1. اللا مكان

11.1K 775 1K
                                    


إيطاليا، إقليم لومبارديا، مقاطعة بريشيا.

نيلان

" إستيقظي!" دوى صراخه الأجش في كل المكان لأجفل متوسعة العينين، وراقبت قدمه تتأرجح في الهواء قبل أن تستقر تماما وسط وجهي.

"نصف بضاعتي قد ضاعت بسببك مجددًا ! إنه خطأي، لقد كان خطأً فادحًا السماح لمتسولة بالمكوث هنا." أكمل  العم الطيب صيحاته، وإستمر بركل كل ما إستطاعت قدمه أن تصل له مني مطربًا أذناي باللعن والشتم كبركانٍ ثائر على وشك أن ينفجر.

بالرغم من ذلك، فهو عمٌ طيب.

بلا منزل، بلا موهبة، وبلا شيءٍ يذكر..لقد رضي بإستضافة عالة مثلي كل ليلةً للنوم في مخزنه البالِ بينما لم يلتفت نحوي أحد.

جعدت حاجباي عندما إمتزج طعم الدماء مع التراب في فمي لأبصق بجانبي وأمسح أنفي النازف ببطئ. لا فائدة تذكر من المقاومة ولا شيء يُجنى من الوقوف أمام جسده الضخم دفاعًا عن كرامتي.

حين تصل لذاك البعد حيث لا تمتلك شيئًا لتخسره تكون الكرامة مجرد خدعة إختلقها الأغنياء،

" لماذا لا تجيبين؟ هل يعجبك الأمر؟ أيعجبك كيف تتلقين ما تستحقينه تمامًا ككلب حراسة فاشل؟" قال وثم قهقه بخفة وبخبث ملتقطًا أنفاسه. "لقد إنتشلتك من وسط أياديهم القذرة تلك الليلة..وصدقيني، أستطيع أن أعيدك هناك في لمح البصر."

راقبته يسحب كل الأكسجين من حولنا وينفثه الهواء بينما يرخي قدمه الثقيله فوق بطني ويمسح جسدي المنبطح أسفله بنصر.

دفعت قدمه ببطئ ونهضت مربتةً على كتفه السمين " أشكرك على السرير القشيّ المريح الذي تهديه لي كل ليلة. انا مدينة لك، عمي."

أخبرته بنبرة مرهقة لم أحاول إخفاءها، ومررت من جانبه كما فعلت رياح الشتاء الباردة وخطوت أولى خطواتي خارج المخزن، أستنشق الهواء وابدأ يومي المشرق بكدمات جديدة .

" سرير قشيّ مريح؟ إنها بواقي القش الذي أضعه في الإسطبل." سخر العم، وأسرعت في الإبتعاد قبل أن تتجدد طاقته ويبدأ فقرة أخرى من العنف الجسدي الذي لا يبرع إلا به.

" هل ستهربين مجددًا؟ أقسم أنني لن أتركك حرة تتنفسين إذا سمحت لاولائك الأطفال بالتسلل للداخل مرة أخرى."

توقفت عندما إبتعدت عنه كفاية وألقيت نظرة على مظهره الضئيل بينما يلوح بيداه مهددًا. ثم أخذت نفسًا عميقًا.

" مرحبًا يا صباح يوم الثلاثاء الجميل..كيف حالك اليوم؟" همست، وداعبت نسمات الهواء اللطيفة خدي كإجابة سريعة.

بلا شيء. | نيلان | حيث تعيش القصص. اكتشف الآن