part 1

138 13 40
                                    

مساء يوم صيفي طويل اخر
و حين يرد ذكر فصل الصيف في هذه البلاد
فلا بد لي من ذكر
درجات الحرارة العالية و الجو الصيفي الجاف
حيث تراقص الرياح العجوزة الاتربة بايقاع بطئ بائس
في الافق المفتوحة ليمسي الجو خانقا و تتلون السماء باللون البني المميز،
اختفى قرص الشمس في عمق السماء، ليبدأ القمر باخد نصيبه من اليوم و تطفئ انوار الشمس
خرج الاستاذ من باب محله
و قد ابتلت ملابسه بالكامل تقريباً
إن الذي يراه قد يشبهه بكيس
شد من منتصفه بحبل بقوة،
يرتدي و كعادته الدائمة مند زمن
الثياب الصيفية نفسها التي يرتديها
كل فصل صيف من كل عام،
حتى إنني لا اذكر منذ متى...
قميص نصف كم من قماش قطني
واسع بشكل كبير ذو لون ازرق فاتح
سمائي، و بنطال رصاصي كلاسيكي
واسع الرجلين و يضيق كلما صعدنا
الى منطقة الخصر
ليس ضيقاً عليه هو و لكنه اضيق
من الرجلين مع حزام مصنوع من الجلد
الاصلي يرجع إلى حقبة التسعينات.
مشدود جيداً و مقفل باحكام، لونه اسود.
ينتعل معه صندلاً لونه نفس لون الحزام
و قد لبس من تحته جوربان رصاصيان
مصنوعان من قماش ثخين. شتوي على ما يبدو

و كعادته في نهاية كل يوم عمل
في الوقت ذاته دون ان ينقص ثانية
او يزيد ثانية عن الميعاد الذي تعود فيه
على اغلاق باب محله و التوجه الى بيته
تاركاً كنزه الثمين في هذا الممر الضيق
و لكن اليوم مختلف!
لم يزر احد محله و لو للسؤال عن احدهم
على الرغم من اكتظاظ الرصيف امام محله بالمارة.
ان هذا لا يعني ان محله يكثر زبانه
و إن بضاعته مرغوبة فيها بالبلدة
و لكن اشخاص محدودين بعدد الاصباع كانوا يجيئون اليه و يزورونه بين الحين و الاخر،
الاشخاص الذي كان بهم يرى الامل
و يتمسك به و يفتح محله كل صباح لأجلهم.

لكن اليوم لم يدخل محله ظل احدهم حتى.
لماذا يا ترى؟
انه يبتسم في وجه الزبائن، يحييهم تحية حارة
و يجيب عن اي سؤال يسألونه وربما يحصل
الزبون على جواب اكثر مما كان يتوقع
و هذا شيء رائع بحد ذاته هنا
اذ من الصعب هنا في هذه البلدة العجوزة المتشائمة
التي بلغت سن اليائس و بدأت تفقد حيويتها و معها
سكانها الذين يهجرونها بلا رجعة يوماً بعد يوم.
ان تجد عجوزا عبرت سنينه السبعين يبتسم في وجهك.

وقف متكأً على عصاه امام باب المحل
المصنوع من الخشب الذي اصبع مهترئاً
اذ يبلغ عمره عمر صاحبه تقريباً.
إن شعوراً سيئاً قد انتابه اتجاه الناس.
لم يعد يطيق احدهم..
لا كبيرهم و لا ضغيرهم، لا ذكرهم و لا انثاهم
و بدأ الحقد يتوغل داخل قلبه على بني جلدته
اصبح يشمئز منهم و يقشعر بدنه عند رؤيتهم
و لا يحادثهم الا في الضرورة القصوى
( هذا بالتاكيد لا يشمل الزبائن الكرام)
بل كان ليسعد اشد السعد و يشعر بهناء
لو عاش باقي سنينه في جزيرة بعيدة
و معزولة عنهم حتى وفاته.
و لكن و بعد التفكير بهذا الحلم
و التمني له لمدة طويلة جداً. ان يعيش وحده.

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Apr 13, 2023 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

وصية حيث تعيش القصص. اكتشف الآن