الصباح و الوقوع في الحب

45 1 0
                                    

أن تختار شريكة حياتك ما هو إلا اختيار  ، أما أن تصحو فجأة تجد من تشاركك أنفاسك فهذا هو القدر .

كانت أمنية حياتي أن أجد تلك من تتخلل انفاسي ، من تجعلها تضطرب و تحيا بلحظة ، أن أكون وسط آلاف النساء و تكون هي وحدها مركز العين و القلب .
كالخمر تذهب العقل ، كالسحر تسكر القلب
كالورد تتفتح فتقبض النفس .

                                  ***
في صباح مشرق محمل بالأمل وقف رجل عاري الصدر ببنطال بيتي أسود داخل شرفة بالدور العاشر ، يغلق عيناه و يستند بساعده على سور الشرفة ، يلتقط رائحة الفجر ، و تشرق الشمس فتحيط بهيئته الرجولية تلك و تعطيه لمحة برونزية اللون فتفتك بقلب تلك التي تقف خلف الستار بالعمارة التي أمامه .
تراقبه كل يوم ، يقف دقائق ، ثم يتنهد و من ثم تتفتح جفناه فتشرق الشمس مرة أخرى .
و يخترق القلب ، ينفذ بين طيات العقل ، يأتي الكثير طلباً لها لكن القلب وحده يبحث عنه  ، ينتظره .

أما عنده هو فأتاه النداء من صاحبة النبض ، منجبته ، مفسدة لحظة الصبح .
أغلق عيناه و أخذ نفس ، ثم ارتسمت على محياه ضحكة صافية تخصها وحدها ، أمه ... حبيبته .
اقتربت منه و استندت على باب الشرفة لتضم ذراعيها على صدرها و تحدثه : ألن تمل ؟؟!!
يجب عليك أن تستمع إلي ، فأنا لن أستسلم أبداً ،حتى أجعلك تتوقف عن تلك العادة .  
ألتفت لها صاحب ال29 عام وتلك الضحكة لا تزال ترتسم على فمه  و قال : أمي ، تعلمين جيداً كم أعشق أن التقط الصباح كل يوم و إلا سيفسد صباحي و أعكر مزاجك ؟! و انحنى يقبض ذقنها يشاكسها كالعادة .
زفرت بيأس و رفعت يداها تبعد أصابعه عن ذقنها ، لتقبض أذنه و تجره للداخل .
تأوه إياس مردف :  آه أمي ، توقفي ، عيب عليك أن تجري رجل ضعف طولك هكذا "
تركت أذنه و نظرت إليه تقول : تذكر أيها الغول أن من أنجبتك و أطعمتك حتى تصبح هكذا هي أنا ، و مهما كبرت ستظل ذاك الصغير الذي كان يبكي و يركض في الانحاء باحثاً عني .
رفع حاجبه الكث وربع يداه على صدره ليردف بصوته الرجولي : سأتذكر جيداً ريمي ، و لم أنسى أنكِ أيضاً البستني كالفتيات حتى أصبحت في السادسة أمي العزيزة .
حدثته السيدة ريم : حسناً أعلم أني اخطأت ، لكني ظننتك فتاة و كنت قد أشتريت  الثياب بالفعل ، و ذلك خطأ الطبيب ليست غلطتي .
أنهت حديثها و ألتفتت تعطيه ظهرها قبل أن يكمل تذمر لتلقي بالصاعقة الكبرى : جهز نفسك اليوم ستأتي خالتك نور .
جحظت عيناه ليصرخ بغضب : أمي ، توقفي عن التدخل في حياتي ، و أخبري تلك السيدة أني لن أتزوج أبنتها حتى و لو كانت القمر بذاته ، و إلا لا تحاسبيني على ما سافعله .
ها قد أتت العاصفة ، تعلم جيدا ً مدى إنزعاجه من ذاك الأمر ، لكنها أم ، ترى أبناء جيرانها و أصدقائها  يتزوجن و أبنها كالفتاة العانس ، لا يبحث عن أخرى ، و لا يلتفت إلى أي أنثى .
تلعب الأفكار برأسها فتشك أنها سبب ذلك بما فعلته ، لتعود تمحي تلك الشكوك عندما تجده في بعض الأوقات يتفحص النساء .
تنهدت لتأخذ شهيق عالي و تلتفت له بكل عزم : أعطيتك مهلة أن تأتي أنت بما تعجبك لكنك تجاهلت كلامي ، أخبرتك مراراً أني لا أعلم في أي لحظة سيلتقطني الموت من بين أحضانك ، وأن أمنية حياتي أن أراك في كنف بيتك و أسرتك أنت ، وأيضا ً تجاهلت كلامي ، لذلك لا تحاسبني  يا أبن عمران و إعلم جيداً أني لن أتنازل حتى أفعل ذلك .  
حدث إياس نفسه : ها هي ترمي بنفس الحديث مرة أخرى ، تعلم كما أعلم أنا أنها بصحة جيدة .
زفر ببطئ ليفكر بتلك الفتاة التي سكنت في العمارة أمامه منذ شهرين  و تسترق النظر إليه بصمت كل يوم ، ليقول و قد عصفت الفكرة برأسه : حسناً هنالك من أريد ان أراها .  
فوجئت السيدة ريم حتى كادت أن تخرج عيناها من مقلتيها لتتلعثم و تقول بذهول : حقاً ، هل ..هل هناك حقاً .
ارتسمت إبتسامة بلهاء على محياها لتحدث نفسها بصوت عالٍ : لابد أن نتجهز ، بدلة ، و ثوب ... حلوة .
إستعادة وعيها لتحدثه بجدية : أنت لا تكذب صحيح ؟! أقسم يا إياس إن كنت تكذب سانتزع رأسك عن جسدك و سأحيل حياتك جحيم .
بثقة و صلف أجابها : انا لا أفعل ، بالفعل هنالك من تثير فضولي و أريد رؤيتها .
فرحت ريم كثيراً و تضخم قلبها من قبل حتى أن تراها ، فمن تكون تلك التي كسرت اللعنة و أثارت فضول أبنها ؟؟!

أمنية قلب حيث تعيش القصص. اكتشف الآن