صوت المنبه المزعج كعادته ينتزعني من أعماق الحلم للواقع ، أنهض ببطئ لا أعلم حقاً كيف ينهض شخص ما من نومه مسرعا !!أسحب خطواتي لأنتهي من الاستعداد للجامعة ، متى سينتهي هذا الروتين الممل ؟؟ لا يوجد حدث .. أكشن – كما يقال – يغير أحداث يومي ، دائما ما تقول أمي عندما أتذمر :- (( قولي الحمد لله )) أنا احمد الله فعلا .. غير أني أتوق دائما لحدث جديد على سبيل التنويع والتغيير والمتعة !!
أنهيت استعدادي وخرجت من حجرتي بسرعة ملوحةً لوالدتي في المطبخ ، تاركة خلفي صدى صوتها - ككل يوم - :- والإفطار؟؟
المصعد معطل أووووووه وكأن هذا ما ينقصني !! أسكن في الدور الثالث ليس بالبعيد ولكني فقط لا أريد واشعر بالانزعاج فعلا ً ، أمي تطلق علي شخصية متذمرة وعندما افتح فمي بالاعتراض تسكتني قائلة :- تخرجتي من الثانوية وقبلتي في الجامعة مجانا .. حسنا لنترك تعليمك جانبا لديك عائلة أب وأم وإخوة لديك مصروفك اليومي وملابسك لديك ابسط مقومات الحياة بلا عناء ، طبعا لا أجد رداً فأزم شفتي وأقول بصوت خافت :- الحمد لله لم أقل شيئاً ولكن اشعر بالملل دائما لا احد يفهم ماذا أريد !! وينتهي الحوار كما بدأ .
في الطريق إلى الجامعة تبدو الحرارة شديدة وكأنها لا مست الـ 50 درجة بالفعل ، لا يهم فالسيارة مكيفة ولكنها قديمة.. لطالما قلت لأبي نريد سيارة جديدة فأنا اخجل من هذه السيارة عندما أصل للجامعة أو اخرج لزيارة إحدى صديقاتي ، أعاود النظر من نافذة السيارة أتأمل الشوارع والطرق والأشجار التي ترتص بانتظام على الأرصفة الساخنة .. الحياة التي تسير بانسيابية وهدوء وكأنها وجدت بالفعل كذلك ولا يمكن أن تكون يوما غير هذا !!
عندما وصلت الجامعة كان يوجد في جدولي اليوم ثلاث محاضرات حسناً سأنتهي بعد صلاة الظهر تقريباً ، أريد أن أعود للمنزل وأنام هذا فقط ما أريده ، مضى اليوم سريعا ، أجمل لحظات يومي حين أعود من الجامعة في يوم ممل كهذا فاستحم وارتدي ملابسي المريحة وأغط في نوم عميق .. وضعت راسي على الوسادة وأسدلت أجفاني ببطئ هذا هو أجمل جزء في يومي ، حين أهرب من ممل الحياة للنوم ولا انهض إلا عندما اخذ كفايتي .. وهذا بالضبط الفرق بين النوم صباحا ومساء .. لطالما ضحكت صديقاتي من فلسفة النوم خاصتي هذه فانا أرى أن نوم المساء ينتهي بإيقاظي للعمل أو الجامعة ، بينما نوم النهار ينتهي حين اخذ كفايتي من النوم فانهض بثقل ودلال وبطئ !!
لكن هذا لم يحدث اليوم ولم تكن الأمور كما هي في العادة .. صحوت على يد والدتي تهزني بقوة ، تبدو متماسكة ولكني اعرف أنها عندما تحاول أن تبدو قوية فهناك بالتأكيد كارثة أو مصيبة قد وقعت ، صوت التلفاز في حجرة الجلوس مرتفعا على غير العادة ، صوت المذيع يبدو جادا وثقيلا بحجم الحدث الذي ينقله لنا .. ببساطة ثارت بعض الجموع التي كانت تطالب منذ أيام بالتجمعات السلمية – كما هي ادعاءاتهم - وكعادة أي حشود أو تجمعات فالأهداف لا تبدو واضحة ولا حتى (( السلمية )) التي تحدثوا عنها وإلا فمن أين خرجت زجاجات (( المولوتوف )) ؟؟ ومن أين بدء الهجوم على دوريات الأمن .. من أين بدأ التربص بالمارة في الشوارع ونهبهم .. من أين بدأ نهب محلات الأغذية وأجهزة الصراف الآلي .. والصيدليات ؟؟ من أين بدأ تكسير السيارات ؟؟ لا احد يعلم .. كل ما هنالك أني أدركت عندها جيدا أني نمت بملل واستيقظت على كارثة !! كان أول ما نطقت به بعد دقائق وأنا أقف مشدوهة مستيقظة للتو من نومي وأتابع الأخبار هو :- والجامعة كيف سأذهب غداً ؟؟ بالطبع نظرت لي أمي نظرة بلا معنى .. ولم تجب .. كأني كنت وقتها كمن يسأل عن البسكويت حين انعدم الخبز !!
أنت تقرأ
مسـاء الخير يا وطني
Short Storyقصة تدور أحداثها حول فتاة استيقظت على الفوضى التي أحدثها المتظاهرين في المدينة .. لتعيش تفاصيل الرعب والخوف والألم ..