وصلت هيلدا برفقة القافلة إلى أعتاب مدينة العواء ، حيث إنفصلت عنهم متجهة إلى مدخل المدينة على ظهر جوادها ، و ما أن ولجت إلى داخل المدينة حتى ترجلت من فوقه ، و أخذت تنظر يميناً و شمالاً بينما تردد داخلها : آهذه مدينة أموات أم ماذا ؟حيث كانت مدينة العواء الضد المثالي للمدينة التي يقيم فيها جدها السيد باركر ، كانت تغرق في هدوء مريب يبعث الخوف و الرهبة في قلوب المسافرين ، كان سوق المدينة ميتًا و أغلب المحال مغلقة أو خالية إلا بضع محلات و ما تبيعه ليس بالشيء المثير ، كما لو إن حاصد الأرواح قد مر من خلالها فاقتلع كل ملامح الحياة و الشباب من جذورها .
أخذت هيلدا تسير في أنحاء السوق و هي تعتمر تلك القبعة الناطقة فوق رأسها ، تعددت الوجوه التي مرت على هيلدا خلال جولتها ، كانت تسأل كل من تقع عينها عليه قائلة " اتعرف ساحراً يدعى لاشلان يمكث في الجوار ؟ " ، لكن كما لو إن الجميع اتفق على إجابة واحده يثبطون بها عزيمة هيلدا و تجرها إلى الإستسلام ألا و هي " كلا لم اسمع به قط " .
حتى باتت ببحثها الدؤوب و المستمر تجذب أنظار المتواجدين في هذه المدينة المتهالكة ، فمالذي أتى بفتاة غريبة إلى هذه المدينة ، لا يظهر عليها إنها شخص سيء مثل أغلب المتواجدين هنا ؟
شيء فشيئا إستسلمت هيلدا للتعب الذي أنهك قواها حيث جلست جانباً لتسترد قوتها و هي تفكر ما إن كان جدها السيد باركر حقاً قد أخبرها الحقيقة و إن تلك الريشة ما هي إلا ضرب من الهلوسات و الجنون !
فليس من المعقول أن تسأل الرجال و النساء الصغار و الشيوخ فلا تجد من سمع بإسم الساحر لاشلان من قبل !أخذت تشرب الماء حتى تطفأ عطشها ببرودته و عذوبته ، حتى أتاها صوت شاب غريب من خلفها قائلا : ما عملك مع لاشلان الساحر ؟
إلتفتت له هيلدا متعجبة من تصرفه ، أن يأتي هكذا من خلفها فيخيفها ، و يبدأ الحديث معها دون التعريف بنفسه ، من يظن نفسه ؟
فرفعت حاجبها متسائلة : و ما شأنك ؟ أليس الأجدر بك حين تحدث غريباً أن تبدأ بالتعريف بنفسك قبل كل شيء ؟أجابها الشاب قائلا : ليس مهما ، أدعى ماركوس ، من أين لك بهذه القبعة ؟
كان حدس هيلدا يخبرها بأن هذا المدعو بماركوس سيكون مفتاحها للوصول إلى مكان ذلك الساحر فإبتسمت في وجهه قائلة : أنا هيلدا ، هذه القبعة أمانة علي أن أوصلها ، فهلا تدلني على مكان الساحر لاشلان ؟ أنت تعرف مكانه أليس كذلك ؟
عاد ليسألها مرة أخرى بنبرة صوته الباردة تلك كما لو كان يستجوبها : و كيف علمتي بأن لاشلان هنا ؟
أطلقت هيلدا تنهيدة عميقة ، فأمامها حكاية طويلة لتقصها و الكذب كما يبدوا لن يكون ذو فائدة الأن : أعطى الساحر لاشلان قبعته لجدي قبل سنتين من الأن ليصلحها له واعداً جدي أن يأتي لأخذ قبعته بعد بضع أيام و لكنه لم يعد ، و قبل فترة وصلت لجدي رسالة غريبة يدعي إنها من ريشة كتابة طائرة ، و تنص تلك الرسالة على إن الساحر لاشلان ينتظره هنا ليستلم القبعة ، و لأن جدي قد تقدم به العمر فما عاد قادراً على تحمل مشاق السفر فقد بعث بي لأتحقق من الأمانة قد وصلت إلى أصحابها .
أنت تقرأ
إستحال دجلًا
Fantasyتلك الحروف المحترقة.. كانت بوابة إلى ما لم تتوقع أن تصل له يوما ! جعلتها تعاود التفكير مجدداً برغبتها إلى الولوج لعالم الخيال ، و الذي بات واقعاً لا مفر لها منه إلا المواجهه !