بعد رحيل حواء

106 3 5
                                    

قصة
☆☆المشهد الثاني
#حنان_وليد
بعد رحيل حواء ...


أنتعلَ الغيابُ قلباً مُتهاوياً ترك آثارَ الفقدِ ومضى لطريق الريح، منذٌ رحيلها المفجعُ اعتادَ الجلوسَ مساءً على كرسي مساحيق تجميلها يتأملُ جفونَ طفلته "رحيل "، يداعبها النعاسُ ها قد تمكن منها ومضت تمتطي غيمةَ أحلامٍ وردية  , يجلدهٌ الوجعُ ببالٍ شريدٍ أمامَ مرآةِ الحقيقةِ العاريةُ من كل لون إلا عتمةَ روحهِ المنهكةُ، عرف أن الفقد منايا آخر . يستفيق من سبات جراحاته ،  تحرقهُ لوعةُ الشوقِ المضني، يكتمها بخيالات زوجتهِ  التي تتراقص كإلهة وقت التزاوج  وقد عبث الهواء بشعرها ولوَّثَ الدمعُ وجناتها لتسقط مغشيةً على الأرض . اِنتفضَ من كرسيهً ليضع رأسها على حجره تمتلئ يداهٌ بدمها ، ينهض مصعوقاً يبحثُ عن خرقة ليوقف نزيف دَمها لكنَّها كالسَّراب المُرتحل. تتكوَّرُ روحه الحزينة  بإحدى زوايا غرفتةِ يشكو من ضبابية الرؤيا، صوت واقعهِ يناديه: محمد! محمد! لقد أعددّتٌ الشاي هلَّا نزلت لتشربه  معنا؟!
يقفُ وينظرُ في المرآةَ بعينين يلتهمُهُما الغضبُ، يصلح حال هندامهِ وينزلُ، وبينما يرتشفُان الشايَ تخاطبه والدته:
ــ  بني َّ ، إبنةُ جارنا فتاةٌ طيبةُ القلب وتساعدني وتحبُّ ابنتك  ، تقوم بتدريسها ولعل قلبك الدامي قد شفي من جراحاته "لتستدرك قائلة" :
ــ لو أنك توافقُ لخطبتها لك . يجيب  محمد  بامتعاض شديد وكأنَّ لسان الألم قد نطق ب :لا تاركاً أمه بخطوات مضطربة نحو باب الدار ليلثم سيكارة دخان الحيرة يتمتم  :  أمي امرأة طاعنة في السن وابنتي لا أعلم ما خطب عقلها! وهو لا يزالُ يقفُ أمام جدار حيرتهٌ، فإذا بصبية تخطفُ عقل قلبهِ ،الغنج ينطق دون شفاه، وينشدُ أعذب الأهازيًج دون ألحان، لينزل عينيهِ عنها ليترقبٍ أي دارٍ ستدخل ،ابنة  مَن هي؟ لتدخل دار أبا أحمد ، أف الحمد لله ، ينادي أمه  على عجل ،  أماه! أماه! تجيبُ ما خطبك يا ولد ؟  يسأل: هل لدى أبو أحمد ابنة ؟ تجيب  الأم  :
ـــ وما الجديد يا بني ؟؟  كنت قد توَّسلتُ إليك لأخطبها لك لكنك رفضت. لا تأبهي برفضي واذهبي إليهم حالاً. لتزف إليه  ويقامُ عُرس الروح كان القدر قد أعارهٌ جناحين ليحلق بهما من جديد
يتبع......

الحقيقية الناعسةWhere stories live. Discover now