كانت قطرات المطر تغمر المكان . وكانت السماء قد بُطِّنَت بالغيوم . وقد حجبت اشعه الشمس من التغلغل خلالها .. كان يعم المكان بعض الظلمه رغم صباحيه الوقت .
(محمود ماذا دهاك .. اسرع لقد تاخرنا على المحاضره) .. قالها احمد بصوت حاد .
(الا ترى هذه الانهار اللتي تتساقط علينا من فوق ).. قلتها وانا اتحاشى بقع الماء اللتي غطت كثير من ارجاء المكان
(ما اللذي اخرك ... الاتعلم مدى اهميه هذه المحاضره) قالها احمد في استنفار
(كان هناك ازدحام طريق .. ماذا عسايا ان افعل ... رغم انني لا ارى اهميه كبرى لهذه المحاضره .. اني امقتها وامقت استاذها) .. قولتها وانا احاول ان اجفف شعري من اثار المطر التي اغدقته بلالا
صعدنا درجات السلم الرخامي .. لنلتقي بالبهو الملئ باللوحات العلميه المعلقه و الذي يقودنا الى مكان المحاضره ... ما ان دخلنا .. واذ بعدد لا بأس به قد شغر القاعه بيضاء اللون اللتي كسى معظم جدرانها حجر الجيرانيت ذات اللون الداكن الكئيب ...لطالما كرهت هذه القاعه .. كان الدكتور قد اتخذ مكانه على الكرسي امام الطلبه محدقا في كتاب كان يقراه ولكنه لم يكن قد بدا في القاء المحاضره .. سعينا انا وايمن للحصول على مكان مابين تلك المدرجات اللتي قد طغى عليها اللون الاخضر ..
(محمود.. احمد .. تعاليا .. لقد حجزت لكما مكانيين) ... صاح محمد لنا بصوت عال ليجذب انتباهنا
(ماذا اخركما) .. قالها محمد في استنكار
نظر احمد لي نظره لوم و قالها ببلاده .. (محمود بيه هو اللذي اخرنا)
لم اهتم بامرهما ... فكثيرا ما يلوماني لتاخري ..
..وتابعت نظاراتي جموع الحضور من زملائي وباقي الطلبه في فضول ... حتى استقرت عيناي على مدخل القاعه .. وفجاه انقطع عقلي وقلبي عن العالم ...
..لقد توقف الوقت عند هذه اللحظه ..لحظه لن انساها مهما حاييت.. لحظه قد نُبِشَت في طَيات ذاكرتي . لحظه دخولها ... لحظه دخول شخص ما استحوذ على جميع حواسي في لحظه واحده .. عقلي .. قلبي .. عيني ...فتاه كان وجنتيها تنتفيضان بالحمره ...وكانها غاضبه من امر ما ... لم استطع حتى ان ادرك ملامحها او ادرك كيانها ..لم ادرك في هذه اللحظه سوى روحها .. روحها اللتي استحوذ سحرها كل اهتمامي .. مالبثت دقائق مكبد في سحر هذه اللحظه الا وقد قاطعني مناده احمد لي
.(.محمود ..محمود .. في ماذا شَرِد عقلك هذه المره ) قالها في سخريه
لم اعي ما قال في هذه اللحظه ... لم اعي لاي شئ كان حولي .. كان كل مابي مشغول بتلك الفتاه .. عاودت بنظاراتي لكي ادرك مكانها ما بين هذه الجموع من الطلبه ولكن لم استطع ان اميزها في هذا العدد الكبير ...
بدا الدكتور بالقاء المحاضره وهو يمسك المايكروفون اللذي كان يصدر صرير كلما هم انا يتكلم من خلاله .. لكني لم ابه بهذا .. حقيقةً.. لم ابه باي من حولي... لم ابه بالكون اجمعه .. فقط كان انشغالي بتلك الفتاه اللتي القى ظلال سحر روحها عليْ و اختفت ... سؤال قد نبع من وجدان عقلي .. من هذه الفتاه .. من تكون .. ما هي قصتها ... وماهو سبب تعلق روحي بها من اول نظره .. جلست 3 ساعات وانا هائم في التفكير بها.. وبما حدث .. دون الاهتمام بما يدور من حولي .. حتى يعلن الدكتور بصوت يغلبه بعض الملل بانتهاء المحاضره