ت الشعر الأحمر
دخلت بمرح شديد والابتسامة تملا وجهها ، سلمت بود شديد على الحاضرات وعلي بود أكبر رغم أنها لا تعرفني ..
جلست في صدر المجلس كأنها تقول شاهدوني .. نظرت إليها بتمعن وعيني الفضولية تتطلع الي شعرها الأحمر اللامع الواضح أنه للتو مصبوغ .. المتناقض مع بياض وجهها وشحوبه .. لم تكن صغيرة السن فهي تبدو في الأربعينات من عمرها .. ترتدي توب أحمر بحمالات رقيقة على بنطال من الجينز الضيق .. بصراحة استنكرت ما ترديه ..
تحلت باسوارة من الذهب في يدها اليمين .. وإكسسوار أحمر كبير جدا في يدها اليسار وقلادة الماس في عنقها .. هذه المرأة حديثة عهد بالنعمة .. حديثة عهد بالأناقة ..
واضح أنها ليست من قريبات صديقتي التي حضرت لزيارتها مجاملة لها لأنها وضعن منذ أسبوعين .. مالت علي صديقتي كأنها تريد أن تروي عطشي نحو هذه المرأة .. وقالت لي .. جارتنا هناء .. أمس انتهت عدتها .. همست .. مطلقة .. قالت صديقتي .. لا .. أرملة .. بصراحة هذه المرة ظهرت ملامح الاستنكار على وجهي .. وذات الشعر الأحمر لاحظت ذلك .. إنها ذكية بالإضافة الي صفاتها التي لم اكتشفها بعد ..
كثفت نظراتها علي .. ثم بدأت بتوزيع النظرات على بقية الموجودين .. وقالت : كيف يبدو لون شعري .. حلفت بالله ما ينبلج الصباح حتى اذهب الي المزينة وأغير شكلي ولون شعري وأتناول الغداء في الخارج وازور جيراني و لا ارجع الا في الليل ..
نظرت الي مجددا .. وقالت لعلك مندهشة .. لكن إذا عرف السبب بطل العجب .. فانا قد نذرت إذا زوجي مات لأفعل ما ترينه الآن .. لا لا تندهشي مرة أخرى هتفت بي عندما رأت معالم الدهشة على وجهي فجيراني يعرفون حكايتي لكن أنت وجه جديد يسعدني أن أحكيها لك .. والله ما استر عليه حتى وهو ميت .. ( عرفت أنها تقصد زوجها ... هو مربط الفرس.. المشكلة أن الحاضرات كن منتبهات بشدة ويرغبن بكل لهفة سماع القصة من جديد .. ) أخذت تتكلم بأقصى درجات التمتع .. تخيلي تزوجت وأنا في الثانية عشرة من عمري .. طفلة يتيمة عانت من قسوة عمها وزوجته .. وعندما تزوجني أبو سليمان فرحت لعله المنقذ لم أنا فيه .. رجل كبير في السن في الخمسين من عمره تزوج من قبل ولم ينجب ثم طلق زوجته وأراد أن يجرب حظه معي .. قلت في نفسي سيدللني سيكون الأب والزوج معا ولكني كنت كالمستجير من الرمضاء بالنار .. عاملني كأي قطعة أثاث لديه ويكرم الأثاث .. يعامل مثل المعاملة التي لقيتها منه .. كان يمنعني من أن أنام وهو مستيقظ .. وان أنام وهو نائم .. ما سبب هذه الأوامر لا أعلم .. ـ مجرد تجبر ـ كنت اختلس النوم إذا ذهب الى محل الأثاث الذي يملكه .. كان من تحقيره لي إذا كان يسير في البيت ووجدني جالسة على الأرض لأنه قد نبه علي الا اجلس على الكنب وهو موجود .. تخيلي إذا وجدني جالسة لا يتجاوزني بل يسير علي كأني لاشي ( احتد صوتها في هذه اللحظة وارتعش قليلا لكنها تداركت نفسها وتابعت .. ) يسير علي بقدمه الحقيرة وتنتشر الآلام في جسدي من جراء دعسته .. والويل لي لو صرخت من الألم لأني عندما فعلت ذلك اول مرة نالني من الركل ما جعل جسدي مزرقا فترة طويلة ..
مات ... وأنا لم أجد له عذرا واحدا لما فعله ... ( صمتت قليلا ثم واصلت حديثها .. )
أنجبت منه خمسة أبناء ..
كانوا سلوة حياتي ولعلها الحسنة الوحيدة التي خرجت بها من زواجي به .. كان بخيل جدا معي فلا ارتدي الجديد ابدا الا فيما ندر .. وفيما بعد عندما كبر أبنائي أصبحوا يحضرون لي ملابس وهدايا يجمعونها من مصروفهم لكني لم المسها الا عندما رأيتها أول مرة لاني بكل بساطة لا استطيع أن ارتديها أمامه .. استمرت حياتي معه عشرين سنة .. والله لقد فرحت عندما .. مات .. وان لم تكن العدة من الشرع لما مسكت العدة عليه أبدا وانظري لي الآن هانا أتمتع بأمواله .. قالت ذلك وهي تلمس عقد الماس واسوارة الذهب .. نظرت الي مجددا .. هل تعلمين من رافقني الي المزينة ابني الأكبر .. واخوته .. وكأني عروس .. ما أعظم شعوري .. وأروعه .. وما أعظم الحرية والخروج إليها ..
والان ما رأيك بما سمعت .. ؟ ( لم أجبها ماذا تنتظر مني أن أقول القصة من الغرابة بحيث لا تصدق .. أتفهم شعورها لكني لا أوافق عليه .. ما رأيكم أنتم .. ؟ )
ملاحظة / هذه القصة 70 % منها حصل فعلا )
ماذا نلوم ونعتب عليها...وهي من عاشت وولدت محرومةمن الحنان...الاهتمام...الحب...والمال...والمعاملة الطيبة
هذا حقها في الحياة....لم تستطع اكتسابه وزوجها علي قيد الحياة
فحاولت اكتسابه...بعد مماته...وليس مافعلته خطأ..وليس بعيب
ولكنها تحاول...استعادة خطوط...وخيوط حياتها بين يديها مرة اخري
ولكنها حتما ستنضج...وتعرف مقدار سنها..ولكن بعد ان تشبع نفسها