: لا .. أنظر إليكِ هكذا لأنني أحبكِ!
قلتها و أنا أحدق في عينيها السوداء الواسعة، لا يفصلها عني سوى بضع إنشات.
راقبتها بكل تفاصيلها وهي تنظر لي بصدمة،
و عادت بي ذاكرتي الى ذلك اليوم الذي التقيتها به، بعدها لم أستطع إخراجها لا من دوامة عقلي ولا من هيجان قلبي و خفقاته، ثم أدركت أنني وقعت بها - بصورةٍ مؤلمة -!
قالت أخيراً كأنها لم تصدق ما سمعت : أنت... ما الذي تقوله؟
أومأت و أنا أؤكد لها : أحبكِ أيتها الفتاة الغريبة!
قالت بانفعال : و لكن لماذا؟ هل تظنني غبية لأصدق كلمة كهذه؟!
حسناً أنا بالتأكيد لا أعتبرها غبية، ولكنّ شخصيتها هذه التي هي أكبر من عمرها تفاجئني مجدداً؛ لأنّ المرة الأولى التي تفاجأت بها كانت حين خضنا معاً نقاشاً حامياً ولم يخرج هو من عقلي أيضا بل أتذكر كل كلمة به!
قلت بهدوء : أنا لا أظنك غبية بالطبع!
قالت بانفعال : هل تدرك ما تتفوه به؟
نظرت في عينيها : لماذا؟ هل قلت أنني ارتكبت جريمة؟! أنا فقط أقول أنني أحببتكِ!
قالت : أنت كاذب!
قلت ببرود : ليس لدي سبب لأعترف لكِ بمشاعر لا أمتلكها!
قالت مجددا : ولكن هذا... خطأ!
ابتعدت عني واتجهت نحو الاريكة : لا يجب أن يحدث هذا.
استدرت لأنظر لها : و لماذا؟
نظرت لي : لأننا في حرب!
اقتربت بخطوات مدروسة وأنا أراقب اضطراب جسدها : لأننا في حرب؟! وهل الحرب تنهي الحب؟
رأيت دموعها تتدفق الى مقلتيها : بالطبع! لا وجود للحب فيها! إنها وحش فقط لا يرحم أحداً!
قلت : آه ونحن من المفترض منّا أن نخاف منه فقط؟ لا نقاومه؟ لا نقول هذا الوحش قريباً سينتهي ونبحث عن أي شيء صغير لإنهائه؟
نظرت لي بعدم استيعاب : آه وهذا الشيء الصغير بنظركَ هو الحب؟
قلت مؤيداً : بالطبع!
جادلت : مستحيل! أنت لا تفهم! وسط كلّ هذا الخراب كيف... كيف تفكر بالحب؟!رمشتُ بهدوء وأنا أحدق بعينيها المليئتان بالدموع : ولأنني وسط كلّ هذا الخراب كنت بحاجة إلى شيءٍ يُعيد إعمار قلبي، وكنتِ أنتِ التي فعلت هذا أيتها الفتاة الغريبة!
قالت باستنكار : فعلتُ ماذا؟! أنت لم ترني سوى لمرة واحدة!
أنا حتى... انا حتى كنت في حالة يرثى لها!
قلت : هل قال لكِ أحدٌ ما أنّ الحب يحتاج إلى وقت؟!
الحب لا يحتاج إلّا إلى دقة قلب!
جادلت : أنت مجنون! مجنون!
قلت بانفعال : مجنونٌ لأنني لم أستطع إخراجكِ من قلبي طوال الشهرين الماضيين؟!
أنتِ لا تعرفين كيف تجعلينني أشعر!
نزلت دموعها : أنا لستُ جيدة مع المشاعر!
أغمضت عيني لأسيطر على نفسي وهمست : لا تفعلي إذاً!
همست لي بصوت مبحوح من البكاء : آدم...
ولم تستطع الإكمال.
فقلت : أرأيتِ؟ طريقة نطقكِ لاسمي ظلّت تلازمني منذ ابتعادي عن المنزل! أنتِ تقودينني إلى الجنون!
أرجوكِ افهميني!أكملتُ بعد وهلة : أنا ظننت أنني انتهيت وأنّ قلبي انتهى منذ سبع سنين، منذ اللحظة التي فقدت بها عائلتي في الحرب!
ولكن... حين رأيتُكِ ذلك اليوم، طريقة مقاومتكِ لي، نظرة عيناكِ الشرسة، دموعكِ، لا أدري ماذا فعلتي بي! لا أدري.
كل ما شعرت به حين نظرت اليكِ... شعرت بالسلام!ارتجف جسدها فجأة ونظرت لي بذعر كأنها أُلقي القبض عليها في الجرم المشهود!
تمتمت : سلام؟
اومأت لأؤكد لها : أجل... سلام! أنتِ من قلتِ لي أنّ المسميات غير مهمة، وأنّ الحرب ممكن أن تكون سلام والسلام يكون حرب!
قالت : لكن... لم أكن أقصد هذا!
فتحت يداي : لم تكوني تقصدين ولكنه علق بذهني!
أنزلت يداي و قلت : لماذا لا تتقبلين الأمر فحسب؟
تمتمت : لأنني... لأنني لا يمكنني أن أحب!
نظرتْ لي بتيه : أنا لا أعرف الحب! أنا وعيت على هذه الحياة ومن حولي كل أنواع القتل والبشاعة!
حتى حين كانوا يقولون " حب " أمامي كنت... كنت أسخر منهم! لأنني لا أؤمن بوجوده وسط هذا العالم الأسود كالليل!
حدقت بها لوهلة والتزمت الصمت حين انفجرت بالبكاء مرة أخرى.
فكرت قليلا، ربما كنت متسرعاً؟ إنها على أية حال ماتزال طفلة!
آدم، ما الذي فعلته؟اقتربت منها ببطئ، همست بصوت حنون : أيتها الفتاة الغريبة...
نظرت لي بتوجّس، فقلت : ليس شرطاً أن تشعري بالحب نحوي...
ابتلعت ريقها ولم تفهم عليّ.
أكملتُ بنبرة خافتة : إن للحب ألف وجه كما الحرب تماماً!قد تكونين حقاً لا تشعرين بالحب ولكن، يوجد ألف شعور يعادله.
رمشت هي بعدم فهم : مثل ماذا؟
قلت بحبّ : مثل الأمان! لا شيء يعادل شعوركِ بالأمان وسط هذه الحرب أيتها الفتاة الغريبة!
ارتجفت وهي ترجع للوراء : من أخبرك أنني أشعر بالأمان معك؟
رفعت كتفاي : حسناً... لنقل عيناكِ!
حينها، شخص بصرها وهمست : أنت... فعلاً تحبني؟
اومأت : ولآخر رمق! أنتِ سلامي الوحيد.
تساءلت : ماذا لو كنتُ أنا الحرب؟
ابتسمتُ أنا بحزن : حينها... أهلاً بالحرب!
أنت تقرأ
الوجه الآخر 1 /مكتملة
Historia Cortaلم يكن لدي فرصة لأقاومه! فهو أقوى مني بكثير! كنت كالريشة بالنسبة له إن نفخ عليّ أطير! وامتلأ قلبي بالرعب حين شدني من يدي ليوقفني أمامه حيث ظهري للباب! بدأت بهزّ رأسي ب'لا' ! لا تفعل! لا أستطيع تخيّل نفسي حين ينتهي مني! كيف سأعيش؟ أعلم أنهم سيتركوني...