---
الساعة السابعة مساءًا، حيث أغلب الناس في منازلهم، اقف امام موقف الحافلة منتظرة، لعلها تأتي بالرغم من المكتوب على اللوحة بأنها ستعاود المكان غدًا عصرًا، و لكن في داخلي بصيص أمل على مجيئها، لا أعلم من أين لي بهذا الأمل الذي يبدو مستحيلًا!
ورغم ذلك ظللتُ واقفةً مكاني لعشرة دقائق، بل خمسة عشر، عشرون، أبدًا لن ينفع هذا!
زفرتُ بضيق و قررت العودة على أقدامي، فأنا لا املك النقود الكافية لأدفع لسائق الأجرة، و حتى إن كان لدي المال الكثير، فلن أخذ سيارات الأجرة النصابة والمحتالة، التي تخدع الناس و تغشهم! وربما لأني احب وضع الاسباب حتى وإن كانت واهية لأقوّي موقفي! على كلٍ... لا بأس سأكمل طريقي...
جزمتُ بداخلي أن أعود الى المنزل على اقدامي، و اظن بأن المطر على وشك الهطول كما أن برودة الجو جمدت أطرافي، فبدأت بالهرولة و عيناي تحومان بحرص في المكان، فالكل يختبيء ويحتمي عن الجو، لاحظتُ الهواء البارد الذي بدا يزداد في كل لحظة الى ان عجّت الريح.
دبّ الخوف في قلبي، يبدو بأنها عاصفة قوية ممطرة!
حاولت الإسراع والتمسك بحقيبتي التي على كتفي جيدًا كي لا تسقط او تُسرق؛ نعم لأن اللصوص تستغل هذه الأوقات بحقائب النساء ليلتقطوا النقود والهواتف وحتى الفوط النسائية منها! خاصة بعد ما سُرقت مرةً في منتصف الليل وعادت حقيبتي فارغة تمامًا سوى هويتي التي كانت بداخلها!!! تعجبتُ من ذلك اليوم، فحتى المناديل و العلك قد سُرق، أحقًا هم يحتاجون للعلك لسد جوعهم أو ديونهم؟
بينما انا أقلّب أمر السارقين في رأسي، شعرتُ بقطيراتِ ماء باردة تسقط على رأسي، و عندها رفعت وجهي لأنظر للسماء وفعلًا... كان المطر على وشك الهطول!!
أسرعت أتقدم بخطاي حتى وصلت الى مبنى بجانب قارعة الطريق وتقبع فوق أبوابه مظلاتٍ كبيرة، اختبأت تحتها خشية من ملامسة المطر لشعري و ملابسي، خاصةً وجهي الممتليء بمساحيق التجميل؛ لأنني كنت في مقابلة عمل وللأسف لم يتكلفوا حتى بالابتسام لي وأظن بأنني طُردت بطريقة محترمة من قِبلهم، أعني هم لم يروا بالمقابلة ما كانوا يريدونه كما أعتقد... ولا يمكنني أن أتخيل أن يقبلونني في مصرف كهذا! انه لأمر مخيب للآمال فحسب، ثم مع كل ذلك كنتُ متأملةً كفاية لقدوم الحافلة! وعن أي امل تتحدثين عنه يا أنا؟
لم تسعفني خطاي السريعة ولا حتى خططي الهشة للعودة الى المنزل، فبقيت تحت هذه المظلة كقطة مشردة تختبيء من قطرات المطر لئلا تصيبها وتحاول أن تُشغل تفكيرها بأمورٍ تافهة.
إنهمر المطر وظللت أنا في مكاني يائسة من العودة بسلام الى منزلي، يا إلهي ماذا أفعل؟ و ما هذا الحضيض الذي وقعت فيه!
أنت تقرأ
Endless | لا نهاية
Short Story"لا زلت أشكر الله على ما وهبني من نِعم، وانتَ أولها" All Rights Reserved © by Bashair18