(هي)

860 62 37
                                    

♪ الجزء الأول :-

هي ليست مختلفة عن البقيَّة، سوى أنها كلما تألمت أكثر زاد إتقانها لفن التمثيل، تضحك كما لو أن الأرض قد لا تسع لفرط سعادتها..ولكن..لا أحد..لا أحد قط..استطاع تميّز فرحها الصادق بين حشد الإبتسامات الزائفة تلك!

تُجيّد إرتداء الأقنعة وترقص في حفل الحياة، شربت من كأس التعاسة حتى أسكرها وما عاد قلبها يحتمل!..فهجرته..تركت له مهمته الفسيولوجية الأساسية فقط، ألّا وهي ضخ الدماء..مع الكذب، مهما كانت تعيسة..لن تُرِي العالم ذلك الوجه الباكي قط..هي تمامًا..مثل المهرج الذي يضحك الجمهور وينشر البهجة ثم يختلي بنفسه ليبكي بمرارة.

لم تكن من النوع النشيط لكنها تظاهرت بذلك، تظاهرت بالحيويَّة المفرطة..بأنها مشغولة بكل شيء، من دراسة، اجتماعيات، جمعيات خيرية، وأصدقاء تنتهي حدود صدقاتها بهم عند بوابة الجامعة، كانت وحيدة..رغم الذين يحيطون بها.

فتاة عادية للغايَّة، في مظهرها، مشيتها، كلامها بل حتى شخصيتها فقط أنيقة بحزنها وغموضها..كصندوق بلا مفتاح، يجعلك تتساءَل عمَّا يوجد بداخله.

تعود إلى المنزل بعد يومٍ طويل متعب قضت أخر ساعته في انتظار حافلة لم تأتِ، لتقرر السماء أن تمطر بعدها، ولسخريَّة القدر، يقود احدهم سيارته بسرعة..فيعطيها حمام طين!

إنه حظها وتعرفه جيدًا لهذا لم تعد تتذمر منه.

دلفت بهذا المنظر إلى المنزل أو ما تدعوه سخريةً بالمنزل لتجد حفل استقبال حار في انتظارها، تنهدت، تنهيدة يائِسة من قرارة روحها فقد سرد لها عقلها مسبقًا ما أوشك أن ان يحدث بتفصيل ممل حفظت روتينه عن ظهر قلب، فغالبًا ستعاتبها والدتها لأنها لم تجب على المئة مكالمة الفائتة منها، ستصرخ بأعلى حنجرتها لتُسمِع الجيران، أنها لم تُجِب على الهاتف اللعين وأنها كذلك فتاة ملعونة ليتها لم تولد على سطح البسيطة، ولربما يود والدها أن يفرض هيبته في المنزل..فتتلقى صفعة أو اثنتين لترمقهما كالعادة بنظرات خاليَّة من كل شيء عدا كراهية تبرقُ في قزحيتها، واضحة لمَنْ ينظر كي يرى. ثم ستنهض، تكر حقيبتها على الدرج مع بقاياها لتصفع باب الغرفة خلفها بشدة بينما تتمنى لهما الموت من أعماقها.

هي..لم تكن بهذا السوء ولكن المعاملة التي حصلت عليها كل يوم أجبرتها على التقهقر والإختباء خلف جدار منيعٍ من الحقد عله يحفظ لها قدرًا من إنسانيتها التي كانت تسكب، تُهدَر..تغادرها شيئًا فشيئًا دون أن تتمكن من إيقاف انسيابها، وهكذا ذات صباح فتحت كلا عينيها مرة واحدة، كمصباح أضاء فجأة لتعيّ كونها صارت في الدرك الأسفل من اليأس وفقدان الرغبة في الحياة، فما أمامها كان حاضرٌ باهتٌ بلا ألوان يتدرج من الأسود للرمادي، والمستقبل..اتمزحون أيّ مستقبل هذا وفكرة الانتحار كانت تداعب خيالها كل يوم!

Behind ThE ScreeNs♪حيث تعيش القصص. اكتشف الآن