صوت صفير قوي يطن في أذنه....بينما لا يشعر باطرافه البته ، انه لا يشعر بالهواء حوله،انه لا يتنفس ، صوت الصفير يقل تدريجياً إلي أن يختفي ثم يبدا بعده صوت الهمهمات البعيده التي تقترب تدريجياً ،انهم الموتي يتهامسون ، يحاول سد اذنيه ولكن بلا فائده ، أصواتهم تدب الرعب في اواصله ، هل هذا ضميره أيضاً يؤنبه ، لا فضميره كان قد مات منذ زمن بعيد ،كما مات قلبه، ان لم يكن ضميره فلماذا لازالت خيالات تلك المراه المسنه التي كان قد ألقي تعليماته الصارمه بقتلها تسايره ، أحدهم ينبش التراب من خلفه مسرعاً احدهم يحاول الوصول اليه وليس لديه القوه ليهرب ، لأنه في الحقيقه ميت ، إنه أسفل التراب ، لهذا لا يمكنه التحرك أو التكلم إنه في حضره الموت ، لذا فقد وجب عليه الصمت .......
***********
قبل عقدٍ من الزمن :
"أيتها الطيور ، ايتها النسور ، ايتها البحار ، البحر يبتلع النسور ، والنسر يبتلع الطيور ، والطير مكسور الجناااااااح......"
تنهدت المراه المسنه بينما تقف عند اعتاب الباب تعتليها نظره شفقه ثم اردفت
-عزيزتي ما سر هذا الحزن الدفين، لماذا تنشدين تلك الارجوزه
التفتت الفتاه نحو المسنه ، فتدلت شعراتها علي كتفيها، خصلاتها التي تحمل سواد الليل ، ثم لمعت عيناها الرماديتان لتظهر تلك الخطوت السوداء الرفيعه التي تتخللها ، ملامحها تظهر حزناً دفنته في أعماق قلبها ثم اوصدت الباب ، زمت علي شفتيها اللتان اختلطتا باللون الأحمر الصارخ ، فابتسمت بحزن ثم أردفت
-ألست محقه ، انني الطير الجريح في تلك القصه متشابكه الأطراف
-العيب علي من علمك تلك الأرجوزه
- انها اروع ارجوزه سمعتها بحياتي ...
اخترق الصمت أطراف الغرفه عاقداً لسانهما ، فأخرس أصواتهما ، ثم تشعب ألي داخلهما فوجب علي احدهما قطع ذلك الصمت أخيراً
-أنا ذاهبه
قالتها الشابه ذات الشعر الاسود بينما تلتقط حقيبتها
-ألي اين مع أحمر الشفاه الذي طليت به شفتيك
سالت العجوز في حده فابتسمت الشابه ثم انطلقت دون تعقيب ..
تركت المنزل فنظرت إلي منتهي الطريق ، إلي نقطه التلاشي، فلم تر أثراً لمخلوق، يبدو أن السماء عقدت نيتها علي البكاء الليله، ولكنها لن تتراجع عن الذهاب ، لن تبتعد عن البيت كثيراً الليله ستذهب إلي ذلك الطبيب عله يفيدها في أمرها ، هل هي مريضه نفسيه حقاً .....تجاوزت الشابه عده مباني ثم ألقت نظره اخري ألي آخر الشارع علها تري عيادته ، انها تتذكر جيداً انها هناك بعد عده مباني ، لقد شاورت عقلها عده مرات قبل ان تذهب أليه، كانت تتردد في كل مره ولكن لا ، عليها ان تتحلي بالشجاعه ، تلك المره لا تراجع، تنهدت الشابه بعمق ثم اكملت رحلتها نحو عياده الطبيب فاستقلت المصعد توقف المصعد في الطابق الثاني ، فاكملت الشابه مسيرتها حتي وصلت للاستقبال
-لويزا كلارك
قالتها الشابه مشيره الي فتاه الاستقبال التي كتبت اسمها في الورقه امامها ثم ابتسمت مشيره لها بالجلوس ، لم تكد لويزا تتجه نحو مقعدها حتي نادتها فتاه الاستقبال مره اخري مشيره اليها بالدخول ، توقفت لويزا لوهله وقد أكلها التردد، ماذا ان راتها احدي الصديقات ؟؟!! لماذا ذهبت الي الطبيب النفسي في الاساس ، انها ليست مجنونه ، تنحنحت فتاه الاستقبال مشيره اليها بالدخول ، فخطت لويزا خطوات وئيده نحو الغرفه ،
-آنسه لويزا كلارك
نطقها الطبيب الذي القت لويزا نظرة سريعة عليه، انه عجوز في العقد الخامس من عمره ، ذو ملامح بشوشه
-إذاً ما المشكله ؟؟
سال الطبيب فاردفت لويزا وقد زمت علي شفتيها
-لا مشكله
-ان لم تكن هناك مشكله فلماذا انت هنا ؟!
-لا اعرف
-اذن دعيني اطرح عليكي بعض الاسئله ، لاعرف سبب وجودك هنا
هزت لويزا راسها ايجاباً فسال الطبيب
-ستجيبينني باجابات مسهبه طويله ، اي اني اريد ااتفاصيل ، ماذا عن عائلتك ؟
-لا اعرف
-آنسه لويزا هذه ليست اجابه !!
-قصدت انني لا اعرف عنهم شيئاً لقد توفوا مذ كنت صغيره
-علاقاتك الاجتماعيه ؟!
-جيده للغايه
-العاطفيه ؟!
-ليس لدي من اقلق بشانه
-ماذا عن الا كتئاب هل تعانين منه
صمتت لويزا طويلاً ثم هزت راسها ايجاباً
-علينا اذاً ان نكتشف اصل المشكله ,ما الذي يضايقك
قالت لويزا بينما بدات تنفعل
-انا لا اعرف سبب وجودي هنا ، لا اعرف لماذا اطعتها
-من اطعتي؟!
- احدي صديقاتي الحمقاوات
-لماذا عرضت عليك المجئ إلي
-لقد، ....لقد قتلت قطتي ، نعم انا اعاني ولكني لست مريضه نفسيه لست مجنونه
-هل نعتك بالمجنونه ، لم افعل ، اخبريني اذاً التفاصيل
تنهدت لويزا ثم فكرت بالانسحاب من الغرفه فحسب لكن الكلمات اندفعت من داخلها
-لقد كانت القطه مريضه علي اي حال ولم يكن من الممكن نجاتها فقتلتها
-ولماذا لم يقتلها الاطباء
-لانني.....
-ماذا ؟
-اردت تجربه ذلك الشعور انا احب الدماء ، لقد كان فضولا فحسب
-الم تتالمي حين قتلتها
-كنت ابغض تلك القطه ، بل انني كنت سعيده حين قتلتها ، لقد تخلصت من مرضها علي اي حال
تنهد الطبيب بعمق ثم رتب الأوراق بمحلها فدون بضعه ملاحظات ثم اعاد النظر إليها
-آنسه لويزا من الواضح انك كنت تعانين من الوساس القهري لعده سنوات ولم تجرؤي يوماً علي زياره طبيب ، ثم خرج الأمر عن كونه قهرياً فاصبحت رغبه ملحه لم تستطيعي السيطره عليها ، وفي هذا الوضع علينا أن نقلق
-ما الذي يعنيه هذا
-ساعطيك بعض المهدئات ثم سنري التطورات
-انا لا ارغب بقتل احد ما
-انا اعلم ، اعلم هذا جيداً.يمكنك ان تزوريني صباح الأحد
-لن اعاود المجئ، انا لست مريضه ولا اعرف لماذا جئت اليك ، لقد قتلت القطه نعم ولكني لم اعاني يوماً من الوسواس القهري ، ولست خطراً
قالتها ثم صفعت الباب خلفها بقوه وشقت طريقها بغضب نحو الأسفل، توقفت لويزا بمنتصف الشارع فجهشت بالبكاء، فهي تعلم جيداً انها كذبت علي ذلك الطبيب وان الوسواس القهري حاربها لعقدٍ كامل منذ توفي والديها ، هي تعلم ايضاً ان صديقتها احسنت فعلاً بارشادها إلا هناك ، ولكنها ستجابه الحقيقه وستجابه ذاتها ، فهي اكثر من يعلم انها ليست مجنونه ،سارت لويزا عده خطوات متناثره حتي توقفت عند باب المنزل ، فطرقته بقبضتها ، فتزحزح الباب من مكانه معلناً عن كونه غير موصد
-آخ يا خالتي آخ كيف لك ان تتركي الباب مفتوح
تنهدت لويزا ثم القت بجسدها المنهك علي الاريكه ثم قررت اخيراً ان تاخذ حماماً ساخناً مريحاً، فصعدت ألي الاعلي حيث الحمام في نهايه الردهه
-خالتي
نادت لكن دون رد ، زمت لويزا علي شفتيها متوقعه ان تكون قد ذهبت الي احدي الجارات واكملت طريقها نحو نهايه الردهه ، سارت بتثاقل فلمحت سائلاً أحمر علي باب غرفة خالتها ، عقدت لويزا حاجبيها قلقاً ثم دفعت الباب ببطء بينما لازالت تنادي خالتها، فحانت منها صرخه ارتجت لها أعمده المنزل ، ان الخالة مقتوله في فراشها ، لهذا إذاً كانت السماء تبكي ......