الفصل الاول

1.1K 17 0
                                    


الفصل الأول

"بائعة الكيف"

ترددت كثيراً أن اقترب من تلك الكومة المتشحة بالسواد فى زاوية الحارة الشعبية ....لسنوات عمرى الخمس وعشرون كنت أخشى المرور من أمامها ...وجهها مظلم ...صوتها جهورى غليظ ....تتشح بالسواد دوماً ..... "بائعة الكيف " هكذا يسميها مروديها من أصحاب الكيف ......الجميع يعلمها جيداً تاجرة ممنوعات لا تخشى أحداً....بل من المحكوم عليه بالموت ليعترض من الأساس أو يجرأ بالحديث عنها ....لم أدرى لما تفزعنى رؤيتها لقد اعتقدت دوماً بأن تلك المرأة كوحشٍ ضارم ستفتك بي وتلتهمنى بين فكيها ....بأسنان فضية تزيد من بشاعتها ......اقتربت ودقات قلبى تتسارع كعداء ....صباح الخير سيدتى قلتها بتلعثم وأكاد أبلل ملابسى ...

لترفع بصرها ناحيتى وكأن عاصفة هوجاء ضربت أوصالى .....بسخرية وتعالٍ طالعتنى .......كدت أركض وأتراجع ....لكن صوتها الفظ جعلنى أتسمر مكانى ...ماذا يا فتاة ؟؟؟؟ أأرسلكِ والدكِ لشراء الكيف ؟أم تنوين التجربة ؟

لم يكن وجهها جلياً لى فالسحابة الدخانية المنبعثة من أنفها وفمها كادت تطبق أنفاسى ...سعلت طويلاً ...وبكلماتٍ مبهمة حدثتها ..لا سيدتى لم أتِ لشراء الكيف ...جئتك لأمرٍ أخر .......

بعينين غائرتين كبحرٍ مظلم ..أنف أفطس كبير تجاعيد جلية بوجنتيها ...فرغت نصف شفتها السفلى فى سخرية ..أمرٍ أخر ..أخبرينى يا صبية من أنتِ هل أرسلكِ المعلم صفوان أم المعلم مهران أم المعلم حزنان أسماء كثيرة لتجار ممنوعات قالتها لم أعد أتذكر منها اسماً واحداً ولكنى سارعت قائلة :لا لا سيدتى لم يرسلنى أحد لقد أتيت لأجرى حوار صحفى لجريدة أعمل بها معكِ قهقت "إذن أنتِ من تلك الفئة المدعية الثقافة والتحرر .فابتلعت كلماتها الفظة ولم أعلق فكيف لى أن اعترض قد لا أعرف معالم وجهى بعدها ..فقررت أن أجاريها ...سيدتى أخبرينى كيف أستطعتِ أن تنالى احترام ورهبة من بالحى ؟......لتتبدل معالمها للجدية فدب الذعر بأوصالى وحدثت نفسى ..يا للطامة لقد اقتربت نهايتى ...ستفترسنى كوحشٍ ضارم الأن إلا أنها طالعتنى وأجابتنى ..إليكِ الأمر فيبدو أنكِ فتاة طيبة القلب سأجيبك ولا أريد أن أرى وجهك الجميل بعدها وإلا ...لأقاطعها وعد وعد سيدتى لن أعود وأضايقك فقط أجيبينى على سؤالى ......

وجدانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن