الفصل الأول

4.8K 254 70
                                    

مقلتان صغيرتان، تعكسان بلمعان العبرات صورة الأفق الملتهب، يجاري بالتهابه التهاب شمس المطلة جهة المغرب.. كالبلور نقاء وكالزجاج صفاء؛ كأنما لم تخلق لتحزن، لكن قسوة القدر جعلتها تذرف دموعا حارة بينما تعجز عن استيعاب الواقع ..

خطوة بعد أخرى تحرك جسد الملاك الصغير نحو منزله، خنقته العبرات..
هو فقط ذهب ليشتري بعض الحلوى بعد أن أخذ الإذن، خانته الكلمات..

"هل أنادي ؟ بل هل من مجيب ؟ .. هل ادخل ؟ بل هل من باب ؟ ..
هل اقترف فؤادي البريئ ذنبا لأخسر منزلي ؟ أم أنها جريمة عوقبت
عليها باستهدافه بأسلحتهم، التي لم يسبق لأحلامي الوردية أن رأت
،أو تصورت، أو فكرت بمثلها"


أسر قلبه أسفل الحطام، و توحد جسده تحت السماء الباكية..
لا القلب راض بما حل ..
ولا الجسد قادر على الرحيل مع من رحل..

تناثرت قطع الحلوى بعد أن اصتدم به البشر هنا وهناك يركضون لإخماد ما
اشتعل، بينما جسد الصغير كالقشرة بدون محتوى، يجاري شعره الأسود في التمايل مع الرياح المبللة بنقاط المطر..
قد أصابت وجهه الأبيض الناعم قطع من زجاج تناثرت بفعل الضغط، التي
لطالما امتازت به الصواريخ .. يسأل وحسب ..

مالذي جرى ؟

.

سقط بخفة، مكسور الجناح ،وسط حشود البشر، وسرعان مالتقطته يدان
حنونتان اقتادهما القدر، ولكن هل لهذا أن يلملم شتات ما انكسر ؟

برفق وضعته على كرسي في منزلها، بغية ابعاده عن الحشود ..
قد تخللت أذناه الصغيرتان أصوات الوفود، كانت سيارات إسعاف قصدت
الموقع المقصود، وما لبث حتى مزق أسماعه الصوت المعهود ..

ارتمى الطفل والأمرأة على الأرض، تجنبا لتناثر ماتبقى من الزجاج..
فقد كان صوتا لانفجار آخر حطم الفؤاد، فهرعت الامرأة المسكينة،
تطمئن على فلذات الأكباد، ولكن الفاجعة قد مزقت الأجساد ..

وصنعت لوحة من الدماء لاتحتمل


يتبع ...

حلمي الصغير *مكتملة* حيث تعيش القصص. اكتشف الآن