لم تكن سوا أيام حتى هبت على رأس الملاك فاجعة أخرى، فسمع الامرأة تنادي "لقد نقل عمتك وعمك إلى المشفى لعلاجهم، جراء سقوط صاروخ في الباحة المجاورة إلى منزلهم، يا رب يا الله إحمهم"
توالت الأفكار محطمة درع طفولته، نقلته من عالم الأحلام الوردية إلى صميم رشده... فكر و تأنى، وخلاصة ما أنتجه تفكيره الطويل "إن الله قدر لي البقاء هنا، لو أنني ذهبت للمكوث في بيت عمي لربما وافاني الفناء "
الحمد لله
انتقلت الأخبار كالوباء، و لسلامة عمه وعمته يهنئون، هو سعيد لسلامة الأحباء، وهم على مشاعره قلقون، هو قد اكتسب شحنة عظيمة، وأملا للبقاء، وهم من المستقبل خائفون ..
وهذا ما امتاز به طفلي الصغير
.
.كبر صغيري وأصبح في الثالثة عشر، وقد مر عام، عام تحت الحصار، بين أذرع الدمار، من سعادة أصدقاءه الجاهلين يغار، هم لم يجربوا مرارة ما جربه "لم أنا ؟" يسأل ويحتار ..
لكنه سرعان مايتراجع عن غيرته "هم لايدركون الواقع، وقد وهبني الله نعمة الادراك، فلأدعهم في جهلهم يلعبون، ولأعمل لمستقبل افضل"
صغيري قد امتلك عقلا أكبر من عمره، امتاز عن كل أقرانه بحبه، وأمله ،وتطلعه، وشغفه، وعمله، و إرادته، ومسؤوليته التي تفوق حجمه، ولى
نفسه بها منذ يومه المشؤوم، "سوف أحرر بلدي" هذا هو هدفه ..لكن لا مستقبل له، فمنذ بداية المسرحية الهزيلة المسماة بالإنقاذ توقفت المدارس، وانقطعت السبل، فأنى له تحقيق هدفه !؟
وهاهو صغيري لا يستسلم، فسمح لخياله بالفيض، وأفرغ لب مشاعره على ورقة وقلم، هادفا أن يغير بكتاباته مسرى حياته، ناحتا فيها لوحة فنية من الأحرف الصادقة، قد تخللها الصب للراحلين، والحب للمقيمين، قلما تجدها مثلها في هذا الزمن ..
.
استجاب القدر و فتح ذراعيه حانيا، و فتحت المدارس، رغم الظروف بعد انتظار طويل، فهرع نحوها الطفل متفائلا ومناديا "مرحبا بغد أفضل و ماض تطويه صفحات النسيان دائما وأبدا" هو يشعر بالسعادة، والأمل مجددا.. "لازال يمكنني العيش" حامدا.. "لازال يمكنني التغيير"آملا ..
.
.هذا هو ملاكي، لا زال يكد بحثا عن حلمه الصغير ..
قد ملأته العاطفة الصادقة شوقا للبذل، و التغيير ..
عامان قد مرا منذ اليوم المشؤوم تحت الحصار .. هذا كثير !
لكن طفلي ذو دافع صلب، وأمل كبير ..بأنه ويوما ما، سوف تكون أحداث الحاضر ماضيا، و القادم أفضل ندون ما فات منها على كتب التاريخ، ونلزم بدراستها أجيال المستقبل
ولا أحد يعلم مالذي بخبئه له القدر
#تمت_بتاريخ
4/يونيو/2016
أنت تقرأ
حلمي الصغير *مكتملة*
Non-Fictionكان ولطالما كان في قديم و حديث الزمان وماضي الوقت وحاضره و لاحق الأوان كان ولازال في صغيري قصة أطفال العرب مزقت وردية أحلامه و ألصقت بسواد الواقع كسر أمله، و أحرقت حياته بلهيب المدافع .. قلبه ينادي "هل من محيص؟" وعقله يداري "اصبر فإن الله مع الصا...