#إطلاقَة_واحِدة

12.2K 866 779
                                    

|تم التنقيح مِن قبل فرسان اللغة |
--
الواحدةُ والرُبع بعدَ الظهيرة، الأربعاء، السادس وَالعشرون من يناير. 

يَتملكُني شعور الحماس وَالشغف الشديدين، أخيرًا -قررتُ أنّي- سأقومُ بالعمل الذي راكمتُهُ منذُ فترةٍ بعيدة. هأنا أهرول في طرقاتِ المدرسة مُتجهًا نَحو المكتبة.

توقفتُ أمام الباب المنتظر، شهقتُ فزفرت، مددتُ يدي ممسكًا مقبض الباب، أدرته بِخفة فخرجَ نورٌ ساطعٌ وَتقدمت للداخل. بعد أن فتحت الباب وجدت على الناحيةِ اليُمنى مكتبًا مُربعًا ملاصقًا الجدار، تجلسُ عليه امرأة ثلاثينية، تُحدِق في كتابٍ ما وَجوارها تضع كوبَ قهوتها، وَترتدي شارةً على يُمنى قميصها، كُتب عليها «أمينةُ المكتبة».

تنهدتُ بِعمق ثُمَّ قلت: «مرحبًا أمينةُ المكتبة، هل لي بسؤال؟»، رفعت رأسها صَوبِي، اعتلت تقاسيم وجهِها ابتسامة عريضة وردت: «تفضل، أنا في الخدمة».

- «ما اسمُكِ؟».

نبستُ فأجابت فورًا: «إن أردتَ معرفة اسمي فَستجده في كتاب مُونُيُوجِنّ المكَوّنِ مِن مئةٍ وسبعين صفحَة».

سألتُها وَقد بدت ملامح الجدّية تظهر عليّ: «وَأين أجد ذاك الكتاب؟». تَبعتُ حركاتها وهي تغلق كتابها ثمّ تأخذ رشفةً من قهوتها: «هل تودُ خَوضَ مغامرة؟»، أومأتُ فأجابت سريعًا فقالت: «إذا حظًّا موفقًا في البحثِ في أرجاء المكتبة».

فتحت كتابها مجددًا وَأنا ولّيتُ للمكتبة باحثًا عن مُرادي. ما إن توقفتُ أمام أول صفّ حتى فتحتُ عينَيّ على مصراعيهما، المكتبةُ بأكملها! لا بُدّ أنها تمزح! حسنًا أنا من أردتُ التجربة لذا لا بأس.

بدأتُ أتأمّل الكتبَ أفُقيًا وَعاموديًا، أبحثُ عن هدفي بتمريرِ أصابعي على أسماء الكُتب قارئًا إيَّاها بِداخلي. فشلتْ محاولتي في الصفّ الأول فعدتُ أدراجي إلى الخلف مُتفحصًا صفًّا آخرًا.

نفختُ وجنتَيّ حين خرجتُ من الصفّ الثاني صفر اليدين، تقلبتُ نحو الذي يليه ثم الذي يليه وهكذا. ما إن وصلتُ للصف الخامس حتى سمعتُ صوتَ الأمينة تقول: «يبدو أنّك ستجدُه، حظًا موفقًا»، همهمتُ بصوتٍ يكادُ يُسمع وَأكملتُ عَمليّة بحثي.

بعدَ أن أنهيتُ قسمَ العلوم توجهتُ نحوَ قسم الكتبِ الأدبيّة، وَاستكملتُ ما أفعل. بعد مرورِ فترة من الزمن توقفتْ أناملي على كتابٍ عنوانه بِمُونُيُوجِنّ. علتْ تقاسيمُ وجهي فرحةً عامرةً، صرختُ لا إراديًا فنظرَ الجميعُ لي بِغرابة، تجاهلتُهم وَأخذتُ الكتاب جانبًا.

غلافُه الخارجيّ طُليَ بِالأزرقِ الداكِن، مُقدمته تحمِلُ صورة قطراتِ ماء داكِنة بينما العنوانُ طُبِعَ بِخطٍ عريض وكتب بِالأعلى، أوراقه صفراءَ غامِقة وكأنها مِن عصورٍ قديمة. كما أنّه لا يحمِلُ اسم دار نشرٍ أو طبِاعة، بِالطبع فأنا لم أجده في أيّ مكتبةٍ أعرفها.

عَلَى رَفِّ الصَّدَاقَةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن