في ظلام حالك تنيره بضع أنوار تتدفق من تلك الأعمدة الطويلة ، و انسدلت تلك الغيوم حوله لتعجز أنواره من أن تطغى و تنتشر، فيزداد الليل ظلمة .هدوء لم يتوارى من فساحة المكان ، إلا من وقع أقدام خافتة ، يكاد يتصدر صوتها عنان السمع ، يتضح الصوت في كل خطوة يخطيها ، لينجلي عنه الظلام الذي غطى جسده .
جسد فتاة اكتسحت الهموم قسمات وجهها الهادئ، منحنية برأسها لتسقط تلك الخصلات الشقراء الطويلة ، و كأنها ستار يأبى الإفصاح عن الألم الذي اجتاحها .
خطوة تليها خطوة دون أن تدرك أين تأخذها أقدامها ، فقط تريد الإبتعاد من ألم واقعها المرير ، أرادت فقط ترك كل شيء خلفها ، كل تلك القذائف التي ترمى على قلبها ليتكسر كزجاج هش ، أرادت التمسك بشيء يعيد أملها بالحياة ، لكن من أين لها أن تجد تلك البقعة البيضاء المنيرة !
لفحات من نسيم بارد أيقظها ، ليعيدها إلى الواقع بعد أن غاصت في تلك أفكار و تكهنات لمستقبلها ، ليقع نظرها لذلك الباب الأسود الذي زُين بنقوشٍ بيضاء جميلة ، معلقٌ لا تدعمه الجدران ، و كأنه يطفو بالمكان .
اقتربت من ذلك الباب لتتردد أنامل يديها من إمساك مقبضه ، لكنها شعرت بالفضول الذي تملك قلبها، فأطبقت عليه ، ليفتح و يصدع المكان بصوت صريره العالي ، تفاجأت بوجود ردهة طويلة مظلمة تقبع خلفه .
إلتفت يمينا و يسارا لتفهم مالذي يحدث أمامها، هل هذا خيال أم حقيقة ؟ هل عقلها أصبح يهيء لها أمورا خارجةً عن نطاق المنطق حتى لا تفقه فهمه أبداً ؟!
تنهدت لتقرر بأن تجازف و تضع قدمها اليمنى ، فحدقت بصمت قبل أن تضع خطواتها الأخر . و ها هي أقبلت بالدخول بحذر ، تستكشف المكان لتفاجأ بوجود بابان أحدهما أبيضاً و الآخر أسوداً !هل دخلتُ إلى متاهة ؟!!، تمتمت الفتاة متسائلة و هي مقطبة حاجبيها باستغرابٍ و صدمة !
سارت الفتاة إلى ذلك الباب الذي طُلي خشبه بسوادٍ حالك ، تجرأت يداها بأن تمسك بإحكام المقبض و تديره ليتردد صوت صرير عتيق ، و تصدم بأبواب أخرى خلفه متراصة بجوار بعضها البعض ، لكن ما يميزها تلك الأرقام التي نُقشت أعلاها
فقررت أن تختار أحد الأبواب و قد اعتلاه رقم اثنان، انطلقت لفتحه ، لترى أمرا أجفل في عيناها حزناً .
تلك المشاهد التي تتحرك أمامها أيقظ من ذاكرتها ماض قد تعبت بشدة لدفنه ، و ها هو يعود لظهور خلف هذا الباب ،
إنها ذكرى لذلك الشخص الذي حطمها ، و حطم قلبها و كسره لأجزاء متناثرة غير قادرة على جمعها ، ليس قلبها فقط ، بل و حطم ثقتها
إنه أباها ! الذي وكم انهال عليها ضرباً ، و هم بحبسها في القبو ليدع الظلام يداعب جسدها المرتجف.
أغلقت الباب بقوة لتمنع تلك الذكريات من أن تندفع أكثر مما يجب ، و تغلق ألم الحقد الذي تراكم في تلك الليلة ،
حدقت إلى الباب المجاور منه ليحتل الفضول قلبها، نقش رقم واحد أعلاه ، ليفيض عقلها بتساؤلات عدة حول ما يقطن خلفه.
أنت تقرأ
خلف ذلك الباب
Short Storyعندما قد ملأت حياتنا الياس وآلام تريد من الخيال أن ينقذك من الوقع لكن ليس دائما الخيال جميل ........................................................................ أول رواية أكتبه و مشاركه مع اختي رائعه Aviulieta@ أيضا أن الغلاف رائع جدا من صنع...