أنا وأنتِ والحب

105 8 2
                                    


كانت هذه الأيام الثلاثة  كفيلة بغربلتي وقلب حياتي رأسا على عقب، نعم ، ثلاثة أيام حولت رتابة حياتي وقتامتها إلى ضجيج وألوان .

لمدة ثلاثة أيام متتالية كنت على موعد عند الساعة الثامنة مساءً مع طارق ليل يحط هداياه على عتبة الباب ويرحل .

في الليلة الأولى كانت هناك سلة مملؤوة  بورد البلدي الطائفي مع بطاقة مرفقة دُون فيها " حينما تشمين عبير هذا الورد ، نكون ثلاثة : أنا وأنتِ والحب ".
بادئ الأمر ظننت أن الأمر لا يعدو كونه مزحة سمجة من بنات جارتنا ( فهيمة ) ، لكن كيف أمكنهنّ معرفة أني أحب هذا النوع من الورد ؟! لابد إنها مصادفة ليس إلا.

في الليلة الثانية يطرق الباب وحين فتحته إذا بعلبة أنيقة من الكرتون على عتبته ؛ كانت مناقيش من الصعتر الساخن وكوب من القهوة الفرنسية وبطاقة  دُون فيها : "أمسياتنا معًا, أنتِ ترتشفين القهوة وأنا أرتشف الحب ".
كانت هدية الليلة الثانية كفيلة بسحق فرضية أن بنات الجارة هنّ من قمنّ بهذا وأن من يصنع هذا يعرفني حق المعرفة, إذ كيف علم بأنني أحب هذه المناقيش بالذات ومن هذا المخبز عينه ؟!
وكيف عرف بنوع القهوة المفضل عندي ؟! ناهيك عن سحر كلماته وألفاظه ! أتراهن زميلاتي المعلمات ؟! ربما راقهن أن يلعبن معي لعبة ما !
آه يا سلمى! أكان كلام جدتك صحيحًا أنه عائق من سكان الأرض السفليين ! وماذا كنت سأخسر لو عملت بنصيحتها وقفزت فوق قبر ما سبع قفزات ؟! تعللت حينها بأن ذلك يثير غضب سكان القبور ولا يليق ذلك بإمرأة متعلمة مثلي !
والآن ها أنت أصبحت أَكلة للساخر والحاقد وأنت على مشارف الخمسين ، لم يرغب أحد فيكِ من قبل ومن بعد ولا أخال أحد يرغب في هذا الجسد النحيل الضامر الذي لم يرق إلا لحارس المدرسة الأعرج , كان حين يمشي يضع يده اليمنى على جانب ركبته اليمني في نصف انحناءة ، فقيرًا معدمًا ، يعول عائلة كبيرة بحراسة المدرسة صباحًا ، سّر لي قبل سبع سنوات مضت عند بوابة المدرسة برغبته في الاقتران بي ، نظرت إليه نظرة ازدراء من أعلى إلى أسفل ، أدرت ظهري إليه ومشيت .

في الليلة الثالثة تناولت  متلهفة كيس ورقي أنيق كان يحوي وشاح كشميري فاخر، بداخل الكيس بطاقة كُتب عليها : وشاحكِ الذي فقدتيه منذ زمن كان عزائي الوحيد حين يصرعني الوجد ويرميني الهوى ، في الثامنة من مساء الغد سآتي وأتقدم لخطبتكِ .

وأخيرا أطفأت يا سلمى ليلك لينساب الصباح مشعا، فتحتِ النوافذ المغلقة ونفضتِ غبار السنين ، و منذ ساعات الصباح الأولى ارتديتُ فستانا طويلا تلونه زهرات كبيرات ، تلفعت بالوشاح الكشميري ، وفي قبال المرآة التي لم أكن أقف أمامها طويلا تركت شعري منسدلاً ، تعجبت كيف لم ألحظ أن لي عينين سوداوين لهما بريق أخاذ ورحتُ أنتقل في البيت من مكان إلى آخر كفراشة تنتقلُ من زهرة إلى أخرى .

في الساعة المرتقبة، يُطرق الباب ويدخل الضيف العاشق وأنا من زاوية بعيدة وبشوق فاحص أختلس النظر .. يالله جميل .. حسن المظهر .. غير أنه ، غير أنه .. أنه أعرج !!

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Mar 18, 2017 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

كأنّه هو !حيث تعيش القصص. اكتشف الآن