أنا هنا يا أبت

95 5 1
                                    





"بابا وينك ؟ " صرخ بها ذلك الصغير غير ابه بما حل بجسده الصغير دماء طاهرة  تقطر من جسده المثقوب فتروي تراب سوريا 

جزع يرتسم على وجهه الباهت ضاعت ملامحه في اخر مرة رأى بها والده ..

يُكرر مناديا يلتفت يمنةً ويسرى , أين الازهار في حديقة العم أحمد ؟

أين الأرجوحه التي كنت اتي اليها مع أبي

هذا الصبي قد ولد في خضم حرب سوريا , واقعه الذي تسطر بالفقد والحرمان منذ خطت قدميه الى هذه الأرض المغتصبة أعتاد على

 رؤية الركام والانقاض , أعتاد على سماع صراخ الناس صغارا وكبارا ذكورا وأناثا يستنجدون ولكن ما من مجيب هذا المنظر بدى

 عاديا لطفل ذو أربعه سنوات . 

في الشتاء يلتحف في حضن أمه  التي اعتادت ان تبتسم كلما رأت عيناه , يفرح كثيرا حين يرى أمه تأتي بطعام يؤكل ك كسرة خبز أو

 ربما قطعة من اللحم الفاسد التي لم تتحل بعد .أما والده الذي يراه بطله لان اخوته كانوا يسرقون العابه فيصرخ بهم قائلا" سأخبر أبي

 عنكم " وسرعان ما يخافون كان أبن أبيه المدلل

ربما لن يستطيع العالم ألذي يرقد كل ليلة في سريره دافئا أنى لطفل ذو 4 أعوام ان يستيقظ على اصوات البراميل المتفجرة التي تدب

 الرعب في القلوب صوتها ينتشل كل ذرة امان ولدت من نسمات الامل العقيمه توحي بقرب النهايه لا تعرف ان كنت ميتا او ما زلت

 على هذه ألارض فأن استطعت أن تزحف خارج الانقاض ف لله در حظك وان استطعت أن تهتف مناديا بالنجده فأنت حتما محظوظ 

ولكن ما يدب الرعب في القلوب هو الدخان الذي يغشى المكان بعد الانفجار يخطف أطياف ألامل المتعلقة بقلوب السوريين  ثم تطير

 عاليا وتدنثر مع الريح ولكنهم كل يوم يستيقظون بألامل ذلك الامل الذي بثه الله في عباده  ويستبشرون خيرا في قلوبهم ..

كان ألاب غالبا ملازما لاطفاله خوف ان يتخطفهم الموت ببرميل متفجر او عبوة ناسفه هو يعلم حق اليقين انه سيموت معهم لا محاله 

لكن نزعة الابوة التي تستكين في كيانه تسيطر على جوارحه المثقوبة فيأبى الابتعاد عن زوجته وطفله الصغير ويناضل من أجل 

الحياة.. 

 يركض ورؤية ضبابية تغشاه لتجمع الدموع في عينيه..،

يحاول الركض ليصل الى منزله , 

تاركا الافكار السيئة التي تتسل الى قلبه المفزوع

قد نتسائل ما هي الافكار السيئة التي تراود عقل هذا الصغير؟

أهي لعبة سرقها أحد اخوته مجددا؟

أم جوع يقطع أحشائه ؟

ولكن لا هذا ولا ذاك كل هواجسه كانت عن والده  قد سمع ان شرقي ريف حلب وقع أنفجار كبير

حلب دياره ووطنه ويستحيل أن ينسى هذا ألاسم ربما هذه نعمة من الله من الله عليها بها لذلك الجريح كي يستطيع المضي قدما حينما 

يبحث عن والديه بها

يدور ويبحث هنا معالم مسجد كان يكبر 

وهنا بقايا بيوت الجيران ..

داء تلون المكان لتشكل صورة دموية 

"هذه هي حلب , هذه هي سوريا" 

قلبه المسكين الصغير قد انقبض حينما رأى بيته 

عن أي بيت اتحدث ما هو الا كومة ركام 

ركام بين ثناياه قصص وحياة 

خانته قدماه  وتجمد الدم في عروقه الكلمات تناثرت في طريقها الى بيته كل شيء بدا اسودا حالكا 

بيته الذي لم يأويه من البرد ... الارضية التي اعتاد صلباتها والسقف المتهالك كلها لم يكن لها أثر 

ان ترى بيتك ووطنك وارضك تهدم امام ناظريك شعور مؤلم اليس كذلك ؟ لا بل هو شعور قاتل لن نشعر به ابدا ما دمنا لسنا في "سوريـا " 

هذا الطفل الذي يصارع من اجل الوقوف يصرخ من اعماقه قائلا"ماما ..ب ببب بااابا " صرخ صرخة مدوية  صرخ صرخة الطفل الذي تيتم , الزوجة التي رُمِلَت , صرخ عن كل الطفولة المسلوبة  صرخ على الارض المسروقه على الدماء التي أريقت والاهم صرخ عن اللعبة المدفونه في كومة الركام بجانب جثة مقطعه........

الشعور بالوعي والفهم المسبق في مرحلة الطفولة لت تجده عند عباقرة العالم ولا لدى ذوي العقول النابغه ستجدها صرخه تائئه في حلب  صرخة من ذلك الطفل المغترب في وطنه...

ينظر الى أبيه الذي لا يكاد يرى من تحت الركام 

كان ليكون ميتا لو انه لم يخرج لجلب بقايا فتات  الطعام من احد اركان بيت تغرب اصحابه..

"بابا لا تروح بابا لا تخليني خلاص وعدتك اذا سمعت صوت الصاروخ اتخبى منيح بابا رد علي بابا من يجيبلي لعبتي بابا وين اروح رد علي يبابا بابا بيوخذوني بابا ما تخاف رح اقتل بشار واوخذ بارودتهاايوه اضحك يبابا انا قوي زيك" هذه كانت اخر كلماته قبل ان ينهار مغشيا عليه...

سيارات الاسعاف ووكالات الاستغاثة ما كانت لتقترب الى حلب 

لكن شاء الله ان تاتي سيارة لنقل جيش بشار المصابين اثر الانفجار الذي شل الحركة كليا

رأوا ذلك الطفل مغشيا عليه أرادوا ان يتجاهلوه لاعتقادهم انه ميت ولكن رأوا اطرافه تتحرك اسرعوا اليه وحاواة تضميد جراحه ولكن الجرح في القلب فماذا عساه يفعل ؟ 


                                                                              -المأساه تتبع -






سَأخبر الله بكل شيءWhere stories live. Discover now