النعق

69 2 37
                                    

"ما المؤلم أكثر؟ قرصة قي القلب من ماض كان يخفى عليك؟ أم تفسخه امامك كما لو أنه نتاج جبنك عن مجرد السؤال عنه؟ عقلي في حمى."

        ~Π~      

 وقف كارلوس طويلاً عند سياج البحيرة،  غارقاً في التأمل.  فيرناندو على فرشته يجلس، يتحرى حدوث أي شيء.  شعورٌ بالهوان قد غلب على قُدرة صبره. و بدى له أن الزمن تحجر، عالقاً حتى يقوم بشيء بنفسه.  كان ينتظر أن يسمع كارلوس يحاول أن يكتم أنفاسه الكاحة في ضحك عليه، بعدها يلقي عليه نظرة خبيثة ليجعله يدرك أن الأمر كله مزحة،  مزحة من النوع الثقيل التي بأقوى محاولاته في تجنبها يقع في فخها كل مرة. لكن كارلوس لم يفعل، و لم يتزحزح من مكانه.  لقد أخذ وقتاً أطول مما إعتاد عليه فيرناند في التمسك بثباته على الكذبة. تنهد فيرناند أعلن قراره  بأن لا يفعل شيء هو الآخر بالمقابل. في لحظة بين  رمشاته الصادة بريق الشمس عن عينيه حين نظر نحوه،  شعر فجأة أنه لا يعرف لمن ينتمي هذا الجثمان عريض الأكتاف، المتكئ، ذو الشعر الأشعث الذهبي الذي أسلاكه المتناثرة تعكس ضوء الشمس المتسلل،  و تخلق وهماً كأنما كان كثافة شعرهِ هالةٌ تُضيئه، هالة جديدة غريبة عليه. أغمض عيناه كإيقاف سيل تدفق هذه الأفكار.  

"فيري؟ "

تذبذب إليه صوته كالهمسة الهاتفة من مصدر بعيد. غير مدرك أن كارلوس الآن كان يشغل حيزاً بجانبه.  إستيقظ من سهوه و أنزل كوب شايه الذي تمسك به حتى برد.  نظر إلى كارلوس،  كان يطل عليه منحنياً ليرى وجهه الغارق. "... هذه ليست من عاداتك،  فيرري."
نظر إليه للحظة ثم وقف فيرناندو كأنما لا يزال في حلم يقظة، يديه في دفاع مكتفة أمام صدره. 

مشى بخطوات طويلة بطيئة متعمدة متعدياً  كارلوس متمتماً شيئاً ما. لم يبعد كثيراً حتى توقف فجأة، رأسه يتتبع طائراً قد إنبثق من أحد الأغصان القريبة محدثاً الكثير من الجلبة.

كارلوس تبعه بفضول متماشياً معه، ثم وقف أمامه على جانبه يتمعنه.  فيرناندوأرسل نظره إليه بعد عدة لحظات- الإرتباك و التيه ملصق على وجهه بوضوح و من التأنيب فيه كذلك. نظر حوله كارلوس، ناقراً بلسانه حين سمع صوت الطائر يرجع لكن إنتباهه كان لفرناند "... ألن تناقش الأمر؟ " كان سيقول شيئاً ما لكنه عدل ان ذلك.  رفع فيرنانذ ذقنه المستند على أصابعه في تفكير، و ببط قابل عينا كارلوس

"أناقش' كارلوس؟  أتريدني أن أناقش رغبتك- سنقول 'بإبادة'، السيدة أمي؟"

حدثه فيرناندو بهدوء عاكفاً حاجباه.  كارلوس رفع يديه إلى خصره مسندهما عليه، حركته أصبحت غير صبورة ينقل ثقله من قدم لإخرى كل عدة ثوانٍ. صوت الطائر ملأ الجو الآن،  صَعُب عليه إبقاء تواصل مع عيني فيرناد المنكب نظرهما عليه. 

".. ألن تسألني مالسبب،  اذاً؟"

تسآئل كارلوس ناطقا حروفه ببطء حريص. تفاجئ فيرناندو من تغير نبرة صوت كارلوس إلى الإعتيادية، و ثباته من الحركة المفرطة بعدما أن أدخل يداه في جيبي بنطاله رافعلا معطفه الطويل. في الواقع، بدى كأنما يطلب من فيرناندو أن يسأله عن سبب إعجابه بحذاء جديد ظن فيرناندو أنه مخلوق حرشفي يعض على قدميه. رأيه على حذاء بشع جديد قد أحبه كثيراً. أثار هذا حنقه كثيراً. زمجر فريناندو راصاً على أسنانه، نفر مندفعا بعيدا عن كارلوس- اخلى به قبعته التي طفت ساقطة من رأسه، متجها صوب الطريق الترابي. بعد بضع خطوات غاضبة؛ حدثه يكاد أن يصرخ دون أن يلتفت إليه " آه! لا أصدق موقفك كارلوس! لا أصدق..."

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Dec 20, 2016 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

حب ضد كره: آل كبيس/ القتل الرحيمحيث تعيش القصص. اكتشف الآن