عندما فتح باب المصعد، في الطابق العاشر
فوجىء الرجل الملتصق في الزاوية بأمرأة
وجهها عينان تبرقان نجوماً .شعرها حدائق ، فمها نداء ،
جسدها يشتعل ثلجاً أبيض.كانت ترتدي فستاناً سماوياً مكشوف الظهر.
تطلعت الى ساعتها ، ثم زر المصعد .
كانت سعادتها تعبق مع عطرها داخل
جدران المصعد الهابط ببطء .توقف المصعد في الطابق السابع ، دخل
رجل في الخمسين . كان متعب الوجه
منهكاً ، ترافقه أمرأة سمينة كشمندرة .ضغطت المرأة السمينة الزر ثم قالت
للرجل :_ هذه المرأة تعذبك كثيراً يا أخي .
أجابها بصوت متهدج متقطع :_ أنها أم أولادي على كل حال .
أخرج الرجل لفافة تبغ وأشعلها .
وفيما هو ينفث دخاهنا لوهلة الاولى ،حملته عيناه إلى الربيع المتألق في
الزاوية. فأشرقت في وجهه شمس
من الدعة ، وهمس بصوت شبه مسموع" الحياة جميلة "
توقف المصعد في الطابق الرابع ، دخل
شاب متأنق ، تكاد الدنيا ترقص في خطواته . لفتت المرأة الجميلة نظره
مباشرة ،فأسرع يصلح من ربطة عنقه . برقت عيناه
ثم تحولتاه الى نظرات حالمة .خطا خطوة أخرى حتى كادت كتفه
تلامس كتفها . تنشق عبير عطرها
طويلاً ثم قال مخاطباً الرجل الخمسيني:_ درجة الحرارة مرتفعة اليوم .
_ أنه الصيف .حاول الشاب مرة أخرى ، بشكل ما ، أن
يشعر الفتاة الجميلة بوجوده .
لكن هذه كانت تلاحق عقارب ساعتها.قالت المرأة السمينة مخاطبة الكهل :
_ يجب أن تراعي صحتك من أجل الاولاد
تحولت عيناه الهرم نحو الفتاة البيضاء،
وقد بدا للرجل الوحيد في الزاوية أن
عمراً جديداً قد دخل شرايين هذا الهرم،الذي أجاب المرأة السمينة للتو :
_ صحيح... سأفعل ذالك من أجل الاولاد .تأمل الرجل الوحيد شعلة الضوء من جديد.
كانت ثمة شجرة فرح تتفتح أزهارها في
وجهها .تنحنح الشاب ثم قال :
_ المصعد اختراع جميل ،فيه، على الأقل
يتعرف سكان البناية ، بعضهم إلى بعض.تعمد أن يكون كلامه موجهاً الى الفتاة
التي بدت الآن أملاً وحيداً الى سعادة
لا مثيل لها .لكن بدا للجميع أن المرأة مشغولة بأشياء
أخرى لا علاقة لهم بها .عندما توقف المصعد في الطابق الارضي.
نظرت المرأة إلى ساعتها ،فتح الشاب الباب وقال بخفة ظاهرة :
_تفظلوا .
خرجت المرأة السمينة اولاً . ثم الشابة
الجميلة ، تبعها الكهل . ثم خرج الرجل
الوحيد بطيء الخطوات .أسرعت الفتاة الجميلة صوب الشارع
العريض مشيرة إلى سيارة أجرة ،فيما انحرف الرجل الكهل إلى يمين البناء
والى جانبه المرأة السمينة .أما الشاب ظلَ لحظات يراقب الفتاة
الجميلة حتى غابت في داخل عربة الاجرة.لاحقها بعينيه حتى أختفت في آخر الشارع
تنهد بصوت مسموع ، ثم ركض لاحقاً
بالباص....ظل الرجل الوحيد في مكانه لحظات طويلة يحدق فراغ ما ،
ثُمَ أبتلعهُ الزُحامَ .
أنت تقرأ
فَيِ ألمَصْعَد | in the elevator
Fanfictionقَد يكونَ حُلمكَ النجومَ والله يُريدَ لكَ القَمر [ Yasin Rifaiya ]