قُبلة الموت

285 27 13
                                    

إلتفتت آنا والدم يسيل من فمها وقالت بإبتسامة متألمة : هل تراني مفيدة الآن؟
أصيب ماني بالذهول من هول المشهد، فصرخ بأعلى صوت قائلاً: لمَ فعلتي هذا؟
فسقطت على الارض وقالت له: لأنني أردت أن أجعلك تختبر شعور أن تُحمى بدلاً من أن تحمي لمرة، أردت أن أحميك أنت دون الآخرين لأدعك تشعر بالحرية، فليس فرضاً عليك أن تحمي الجميع كل الوقت، بل يمكن أن يضع الآخرين حياتهم من أجلك، وذلك ... وذلك (تتكلم بتألم شديد) وذلك لأن حياتك مهمة أيضاً....
صرخ ماني بأعلى صوته: ماثيو، أين أنت ؟ إذا كنت تسمعني فتعال حالاً إلى هنا....
جاء ماثيو مع هبوب الريح مسرعاً، تعجب مما رأى، فآنا ملقاه على الارض ومغطات بالدماء تماماً وعلى وشك الموت من كثرة النزيف وماني ينظر بحقد إلى هاور ثم قال له: ماثيو بسرعة إحملها وخذها إلى الكوخ وقل لساندي بأن تذهب إلى إحدى الصيدليات القريبة لتشتري الدواء والمطهرات، أعطني بضع دقائق وسألحقك...
بلع ماثيو ريقه وفعل ما اخبره ماني من دون كلمة لعدم فهمه لشيء وقال له: أخي أرجوك لا تتهور معه...
رد ماني بغضب: لا تقلق فأنا على علم تام بما سأفعله، إذهب أنت الآن بسرعة...
إنطلق ماثيو مسرعاً بإتجاه الكوخ حاملاً آنا المصابة بين ذراعيه وداعياً ربه بألا تموت وبنفس الوقت يخبر ساندي بأن تذهب إلى الصيدلية كما اخبره ماني تماماً....
وفي خضام الحدث، نظر ماني إلى هاور قائلاً: كنت تعلم صحيح؟
أجابه هاور وهو يضحك: اوه أتقصد عندما جاءت ابنة البروفيسور أمامك، بالتأكيد كنت أعلم بقدومها حتى أنني إنتظرت لحين تقف أمامك لأقتلها، أتعلم لمَ ؟ لأنني أريدها أن تموت أمام عينيك وبعدها عندما تلتقي بالبروفيسور تخبره بمدى ضعفك وعدم كفاءتك بحماية الفتاة التي تعهدت بحمايتها، أو (ووضع له شيئاً في جيبه وتكلم هامساً في اذن ماني) أن تفعل ما في بالنا لها وبذلك تنقذها، وتجعلها تفقد إنسانيتها أمام والدها، وبذلك يكتمل إنتقامي منه و يكون إنتقاماً مثالياً(ضحكة هستيرية)
أمسك ماني هاور من عنقه وشد عليه قائلاً: أيها الحقير، لمَ عليك أن تصل لذلك الحد، اه، ما ذنبها هي، لم تفعل لنا شيئاً، لقد وجدت نفسها فجأه جزأ من كل هذا، والآن تريد مني تحويلها الى آكله لعيون البشر، أنت تحلم صدقني هاور، البروفيسور سيشكرني لأني جعلت ابنته تموت على أن احولها إلى وحش...
دفع هاور ماني ووضع يده حول عنقه قائلاً: أيها الحقير كدت أن تخنقنقي، على العموم أنا أعلم أنك بالنهاية ستعلم أن طريقك تلك وجهدك معهم لا طائل منه، لذا سأظل أنتظر إنضمامك اللي، وأنا متأكد تماماً أنه سيأتي الوقت الذي تجثو فيه أمامي وترجوني لأدعك تكون أحد أتباعي، سلام يا مغفل...
رحل هاور مسرعاً والضحكة الهستيرة تعلو وجهه، أما ماني فإنطلق مسرعاً نحو الكوخ وقبل أن يفتح الباب ورغم أنه متلهف ليري آنا قام بعمل شهيق وزفير وأخفى ملامح القلق عليها ثم فتح الباب بكل هدوء ودخل سائلاً: ماثيو، ما الذي حصل مع تلك الغبية؟
ماثيو مجيباً بتعجب: ولكن ماني هذا ليس الوقت المناسب لتنتقدها، ألا ترى ذلك معي، فالفتاة على شفا حفرة من الموت، ساعدني بإيقاف النزيف أو واسيها على الأقل...
جاءت ساندي بعدها ودخلت بسرعة، ثم طلبت من كلاهما الخروج بسرعه لأنها ستقوم بإيقاف النزيف وهي بحاجه لفتح ملابسها، فخرج كلاهما، وبدأت ساندي بفتح علب الشاش والمطهرات لسد مجرى الدم المنسال من صدر آنا وفجأة سمع الاثنان صوت صراخ آنا العميق من الوجع، في تلك اللحظة نظر ماثيو الى وجه ماني المتألم معها والحزين لأجلها، وكأنه هو من يعذب، وكلما سمع صوت تألمها يضع يده على قلبه ويشد قائلاً: فقط قليلاً بعد، تحملي أرجوكِ...
دمعت عينا ماثيو من رؤية هذا المشهد المؤلم لأخيه، وبعد أن إنتهت ساندي أخبرتهما أن يدخلا، وكانت آنا نائمة من شده التعب والإرهاق اللذان عانت منهما حتى توقف النزيف، ثم قالت ساندي: إسمعا كلاكما، صحيح أنني أوقفت النزيف الآن، إلا أنها قد خسرت الكثير من الدم ومع الأسف لن تبقى طويلاً هكذا حيث أن أقصى إحتمال أنها ستعيش للصباح فقط، جسدها ضعيف جداً ولن يتحمل أطول من ذلك...
قال ماثيو : لمَ لا نأخذها إلى المشفى الآن بعد أن قمتي بعمل الاسعاف الاولي لها؟
قالت ساندي بإستياء: وهل تظن بأني لم افكر بهذا الحل، بالفعل ذهبت الى هناك ولكن رجال هاور يسدون المكان لقد دخلت بعد أن قاتلت 3 من رجاله، من المستحيل أن نصل دون قتال وهذا قد يؤدي إلى أن تسوء حالتها أكثر، لذا هل من حلول أخرى؟؟ ماني ماذا عنك؟ هي ماني؟ ماني ؟
اه لقد سرحت قليلاً، ماذا كنت تقولين؟
أجابت ساندي: كنت أتساءل إن كان لديك حل بديل آخر لإنقاذها، لا يمكننا تركها تموت هكذا ببساطة...
ماني بحاله من الهذيان يجيب: اوه اه أجل...
ساندي تنظر إلى عيني ماني الهائمتين وتقول: هل أنت بخير؟ ما بك ماني؟
ثم قام ماثيو بأخذ ساندي بعيداً وقال لها: هيا تعالي معي قليلاً...
ولكن ماثيو أنتظر هناك خطب ما، ماني يهذي الا ترى ذلك...
ثم أمسك ماثيو ساندي من يدها مجيباً بتألم: يكفي أرجوك تعالي معي الآن ودعيه يودعها بشكل لائق...
ذهب الاثنان معاً، وظل ماني ينظر إلى عيني آنا المغمضتين، شعر بأن قلبه يتقطع عليها لرؤيتها هكذا، وبعد فترة إستيقظت آنا وهي تتأوه من الألم، فأسرع ماني إليها وقال كيف تشعرين الان؟
فتحت عيناها بتعب وشفتاها كانتا جافتان لأقصى درجة مجيبة: لا عليك أنا بخير...
رافعاً عيناه بخجل: لمَ فعلت ذلك، آنا؟
إرتسمت على وجه آنا ابتسامه العودة إلى الحياة وقالت له بتألم: إنها المرة الأولى، المرة الأولى لك التي تناديني فيها بإسمي، دون أن تقول حمقاء أو بلهاء أو غبية... لذا شكراً لك، لقد أردت سماع اسمي منك منذ أن إلتقيتك...
ضحك ماني وقال لها والدمعة تنزل من عينه لأول مرة منذ سنين: حمقاء...
أمسكت آنا يد ماني وقالت له: معك حق في كل كلمة قلتها لي منذ لقائي بك وحتى الآن، فأنا كنت ضعيفة بالفعل ولكن ضعفي لم يكن جسدياً وإنما كنت ضعيفة الثقة بالنفس، فلو كنت واثقة من نفسي لما كنت هكذا الآن، ماني، بعد الكلام الذي قلته لي أمس قبل خروجك من الكوخ حول ما يجب علي فعله بدل النواح والبكاء طوال الوقت، ظللت أفكر بكلماتك تلك تتراقص في عقلي، وفي النهايه أدركت الحل، وأخذت الخريطة لأحلها وبعد أن وجدت حلها ذهبت راكضة إليك لأريك بأني إستخدمته اخيراً(اي عقلها) وأنني حللت لغز مكان الشيء على الخريطة، إلا انني بعدما سمعت كلام هاور وهو ينتقدك، ورأيت كيف أنك سلمت له أمرك وقلت جملتك الأخيرة، حيث تأمر ماثيو بالاعتناء بي، قدماي تحركتا وحدهما دونما أن أدرك، حركهما قلبي الخائف عليك، لذا ككلمة أخيره يا ماني أرجوك، بعد أن تنقذ والدي هل لك أن تخبره بأنني أحبه كثيرا وأن يعتني بصحته، وبأنني كنت وسأظل أحب تلك القصه، لأنها تحكي عن آكلي عيون البشر...
في تلك اللحظة أمسك ماني وجه آنا وقال لها: لمَ لا تخبريه ذلك بنفسك؟...
وأخرج قارورة المادة من جيبه وشربها ثم أسقاها إياها من فمه إرتعشت شفتا آنا وصدمت من فعلة ماني، وبعدها غطت بسبات عميق...
شعر ماني برعشه تهز كافة جسده وفي صباح اليوم التالي دخل كل من ماثيو وساندي إلى الكوخ، ووجدا ماني جالساً في الزاوية الاخيرة من الكوخ، ذهب كلاهما متسائلاً: ماني ما الذي حصل، هل ..هل فارقت آنا الحياة؟؟
رفع ماني رأسه متألما ويقول: لا، لقد اعطيتها جرعته من مادة التجديد، أي أنها ستتحول إلى آكله لعيون البشر مثلنا....
صرخ ماثيو بتعجب: ماذا؟ ولكن من أين لك بتلك المادة، فنحن لم نأخذ شيئاً من المختبر وقتها...
وقف ماني وأجابه: لقد أعطاني إياها هاور أمس، قال بأني قد أحتاج لتحويلها على أن أرها تموت، وبذلك سيتعذب مارتن أكثر...
ساندي متسائلة: وهل أنت واثق بأن المادة التي اعطاك ايها هاور هي الماده الصحيحة؟
ماني مجيباً: لا تقلقي لقد تفحصتها بفمي قبل أن أسقيها لها...
نظرت ساندي نظره خبث ونكزته بكوع يدها قائلة: إذن فقد أعطيتها (وقطعت الكلمه) ق ب ل ة.... وضحكت...
إحمر ماني خجلاً ثم قال لها بغضب: هذا ليس الوقت المناسب لمزاحك الثقيل، لأنه للآن لم يحدث أي شيء مع آنا ولا أعلم لمَ لم تستيقظ؟؟ ماثيو لم يكن هناك تجارب فاشله من قبل صحيح؟
ماثيو مجيبا: على حد علمي لا، فالمادة تستجيب للجميع، من المفترض ان تستيقظ الان...
ساندي تنادي: هاي شباب، ليس من المفترض حصول هذا صحيح؟؟
جسد آنا يرتعش ويتحول لون جسدها إلى الازرق...
ماني يقول بقلق: ماثيو ألا تسمع، ضربات قلبها تصبح أخف مع الوقت.... إذا إستمر ذلك فقد.... فقد يتوقف قلبها... يتبع

آكلي عيون البشرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن