عناق دافيء و عقل مضطرب|4

3K 328 51
                                    

•-•-•-•

تماماً كالغيمة التي تظهر في ليلةٍ ُممطِرة ، سقط حُبُكَ علي كقطرات المطر لتغسل جميع أفكاري الطائشة ،
مَحوتِ جميع الذكريات الحزينة لتفسح مجالاً لذكريات أخري ،
نفسي ضعيفة و قد تَعِبت من الوحدة و قد إختارك قلبي رفيقاً ،
قلبي مشتاق و عقلي يتردد بين القُبول و الإعراض.

•-•-•-•

"أشكرك علي الطعام"

مع إنحناءه بسيطة هو بدأ بتناول الطعام أمامه ، بعد نقاش دام لعشر دقائق بينهما و مع القليل من التدخل من سائقي السيارات اللذين أبدو القليل من الإعتراض علي جلوس الإثنين وسط الطريق هي عرضت عليه منزلها و هو بخجلٍ قبل العرض.

"إذا لم تريد الأنتحار؟"

هي سألت بجدية مسببة إضطراب الأخر الذي ترك الملعقة من يده منكساً وجهه للأسفل.

هو شعر بإنقباض في صدره و حدقتيه تشتعلان إعلاناً لبدء أمطار تطفئ الحريق داخل حجرات قلبه ، هل أخبرها؟ هو سأل نفسه ، نفسه منكهة من ذلك الصراع و عقله يخبره أن يتحمل ، شعوره بالحزن يؤلمه و رغبته في البوح تخطت حواجز عقله سامحة ل لسانه بالعمل.

"هل تتعرض لنوع من التنمر؟"

هي قررت بدأ الحديث ، تذكر والدته جعل غصة تسد حلقه و الشهقات تحارب للخروج ، مشاعره سمحت له بالإجابة ليصدر إيماءة بالإيجاب ، تاركاً عقله لأول مرة هو قرر إتباع تلك الأصوات داخله.

"عائلتك؟"

هي سألت و هو بصمت أومأ ،

"والدك؟"

هي أكملت بنبرة شبه مضطربة و هو رفع حدقتيه  الدامعة لتقابل خاصتها.

"لا ،

....أنا.....لم...أره من قبل"

هو أجاب بنبرة متألمة و الأخري شعرت بالأسي علي حاله

"إذا شقيقك الأكبر ؟"

"لا"

أجاب هدوء عكس المشاعر التي تصارع للحرية داخل جدران قلبه المقيد.

"....والدتك؟"

بصدمة ممزجوة بشفقة هي سألت و دموعه التي إستطاعت التحرر من سجن جفنيه أكدت سؤالها.

الإجابة جعلتها تضطرب ، أي أم تفعل هذا؟ هي فكرت توجه بصرها للباكي أمامها و قلبها يتألم علي مظهره.

•-•-•-•

"أترك مشاعرك اليوم تتحرر و أطلعني علي ما إختزنته جدران قلبك المرهق"

هي تحدثت بنبرة دافئة تنظر للجالس بجوارها بعدما إنتقلت جلستهما إلي الأريكة البنية في الغرفة أمسكت يده و الأخر بادلها إبتسامة مرهقة.

شهيق مرتفع و زفير فارق شفتيه محاولاً تهدئة شهقاته المتقطعة.

"عندما كنت في التاسعة...لاحظت إختلاف نظرتها لي ، أصبحت أستيقظ علي صراخها ، آلة بلا روح ، تقوم بالتنظيف و الطهو و الدراسة ، هكذا كانت حياتي حتي الأن"

هو إختصر حياته في بضع كلمات أفرجت عنها شفتاه ، بصوت مبحوح قاطعته القليل من الشهقات.

"إذا قررت الهرب من المنزل و الإنتحار؟"

هي سألت بعدما أخذت شهيقاً طويلاً.

"لم أهرب لقد طردت"

بإبتسامة ساخرة لم تعهدها منه هو أجاب بهدوء يتسبب في بعثرة مشاعر الشابة أمامه.

هو توقف عن الحديث و هي قررت فعل المثل ، مقربةً جسدها منه بينما ذراعها إلتفت حوله هي ضمته إليها بهدوء.

عابثةً بخصلاته السوداء حاولت تهدئته غير مدركة لما تسببه لمساتها تلك من بعثرةٍ لكيانه.

ربما لأنه قص عليها ذلك الحمل الذي كان يضغط علي صدره  ، أو ربما لأنها تعانقه ، هو لم يعلم سبب تلك الرغبة الحارقة في البكاء ، هو بكي كما لم يفعل من قبل ، بجسد مرتجف و عينان تذرفان دموعاً حارقة هو تشبث بها بقوة و إستمرت شهقاته المتألمة بالإرتفاع.

هي إستمعت بهدوء لبكائه المتقطع ، لم تزد شيئاً سوي العبث بخصلاته ، لوهلةٍ هي شعرت بحقد شديد تجاه والدته ، هي أرادت معرفة المزيد لكنها قررت إلتزام الصمت.

شهقاته إنخفضت تدريجياً و صوت تنفسه المجهد كان واضحاً ، رغم توقفه عن البكاء هو لم يبتعد عنها و هي لم تبدو كشخص يمانع ذلك.

هي إستمرت بالتمسيد علي ظهره بينما يدها الأخري تعانق أنامله النحيلة ، هي لاحظت تنفسه السريع و سعاله المنخفض بين حينٍ و أخر.

تحركاته باتت غير محسوسة و تنفسه أصبح أهدأ من ذي قبل ، جسده إرتخي بين يديها و هي أدركت أنه يحارب النوم.

في حرب إستمرت لدقائق إنتصر النوم و هو قرر تسليم جسده بلا جدال ، رأسه إرتخي علي كتفها بينما أنفاسه المتقطعة ضربت عنقها بلا رأفة مسببةً رجفة لجسدها.

مبتعدةً بهدوء حتي لا تيقظه تركته يستلقي علي الأريكة.

•-•-•-•

Curbed heart | قَلبٌ مُقَيدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن