-لأجلكِ يا أمي .. سأموتُ لأجلك .
قُطعت دهاليزُ الأفكار في عقلي مطرقةُ القاضي وهي تطبق نفسها على تلك الاسطوانة الدائرية التي خلقت لذلك؛ مرددةً بخبرٍ سار أو مؤلم لا أدري.
تنهد بوجه جافل ليردفَ بحزم :
-أنتَ متهم، حُكِم عليكَ بالشنقِ حتّى الموت.
دوى صراخ عَمَّ الأرجاء.. جسدي يترنح ؛ أقدامي قد هوت وجفناي قد أُطبِقَت.
//////////////
الثامن من أغسطس عام ألف وثمانمئة وإثنان وثمانون.
عليلٌ أنا؛ وكأنني فراشة قد جُذِرت جناحها فلم تعد قادرةً على الحراك.تجثجثَ جسدي وتقلقلَ نبضي؛ مُذ دلفتُ لهذا المكان وأنا أشعر برغبةٍ جامحة لرؤية عروسِ الصباح، مللت الظلمة واكفهرار المكان، لكني سأصبر..سأغطي جرحي بلحاءٍ هشٍ لكيلا يبقى مكشوفاً، سأدعي سأصلي؛ لعلي أنتهي من كل هذا وأرى النور..أراهُ أنا وأمي سوياً.
جاثٍ في هذا الدجى أفكر بما عانيت بهذه الأيام القلائل، تجرعتُ منهم كؤوسَ الذلِ والمهانة، رافقني العنتُ طيلةَ الحياة ؛ فَلقَ عمري لشذراتٍ سرمدية.
عندما أحضروني لهذا القفص، مكبلاً معذباً مقيداً بالأصفاد الحديدية، رموني كـ كأسِ قهوةٍ خاوي؛ سفعوا جلدي بسوطِهم، وأحرقوا لساني بلهيبِ شتائمهم .
قفصٌ مغلق؛ وجدرانٌ بيضاءَ خامرت السواد الذي يعكسُ قلوبَ الظُلَّام هنا، وأنا حبيسُ هذه الغرفة، أتأملها بصمتٍ مطبق.
رغم ذلك فأنا أؤمن بالقدر خيرهِ وشره، وأؤمن أني بريئ، أؤمن أن الخير سيدحضُ الشر يوماً.. أؤمن بأن زهرةَ الإنسانية التي ذبلت، ستزهرُ يوماً ما.
نُشلت أفكاري جراءَ صريرِ الباب الحديدي الذي فَجر السكونَ المحيقِ بزنزانتي.
-قف بسرعة
"قالها بحنقٍ وهضابُ وجههِ تعلو وتنباص .نفضتُ كفيّ واحتدتْ مقلتيَّ مخاطبةً اياهُ بدلاً عني، فالعين وسيلة لنقل المشاعر جوفيةٍ كانت أم سطحية..
مشيتُ بخضوعٍ مُخنعَ الرأسِ متجهًا _وكالعادة_ إلى غرفةِ الاستجواب.
..............
-أحضر ملفَ المتهم.
-حاضر.
-المتهم رقم ١٧، عبد الرحمٰن، العمر السادس والعشرين، من الشرق الأوسط، يعتنقُ ديانة الإسلام، سوريُ الجنسية، يعيش في هذه القرية منذ ثلاثة وعشرين عاماً، فقد ترعرع هنا منذ نعومةِ أظفاره، يعيشُ مع أمه وأخيه الأصغر.زينت ثغرهُ ابتسامةٌ متهكمة وأنبتْ تجاعيدهُ أنهُ _وكأي أحد_ مشاركٌ بمضمارِ الحياة وقد تخطى العتبة الأربعين بها.
أسترسل حديثهُ للقابع أمامه:"أحضره الآن"كل ما يحدث الآن هو تواصلٌ بصرئ دام لعدة ثويناتٍ أو أكثر بقليل..
كأقطابِ المغناطيسِ المتشابهة يتنافرون، كلاهما متجهمي الوجه، الفاصل بينهما هي تلك الطاولة..فاصلٌ حياتييٌ مرئيٌ وملموس..-في يوم الإثنين الموافق لتاريخِ الخامس عشر من يوليو، بينما كانت جحافلنا تتفقدُ أوضاعَ القرية كالعادة، وكان على رأسهم القائدُ المخلص فرانسيس، كنتَ أنت وأمك وأخيك في المنزل..
أتى القائد فرانسيس وقررَ تفتيش المنزل..
هل أنت متفقٌ مع كلامي إلى هنا؟.تحركَ رأسي للأعلى وللأسفل دلالةَ موافقتي على كلامه.
••••••••
إنتهى.رأيكم ؟
_البارت الثاني قيد الكتابة_
أنت تقرأ
مشنقة الفناء
Short Storyرماديٌ مُسْوَد ... جدرانٌ غلفت سَدفَ حياتك . رذاذٌ غربيبٌ يعيثُ في قلبكَ فسادًا. ترنيمةُ طيرٍ تلوحُ بين ثنايا عقلك . آنينٌ صامتٌ ينبعثُ في خضمَ دَعَة مرتعك. وأصفادٌ تتمسكُ بك كشبكةِ اصطيادٍ لأحد ففرائس الحياة ...! ••••••••••••••••••••• فائزة في مساب...