في احدى ليال الخريف الهادئة كنت اقرأ كتاباً قرب النافذة، تفاجأت بنسمات المساء تطرق نافذتي فتركت كتابي و فتحت النافذة لاستقبال النسمات، و أطلت برأسي من النافذة اتأمل المكان، نظرت إلى السماء باحثةً عن النجوم فوجدت ستار من الغيوم يحجبها عني، غضبت منها لحلولها بيني و بين أحبائي النجوم،و رحت أعاتبها بنظراتي .
قطع صمت الليل حفيف الأشجار، فكأن النسيم يهمس لها مبشراً بقدوم المطر، فرقصت الأشجار لهذا الخبر ، و تسرب الخبر لسكان تلك المنطقة ، و فاحكموا اغلاق النوافذ و الأبواب و خلدوا للنوم ، حتى الطيور و الحيوانات اختبأت و لاذت من العاصفة القادمة. و بقيت وحدي احدّق في السماء ، اشتدّ ظلام الليل و هبّت رياح قوية تراقصت لها الأشجار ، و بدأ المطر بالهطول قطرة قطرة و تناثرت قطراته في المكان ، و ازداد غزارة مع الوقت.
عزف المطر لحناً جميلاً اطربني ،كان مزيج من حفيف الأشجار و صوت ارتطام حبات المطر بالأرض و وورق الأشجار و سطوح المنازل ، كان لحناً عذباً يهدئ الروع و النفس.انتشر عبق المطر في المكان و اختلط مع رائحة الزهور مكوناً مزيجاً ساحراً يخطف اللب. سرت رعشة في جسدي من البرد فقد كنت مبتلة و شعري يقطر ماءً ، لقد ابتللت بقطرات المطر! ابتعدت عن النافذة و بدلت ملابسي و جففت شعري و وقفت قرب النافذة مجدداً ، اشتدت العاصفة و صدى الرعد انتشر في القرية ، كان صوته مدوياً و يتناغم مع البرق الذي يتفجر وسط الغيوم . عندما يسري البرق بين الغيوم يكسيها بنوره فتشع بألوان عديدة تلون السماء. فما أجمل اللون البنفسجي الذي يلون السماء عندما يضرب البرق !
بدى لي المنظر كأن شعب السماء يتعارك فيما بينه و يطلقون المدافع ضد بعضهم ، فما الرعد الا صوت دوي المدافع و البرق ضوء طلقة المدفع ، و قطرات المطر عبارة عن دماء المصابين تتسرب عبر أرض المعركة ألا و هي الغيوم. كان التشبيه كئيباً و مروعاً لكنه لم يفسد روعة المنظر ، غفوت وأنا أفكر بالمطر و العاصفة و أتساءل عن سبب عشقي للمطر .
بالرغم مما يسببه المطر و ما يخلفه من دمار أنا أهيم به و لا أتخيل الحياة بدونه ، فهو الأمل و سر الحياة الأمس اليوم و غداً و حتى يرث الله الأرض و ما فيها. و سيظل سر الفرحة و المتعة في حياتي و لن أملّ و لن أكلّ مراقبة قطراته و حباته و سأظل أكتب عن عشقي و حبي لها.
أنت تقرأ
اوراق مبعثرة
Randomكلمات جالت بعقلي و خطتها اناملي لتكون لوحة فنية لاحدى المناظر الطبيعية او ما يحدث فيها