"part 2"

3.8K 154 18
                                    

كُنا أطفال في قرية صُغيّرة بعيدة عن كُل مظاهر التسـلية ، و كأطفال كان لازم نخترع أي وسـيلة للتسلية بدل ما نموت من الملل
كُنا بنتجمع و نلعب علي حدود البلدة عند البيوت المهجورة ، عددنا قليل كأطفال فكُنا كُلنا أصحاب ، صوت ضحكاتنا و صرخاتنا كانت بتشق الصمت المُسيطر علي الجُزء المهجور دا من البلدة
أنا كُنت واحد من الأطفال دول و كُنت بستمتع جدًا باللعب مع أصحابي هنا ، لحد ما في يوم قررنا نقرب من البيوت المهجورة و نلعب أدامها ، مُغامرة جديدة و وسيلة جديدة لتحدي الملل
وقفنا أدام بيت قديم مهجور ، بيت شكله مُخيف ، مش عارفين ليه لسّه موجود ، كان لازم يهدوه ، واحد من أصحابنا قال إنه سمع والده بيتكلِّم عن البيت دا ، إتجمعنا حواليه و فضولنا أقوي مننا ، قعد علي الأرض و قعدنا حواليه و بدأ يحكي لنا قصة البيت دا
.
البيت دا بتاع شخص أطلقوا عليه الرجل الخنزير ، كان راجل قبيح لكنه طيب و بيحب الناس كُلها ، مفيش أي حاجة بتعيبه إلا أنفه الشبيه بأنف الخنزير و من هنا جت التسمية ، الرجل الخنزير دا كان متجوز و مخلف بنتين صُغيرين ، لحَد ما في يوم الجيران سمعوه بيصرخ بغضب أنا مش خنزير و سمعوا صوت صراخ من البيت ، بلغوا الشُرطة اللي فوجئت لمّا إقتحموا البيت إن الزوجة و البنتين مقتولين بوحشية مش طبيعية ، لكن مفيش أي أثر للزوج .. إختفي تمامًا !
تقارير و شهادة الجيران قالوا إن صوته كان بيتغيّر أثناء الصراخ ما بين الصوت البشري العادي و صوت خنزير شرس
لكن الحكاية منتهتش هنا ، السُكّان بيقولوا إن أي حد بيدخُل البيت و بيقول : " وينك .. وينك .. وينك " ( صوت الخنزير ) ، الرجل الخنزير هيخرج و يخطفه و مش هيلاقوا له أي أثر تاني
محدش أبدًا تجرأ يدخل البيت لكن في يوم طفلة صُغيرة إسمها سو قُطتها دخلت البيت ، البنت دخلت تدوّر علي قطتها و هي مرعوبة ، لمّا لقتها خرجت و قبل ما تغادر البيت إفتكرت الحكايات فقالت بصوت مكسوف : " وينك .. وينك .. وينك "
و ضحكت و هي بتجري بعيد عن البيت
بعدها بيومين أهلها دخلوا أوضتها يصحوها ملقوش لها أي أثر لكن لقوا ورقة مكتوبة بخط غريب فيها جُملة واحدة
( الرجل الخنزير كان هنا .. وينك وينك )
و من يومها مفيش حد بيروح ناحية البيت دا و حتي الأهالي بقوا يمنعوا أولادهم من اللعب بجوار البيت دا
.
صاحبنا خلص كلامه و بدأنا نبص لبعض بخوف و إحنا بنترعش ، بيت قديم مهجور مُهدَّم ، أبوابه مخلوعة و شبابيكه مكسورة ، البيت له رهبة غريبة لدرجة إنك لمّا تبص له تحس قلبك بيترعش من الخوف ، لونه رمادي مُقبض و جدرانه مُتآكلة ، الحديقة الأمامية شجيراتها طويلة و متوحشة و مُظلمة ، البيت مُخيف فعلًا
و عشان أنا أصغر طفل فيهم كُل النظرات توجهت ليّا ، كُنت فاهم معني نظراتهم ، بدأت أتراجع لورا و أنا بسألهم بصوت بيترعش : " بتبصولي كدا ليه ؟ "
أكبرنا قالي بصرامة : " إحنا بنتحداك تدخل البيت "
هزيت راسي بخوف و أنا بقولهم و أنا علي وشك أعيّط : " لأ مش .. مش هدخل البيت دا "
شدوني من هدومي بقوة و قالولي : " لو مدخلتش مش هتبقي صاحبنا تاني "
زي ما قُلتلكم .. عددنا قُليل و لو سابوني هموت من الملل
مكانش أدامي حل غير دخول البيت !
.
بلعت ريقي بصعوبة و بدأت أمشي ناحية البيت و أنا بترعش
دخلت البيت ، الأثاث مكسور و مترب ، البيت من جوا قذر جدًا و مُظلم و مخيف جدًا جدًا ، مشيت لحد نص البيت ، واقف بترعش وسط الظلام رغم إن الشمس طالعة برا ، بصوت عالي مليان خوف قُلت : " وينك .. وينك .. وينك "
غمضت عينيا و وقفت أترعش ، مرت دقيقة .. دقيقتين .. تلاتة ، فتحت عيني و أنا ببتسم بإرتياح ، محصلش أي حاجة ، أنا الطفل الوحيد اللي هزم الأسطورة .. أنا الوحيد اللي دخل بيت الرجل الخنزير و عاش
جريت ناحية الباب و أنا فخور جدًا بالإنجاز اللي عملته ، هكون النجم و البطل وسط أصحابنا كلهم
.
بالليل صحيت من النوم علي صوت حد بيخبط علي شباك أوضتي ، أنا بنام في الدور اللي تحت فسهل أي حد يوصل للشباك بتاعي ، فتحت الستارة و شُفت راجل لابس قناع خنزير و ماسك في إيده ورقة مكتوب عليها بخط كبير : " هشوفك قريب .. وينك وينك "
.
.

قصص رعب حقيقيهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن