"شفت يا شريف عايزين يبعدوني عنك.. طيب ده أنا الحاجة الوحيدة اللي بتصبرني وقفتي هنا قدام شباكك وكلامي معاك.. مش حسيبك يا شريف مش حسيبك"كانت كلمات إيناس وقعها كصدمات متتالية بل ضربات قوية على رأس ثريا..
كيف صمتت على حال ابنتها كل تلك الفترة؟!!!... فالأمر تعدى بحر الذكريات الذي تصر إيناس على السباحة به يومياً, لا بل إنها اقتربت من الغرق..
بدون أن تطرق الباب دخلت ثريا على الفور لتجد إبنتها تجلس في مكانها المعهود بالشرفة والابتسامة على شفتيها..
أخذت ثريا نفساً عميقاً في محاولة لاستدعاء بعض الهدوء, ثم دخلت لإبنتها التي كانت لا تزال شاردة ولم تشعر بحضور أمها..
ـ إيناس.. إيناس..
كانت ثريا تربت على كتف إبنتها حتى تخرجها من دوامة الشرود التي اجتاحتها..
انتبهت إيناس أخيراً ونظرت لأمها بعيون حالمة:
ـ ماما.. إنتِ جيتِ إمتى؟
ثريا:
ـ حالاً.. بس إنتِ كنتِ سرحانة.
إيناس:
ـ آه.. آسفة.
ثريا:
ـ كنتِ سرحانة في كلام دكتور علي؟
إيناس:
ـ هه.. دكتور علي!!.. آااااااه.. لا عادي.
ثريا:
ـ طيب قررتِ إيه؟زز فكرتِ؟
إيناس:
ـ مش محتاجة أفكر, أنا مش حسافر.
ثريا:
ـ بس دي فرصة شغل كويسة, رأيي تفكري تاني.
إيناس:
ـ وأسافر!!! وأعيش في مكان بعيد عن هنا؟!
ثريا:
ـ دي سُنة الحياة.. وبعدين أكيد ليكي أجازات, دي مش هجرة يا إيناس.
إيناس:
ـ لأ.. لأ.. مش حسيب هنا.. مش عايزة أشتغل.. أو ممكن أشتغل هنا في مكان قريب, لكن مش حسافر.
كانت نبرتها أكثر حدة..
ابتسمت لها أمها..
فقد كانت متأكدة من ردة فعل إبنتها, ولكنها على العكس الآن تريد رحيلها وبسرعة بعيداً عن تلك الذكريات التي حاصرتها فأصبحت تعيش بداخلها منفصلة عن الواقع..
قامت ثريا وهمت بالمغادرة ولكنها استدارت في آخر لحظة وقالت لإبنتها:
ـ براحتك.. بس أنا نفسي تسافري وتشتغلي وتخلقى حياة ليكي.. نفسي ترجعي تاني تعيشي يا بنتي علشان أنا كمان أقدر أعيش.
أنت تقرأ
همس الجياد
Romanceهمس الجياد بقلم مروة جمال مواقف كتير قوي في حياتنا بنحس إنها مرت علينا قبل كده, لكن في حالتي أنا.. مش مجرد إحساس, كانت حقيقة.. نفس الصوت بيزلزل وداني, صوت جهاز قياس نبضات القلب, قلبي؟!.. قلبه؟!.. مش عارفة!