| تم التنقيح مِن قِبل فرسان اللغة |
--لا أعلمُ من أينَ أبدأُ تحديدًا، وَلا أظُنّ أنّكم تريدُون مَعرفة المَكان، فبالكاد أستطيعُ الإبصَار، كمَا أن الرائحة عَفِنة. على كُل، لِنَعُد قليلًا إلى الوراء، حِينَ كُنتُ فِي سنِّ السادِسة، الفتى الفُضُوليُّ الهادِئ.
كَانتْ ليلةً مُعتمة وباردة ومُتحجّرة، تمامًا كَقلبِ ذَوي شَاراتِ النُجومِ على أكتافِهم. كُنتُ أسيرُ بِرفقةِ والديّ نَحوَ متجرٍ ما، وَفجأة اعترضَ طريقنا أحد أصحابِ الشَارات.
شبَّ شِجارٌ بَين وَالِدِي وَذلِكَ الغَرِيب، لَمْ أفهمْ عَمّا كانا يَتحدثان، جُلّ ما عَلِق في ذهني هُوَ تردِيدُ الرجُل كلمة «أسوَد» والتي كانت مُوجهةً إلى أبي، لمْ أشعُر إلّا بأمّي وهي تَحمِلُني ومن ثم راحت تهرولُ بِي، اختبأنا فِي أحد الأزقة ثم أخذنا نَخطُو بهدوء حتى أطلّ الشارع على مكانِ وقُوفِ أبي.
سمعتُ صوتًا غريبًا مُدويًا، وَإذ بِي أرى والدي قَد سَقطَ أرضًا وَسائلٌ قرمزيٌ يَخرُجُ مِن جسدِه، وَأصواتُ التَصفِير وَالتَشجيع قد ملأت المكان.
استدرت نحو والدتِي لِأرى لآلئًا تخرُجُ مِن مُقلتَيها، سألتُها وَيا ليتني لمْ أفعل: لِمَ أبي ينزفُ دمًا؟
«والدُكَ مات.» تحدثت بنبرةِ صوتِها المُنكسِرة، ضمتني إلى صدرِها، أُغرِقت بِدفئها وَآخر ما سمعتُهُ كان قَولُها: إنّها العُنصرية.
لمْ أتمالك فُضولي حَولَ قصدِ أمّي؛ لِذا سألتُ خالتِي فِي اليومِ التالِي فأجابت بِصوتٍ مهزوز: هيَ أن تكره أحدهم لأنه ليس مثلك، تمامًا كما يفعلون معنا، لأننا سُمر.
في الحقيقةِ لمْ أستوعِب مقصدها إلّا حينَ كَبِرتُ وَلمْ تَقبلني الجامِعة الحُكومِية بسببِ كَوني أسمر، أو كما يسمونني أسود.
اضطررتُ إلى التسجيلِ فِي جامعةٍ خاصّة، لَكِن ما صدمني حقًا هو تخصيصُهم مَشارِب ماء لِلسُمر، وَحتى دوراتِ المياه، أينَ العَقل؟ أولسنا جميعًا بَشرًا؟ ذوي دم واحد؟ خِلقَة واحدة؟ إذًا لِمَ التفرِقة؟ ألأنِني لا أحملُ اللون نفسه؟ وَما شأني بِصبغةِ الميلانين؟
بعدَ رَمِيهم لنا نحنُ السُمر خارِجَ سكنِ الجامعة، تَوجّب علينا البحثُ عن مأوى، كان الأمرُ صعبًا جدًا؛ أن تجدَ منزلًا في نهايةِ المُقاطعة وَجامعتكَ فِي بدايتِها.
وَأخيرًا عزمتُ على أنني سأُقيمُ مظاهرة لِأجلِ السُمر، خَرجتُ ليلًا بِملابسِي الاعتيادية، وَبِيَدي لوحةٌ كُتب عليها بالخط العريض «لا تُفرق بينَ اللون، كلنا من الكون نفسه.» وَظللتُ أصرخُ هاتفًا بِتلكَ العِبارات.
في يوميَ الأول لمْ يعترض أحد، الثاني كذلك، لكن في الثالِث أتاني شُرطي مهددًا إياي بِتركِ المكان وَإلا سأسجن، لمْ أهتم وَواصلتُ مسيرتي وَحدي فِي أحياء وشوارِع عدّة، كان رجال الشرطّة يصرخونَ فِيّ، وَيهددوني فَألجأ إلى مكانٍ آخر.
فِي يومٍ ما قررتُ العودة إلى أولِ مكانٍ بدأتُ عِنده، لَمحتُ الشُرطيّ نفسه وَهو يتوارى داخل أحد الأزقّة، لمْ أعر الأمرَ اهتمامًا وَفجأة رأيتُ مجموعةً مِنهم يَحملون أسلحة موجهة نحوي.
«ارفع يدك وَتعالَ معنا.» نبسَ الشرطيّ مِن خلفي، بينما مُسدسهُ يدفعني لِأدخلَ سَيارَتَهُم.
تمّ إدخالي إلى هذا السِجن الذي أقطن فيه حاليًا، لا يُضيء المكانَ سوى ضوءُ القَمر، وَالسِراج المُعلق أمامَ بابِ الزنزانة.
ما أُريدُ إيصاله هوَ أن الصِراعَ كَلوحِ الشِطْرَنْج، لكِن بلونين: الأبيض وَالبُنيّ؛ فالبُنّي يمثل السُمر، وَالأبيض يمثل البِيض. نبدأُ متعادلين، ثمّ فجأة يخترقُ الأبيضُ قوانين اللُعبة لِيُصبِحَ أقوى، فتتشكل العُنصرية.
لا أقولُ أنّ كلّ البِيضِ عُنصريّون، فَهُناك الرَّخ، يَسيرُ باستقامة لكِن فوقَ ذلِك هو لَن يدعكَ حيًا إن اعترضتَ طريقه، وَما زالت حربُ الشِطرَنج مُستمرة.
أنتَ هوَ لاعِبُ الشِطرنج، وَمِن كِلا الطرفين، فِإمّا أن تُخسِر البِيض، أو تَفعل معَ السُمر، وَطالما أنّك المَركَز، بإمكانكَ اختراقُ القوانين بحثًا عن التعَادُل.
أرسلتُ قبلَ قلِيل رسالةً ورقية مُستغيثًا بِأتباعِي السُمر، آمل أن تَصِل حقًا.
أسمعُ صوتَ أحدِ الحُراس، مِن كَلامِهم يَبدو أنّهم وجدوا الرِسالة، سمعتُ قهقهةَ أحدِهم وَهو يُحرك مفاتِيحَه: محاولةُ الاستغاثة وَالهروب، هوَ فِي عدادِ الموتى.
فُتِح بابُ الزِنزانة وَ أبصرتُ النورَ المُشِع، اقتربَ مِني حارسان، سَيأخذُونني الآن لا مَحالة، حان وقتُ الوَداع.
«الآلافُ من السُمر ماتوا وما زالوا يموتون بسببِ كونهم سُمرًا.»
تمت بحمد الله.
--
بليلة : باردة.
الميلانين: هي الصبغة المتحكمة في لون البشرة.- قبل ما أسأل عن رأيكم، أحبّ أوضحّ أنّي ما اهجم على أي فئة، أني لست ضد البيض، أنا ضدّ العُنصرية والعنصريون فقط!!!
-كما أني لمْ اذكر أي اسم لولاية أو حتى اسم الشخصية ولم اضع ديانة ولا شيء، حتى لا يكون تحيزًا على فئة.
- واتوقع الهدف الرئيسي واضح!
-رأيكم؟
-انتقادات؟
- بالنسبة للي زَعل على مُوتُه، أحب اوضحّ أن هالشخصية لمْ تمر بِآلآم كبيرة كما حدث مع عددٍ هائل من السُمر، وَ موته كان شيئًا اعتياديًا في بلدٍ عنصري، تضامنوا قليلًا #لا_للعنصرية.
-ثاني ون شوت-
- كل الحبّ للبيضِ وَ السُمر.
كتب كاملًا يوم 12/7/2017 - الاربعاء.
حصل على تعديل بسيط جدًا يوم 14/10/2017 - السبت.