النهاية

4.3K 149 22
                                    

نزل إليها فوجدها تعضُّ على شفتيها وقد احمر وجهها وتبللت خصلاتها التي استطالت بالعرق
إثر التعب، ألبسها والخوف قد تسرَّب إلى قلبه لكنه يجب أن يكون قويًا لأجلها لا أن يتصرف كالنساء.

حملها برفق وخرج بها ليُركبها السيارة وينطلق حذرًا بسرعة متوسطة كي لا تحدث مصيبة بسبب توتره، وصل بها إلى المستشفى لتستقبله ممرضة من الإسعاف، أجلسوها على كرسي متحرك، تعجَّب من قوتها وتحملها للألم، أحسَّ بغصةٍ في قلبه من مظهرها، كان يجب أن يمهلها المزيد من الوقت فهي أصغر من أن تتحمل هكذا ألم، لكنه يجهل أن حوَّاء قد أمدها االله بقوةٍ تجعلها صامدةً مهما كان الألم، فلو قلت القوة يقولون الرجل، أما الصبر والتحمل
فهي الأنثى.

قطع تفكيره وصول ممرضة أخرى وهي تهتف بزميلتها:

- خذيها إلى غرفة العمليات حالاً لنجهزها، الدكتور أمجد جاهز.

"أمجد!"

هل ذكرت اسم رجل الآن أم أخطأ هو السمع! لقد أخفى بطنها وكاد أن يخفيها هي بهذا اللبس والآن هذه المعتوهة تقول أمجد!

وجدهم يسحبونها فأفاق من شروده ليوقفهم ومد يده ليمسك بالكرسي تحت نظرات إسراء
المذهولة وتأوهاتها التي تكاد أن تعود للصراخ.

- ألا يوجد غير أمجد هذا؟

اتسعت عيناها دهشةً في حين ابتسمت كلتا الممرضتين إعجابا به وبغيرته عليها، وهي لاحظت ذلك وتعالى غضبها لتصرخ به:

- ليس وقت غيرتك قصي، هل تريدني أن ألد لك هنا في رواق المستشفى؟!!

زفر في حنقٍ ومدَّ يده ليمررها بين خصلاته في غضب:

-لا أريد أن يلمسك ذكر إسراء، على جثتي.

زمَّت شفتيها في ضيقٍ وزاد ألمها لتصرخ به:

- أتريد أن تستلم جثتي إذًا؟ كفاك جنونًا قصي! كفى!!

ربَّتت الممرضة على كتفها وابتسمت لها برقة:

- لا تقلقي وتنفسي جيدًا، هنالك الدكتورة منى سنطلبها حالا.

تنهد هو بارتياح، أمَّا هي فقد رمته بنظراتٍ نارية تكاد تحرقه، فزمَّ شفتيه وهزَّ كتفيه ليتمتم بضيق:

- أنا أحبكِ ولن أسمح لأحدٍ بلمس زوجتي.

رفعت وجهها تستدعي الصبر ثم أخذتها الممرضتان للغرفة واستدعتا الطبيبة التي أذنت له بحضور عملية الولادة ما دامت طبيعية.

علا صوت صرخاتها واحتدَّ الألم فأرهقها ولم يعد لديها سوى الصراخ والصبر، أما هو يكاد يجن، يخشى فقدها ويموت لو أصابها مكروه، وكره نفسه لاستسلامه لغيرته وتصرفه بأنانية.

لاجلك تغيرت (وسام مصطفى) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن