صداقة لا تنتهي

168 4 0
                                    

بدى الطقس معتدلا فجر هذا الصباح مع بعض الرياح بين الحين و الاخر.
و قد بدى المشهد خلابا بحق عند المفترق الشمالي بفضل مشهد الشروق العظيم من هذا المكان فقد كانت الشمس صفراء ساطعة كحبات القمح قبل حصادها و ما زادها جمالا تلك السماء الزرقاء الصافية كصفاء المياه العذبة.
كان جون واقفا ينظر إلى ذلك المشهد مرتديا نفس ذاك القميص و السروال في المقهى عندما كان جالسا مع مستشار الملك الجديد(دون علمه بطبع) إلا أنه كان يضع سيفا في الجانب الأيسر من السروال و خنجرا في جانبه الأيمن.
إنتظر للحظات و بعد حين من الزمن تحرك قائلا في نفسه" إنتظرت بما فيه الكفاية" و إتجه نحو بداية غابة _هي على الأغلب غابة الموت_و توقف قليلا عند بدايتها و نظر نظرة أخيرة خلفه و إنطلق مسرعا .
بدت غابة الموت مخيفة جديا فئيا كان من أطلق هذا الإسم عليها فقد كان جاد لأبعد الحدود فقد كانت أشجارها كثيفة بطريقة غريبة و عالية حتى حجبت نور الشمس إلا بعض الأشعة المارة عبر فتحات صغيرة بين الأشجار فتبقى الرؤية صعبة لكن تزال رغم ذلك غير مستحيلة.
كان جون يتحرك بحذر شديد لعدم رؤية ما أمامه بطريقة جيدة و مشى عبر طريق مستقيم لحوالي مائة متر و إستدار بعدها لبعض سنتيمترات و صعد للأعلى وسط أعشاب كثيفة أطول منه قامة و بعدما عبرها توقف قليلا ليلتقط أنفاسه و نظر قليلا لأسفل منحدر ثم قام بنزول ببطء شديد إلى أن وصل لأسفله حينها قد بدى الإرهاق واضحا عليه و كانت الرؤية صعبة أيضا فكما يبدو أن أول يوم لجون وسط الغابة قد واشك على النهاية تقريبا فقرر التوقف هناك ليأخذ قسط من النوم و قد بدى المكان مسطحا نوعا ما إلا أن ما أثار قلقه أن ماكان يحيط بالمكان أعشاب العالية تشبه تلك التي مر منها سابقا.
قام جون بنزع سيفه و الخنجر و وضعهما بجانبه و إستلقى على الأرض و بعد لحظات سمع صوت أقدام وسط الأعشاب فستيقظ و حمل سيفه و وضع خنجره في مكانه و بقى مترقبا ما سيحدث و بعد وهلة خرج رجلان من أعشاب و كان شكلهما غريبا بعض الشيئ فقد كان عاريا الصدر و يرتديان سروالين رماديين باليين ممزقان و قد بديا غريبا الشكل بتلك الأنياب الطويلة
و الوجه الشاحب و نظرا إلى جون مباشرة و تكلم الرجل على اليمين أولا مخاطبا صديقه " يبدو أن وقت العشاء قد حان" و إبتسم إبتسامة خبث و تحول بشكل مفاجئ إلى ذئب و قفز على جون و أسقطه أرضا و قام بتثبيته و بدأ يعوي ثم أنزل رأسه و نظر إلى جون مع لعابه الكثير الذي سقط على وجه جون.
و في لحظة التي كاد الذئب يعض فيها جون أتى صوت من الرجل في خلف و كأنه يتألم فتشتت حينها الذئب من فوق جون و أستطاع بذلك الوصول إلى سيفه و خرسه في بطن الذئب فعوى بتألم و أبتعد عن جون الذي إستطاع بدوره الوقوف و رؤية ما حدث أنه ثيون! و يحمل في يده مشعلا يخيف به الرجلان المتحولان إلى ذئاب بعد وهلة هرب الذئبان خوفا من النار التي بيده.
حينها قام ثيون بإسقاط المشعل على الأرض و نظر إلى جون الذي كان بفعل ينظر إليه و بعد نظرات من الأشتياق و الحنين تحرك كل أحد منها بإتجاه الاأخر و عانقا بعضهما و جلسا على أرض و تكلم جون قائل"كيف وجدتني هل كنت تتبعني؟" فهز ثيون رأسه بنفي و أجاب" لا لم أكن أتبعك ، لقد كنت أبحث عنك أيها الأحمق! حتى سمعت عواء ذلك المستذئب و تبعت الصوت حتى وجتك" و بدى جون حينها متعجبا و تكلم متسائلا"مستذئب؟" فأردف ثيون "نعم مستذئب أنها نصف بشر و نصف ذئاب لقد علمت بعض المعلومات عنها من أمي لترحمها الألهة و أهمها أنها تخاف الضوء و خاصة النيران" و أضاف" لذلك علينا إشعال النيران بسرعة" و قاما بجمع الحطب ليلتها و أشعلا النيران و جلسا حولها يغنيان أغنية حول الشجاعة و الفروسية:

تحتاج إلى قلب شجاع
لتقوم في القتال بلإبداع
كل الفرسان لها إمتناع
إمتناع عن قتل الأبرياء
إمتناع عن قتل الضعفاء
فكل الشجعان يعلمون وقت الإعفاء
الإعفاء عن قتل الخائفين
الإعفاء عن قتل التائبين
و لا تنسى تسمية سيفك يا أيها الفارس الشجاع
فكل سيوف الأبطال لها أسماء.!

و بعد إكمال الأغنية تكلم ثيون مستفسرا " من أين حصلت على هذا السيف و ما أسميته"
إبتسم حينها جون قائلا " لقد ورثته عن أبي و أطلقت عليه قاتل الأعداء"
و بعد فترة من الحديث بينهما ذهبا للنوم
تاركين النيران لتبعد المستذئبين.

الفرصة الاخيرة  حيث تعيش القصص. اكتشف الآن