد مش عايزين يزعلوو......
لم تنهي الخادمة كلامها حتى دفعتها كاميليا بكلتا يديها وانطلقت في طريق غرفة اخيها ياسر
كاميليا : ياسر انت كنت عاارف ان دودي تعبان
ياسر : اييه ؟! مصطفى مالوا
كاميليا :مش عاارفة ..هي بتقول انه تعب اووي
ياسر :انا لازم اروح للدكتور خالد ،اكيد هو عارف لأن بابا بيثق فيه
كاميليا :طب انا جاية معاك
ياسر :اوكي جهزي نفسك بسرعة ..
ياسر فريد النشوقاتي هو الابن الأكبر لفريد ،في منتصف العقد الثالث من عمره ،يتميز بوسامته التي ورث الجزء الأكبر منها من والدته كما الحال مع اخته ،عيناه خضراوتان وشعره اسود كما تميز ببشرته الحنطية التي ورثها عن والده مما اعطاه جاذبية شديدة ،تخرج من كلية إدارة أعمال أمريكية في القاهرة وأظهر كفاءة عالية في هذا المجال مما دفع بفريد ليعنيه في هذه الشركة ليصبح أصغر نائب مدير بها ...
يتبع ...

أهذا هو العشق ؟؟حيث تعيش القصص. اكتشف الآن