كوبُ القهوة الثالِث.

336 67 31
                                    

إضطرت إلى الذهابِ لِلتسوق مع والدتِها، كمّ تكرهّ التسوق بِأنواعه! ما المُمتع في قضاءِ الساعات لِشراءِ ثوبٍ جديد؟

فقط أبتاع ما تجدهّ جيد، لكن لا، الجميع يسعى لِأختيار الأجمل في عينِ الناسّ، كما لو أنهُم يهمون.

"أوه! هذا رائع عزيزتي! أنظُرِ!"

قالته والدتها مُشيرةً على فُستانٍ وردي اللون مع بعضِ الأزهار الحمراءِ في أطرافهِ.

"لكن أمي أنا أمقُت اللون الوردي!"

قلبت عيناها وقالت بينما كل ما تُركز عليهّ هو كيف ستهرُب مِن هذا الموقف المُزري.

"لكن اللون الوردي لونُ الفتيات."

قالت والدتها لِيتقضب حاجبيها وتُجيب ساخرة:

"ها أنا ذا فتاة ولا أحب الوردي!"

أجابت مع نبرةٍ غاضِبة.

"أنتِ فقط ترتدين السراويل! الفتيات لا يرتدن السراويل فقط! وخاصةً السراويل الواسعة الخاصة بِالفتيان!"

أجابتها والدتها وهي تسحب الفُستان وتُعطيها إياه.

"هيا إرتديهِ! حالًا!"

قالت وظلّت تدفعها حتى غُرفة تغيير الملابس.

وقفت في الغُرفة وأسندت ظهرها على المرأة، تذكرت حينما أخبرها أنه يُحبّ كيفَ أنها مُختلفة عن الباقي، وكيفَ أنها لا تهتمّ لِما يعتقدهّ الأخرين بِها.

أخذت الدموع مكانهُا على وجنتاها وهي تتفقد هاتِفها مُجددًا أملة أن تتلقى رِسالة مِنه.

لكن وكَالعادة لا إجابة، فكرت بِالأتصالِ بِه لكنها دائمًا ما تتراجع حتى لا تشعُر بِالشفقةِ تِجاهِ نفسها.

مسحت دموعها وفتحت باب الغُرفة بينما والدتها واقفة أمامها قاضبة لِحاجبها.

"لِماذا لمّ ترتديهِ؟!"

سألتها بغضبٍ لِتُجيبها قائلة:

"السراويل صارت الموضة الجديدة!"

أخذت طريقها عائدة لِلمقهى غير مُبالية لِوالدتها على الإطلاق.

وصلت لِلمقهى وأخذت مكانًا بعيد كُل البُعد عن أي أحد، فقط تود الإنفراد بِذاتِها وقهوتها.

"مرح--"

لمّ يكد يُكمل حتى قاطعته قائلة:

"فقط ككُلِ مرة، قهوة سوداء بدونِ حليب أو سُكر، وسريعًا أرجوك."

أومأ الفتى وأخذَ طريقه حتى يُحضر لها القهوة، عادَ سريعًا معها لِتبتسم حالما تراها مُتذكرةً له حينما كان يأتيها مُمسكًا بكوبِ القهوة خاصته.

"أشكُرك جزيلًا."

قالت بلهفةٍ وأخذت ترتشف قهوتها سريعًا رغمَ سُخونتها الرهيبة، لمّ تُبالي فقط أخذت ترتشف مِنها وتتلذّ بِطعمها الرائع.

الجميع سوفَ يحكُم عليكِ لِإنكِ مُختلفة، ولن تستطيعي فِعل شيء، لكّن تستطيعين تجاهلهُم.

ظهرَ صوتٌ هذهِ المرة عميق وأجش، أبتسمت وهي تضعه على الطاولة لِتهمس:

"وما أدراكَ أنتَ؟ أنتَ مُجرد كوب قهوة؟!"

الجميع يُخبرني بأنني مُرُ الطعم ومُقزز، لكن هل أهتم؟ كلّا. فأنا غير مُبالي لِأي شيء، هكذا يجب أن تعيشي، تقبلِ وأسعدِ بِالأشياءِ الجيدة وتجاهلي السيئة والقبيحة كما لو أنكِ لمّ تعرفيها مُطلقًا.

قهّوة | Coffeeحيث تعيش القصص. اكتشف الآن