من صُغري بحلَم أكون طبيب نفسي أو مُعالج ، عشـت عُمري كُله بسـعي للحلم دا و قدرت فعلًا أحققه و أتفوق فيه لدرجة إني بشـتغل دلوقتي مع الشُـرطة كمؤهل نفسي لضحايا الحوادث الغريبة ، الشُـرطة بتلجأ لكدا بدل ما الضحايا يروحوا لأطباء نفسـيين عاديين و أسـرار القضايا تتسـرب ، نتيجة لشُـغلي دا عندي شوية قصص منها المُرعب و منها المُخيف و منها الحزين
النهاردة جاي أحكيلكم قصتي مع دانيال ، طفل عنده 7 سنين مُتهم بقتل أبوه عن طريق إطلاق النار عليه من بُندقية ، قتل أبوه بعد ما أبوه قتل والدته ، القصة دي حصلت من وقت طويل أوي بس مازالت بتطاردني في أحلامي ، أخدت إذن من الشُـرطة بنشرها بعد تغيير الأسـماء
أنا هفرغ لكُم شريط الجلسـة اللي امت مع دانيال عشان منسـاش أي تفاصيل ..
.
المُعالج النفسي : مبسـوط إني قاعد معاك يا دانيال
( دانيال باصص في الأرض بخجل و خوف )
المُعالج النفسي : إنت عارف أنا مين و جاي هنا ليه ؟
( دانيال بيحاول يتجاوب مع المٌعالج لكن خجله مازال أقوي منه )
المُعالج النفسي : أنا عاوزك تحكيلي علي اللي حصل لوالدك بالتفصيل ، عاوزك تحكيلي القصة اللي حكيتها للمُحققين !
دانيال : حا .. حاضر
المُعالج النفسي : تاخد حلويات ؟
دانيال : ماشـي
المُعالج النفسي : إتفضل .. يلّا إحكيلي ؟
دانيال : تفتكر أنا ولد كويس يا دكتور ؟
المُعالج النفسي : إنت ولد مؤدب و كويس يا دانيال .. ليه بتسـأل ؟
دانيال : عشـان أنا بعتبر نفسـي ولد مش مؤدب
المُعالج النفسي : ليه بتقول كدا ؟
دانيال : عشـان أنا لو ولد مؤدب مكانش بابا هيضربني .. صح ؟
المُعالج النفسي : بس أعتقد إن بابا مكانش بيضربك عشانك وحش أو مش كويس !
دانيال : ممكن يكون عندك حق ، عشـان هو كان بيضرب ماما كمان
المُعالج النفسي : مُمكن تحكيلي اللي حصل في الليلة دي بالتفصيل ؟
.
دانيال : بابا رجع من برا سـكران ، كان في البار مع أصحابه و كان غاضب ، دخل البيت و هو بيصرُخ فينا
المُعالج النفسي : عرفت منين إنه كان في البار ؟
دانيال : عشـان كان ريحته خمرة
المُعالج النفسي : تمام .. و بعدين ؟
دانيال : كان .. كان .. كان ..
المُعالج النفسي : إهدي يا دانيال ، أوعدك إن دي هتكون آخر مرة نتكلم فيها عن اموضوع دا
دانيال : كان غاضب و بدأ يضرب ماما بدون سـبب
المُعالج النفسي : و بعدين ؟
دانيال : ماما بدأت تعيّط من شدة الألم فرُحت ناحيتها و إديتها جاك
المُعالج النفسي : جاك مين ؟
دانيال : الدُب بتاعي ، دايمًا لمّا بحضُنه و أنا متضايق ببقي كويس ، بحبه و بحب أتكلِّم معاه ، إديته لماما عشـان تحضُنه و تبقي كويسـة هي كمان
المُعالج النفسي : و ماما بقت كويسـة ؟
دانيال : أعتقد آه ، لأنها إبتسـمت ، صحيح إبتسـامتها كانت حزينة لكنها في النهاية إبتسـمت
المُعالج النفسي : و بعدين يا دانيال ، حصل إيه ؟
( دانيال فِضِل سـاكت لفترة طويلة كأنه مش عاوز يتكلِّم ، كان بيسـترجع اللحظات المؤلمة اللي حصلت )
.
المُعالج النفسي : أوعدك إنها هتكون آخر مرة نتكلِّم فيها عن الموضوع
دانيال : خرج من أوضته و هو .. و هو ماسـك البُندقية بتاعته
المُعالج النفسي : و بعدين ؟
دانيال : ضربها بالنار .. ضرب ماما بالنار
المُعالج النفسي : و إنت ؟
دانيال : أنا جريت ناحية أوضتي
المُعالج النفسي : علي طول ؟
دانيال : لا
المُعالج النفسي : ليه ؟
دانيال : كان لازم آخد جاك
المُعالج النفسي : كان لازم تاخد جاك ! .. جاك الدب ؟
دانيال : مينفعش أسـيبه مع بابا ، جاك بيخاف منه
المُعالج النفسي : تمام .. و بعد كدا ؟
دانيال : جريت علي أوضتي و قفلت الباب ورايا ، بابا حاول يفتح الباب لكني كُنت قافله بالترباس ، خبّط بصوت عالي و بقوة ، كُنت خايف أوي .. جاك كمان كان خايف
المُعالج النفسي : و قدِّر يدخُل ؟
دانيال : كسر الباب برجله و دخل
المُعالج النفسي : كمِّل
دانيال : وقف أدامي و صوِّب البُندقية ناحيتي
المُعالج النفسي : و بعدين ؟
دانيال : طلبت منه ميقتلنيش أو يقتل جاك ، لكنه مسمعنيش
المُعالج النفسي : ليه بتقول كدا ؟
دانيال : لأنه شد الأجزاء
المُعالج النفسي : و بعدين ؟
دانيال : البُندقية ما إشتغلتش فرماها علي الأرض بغضب
المُعالج النفسي : خرج و سابك ؟
دانيال : لا حاول يمسكني لكن أنا رميت جاك و جريت ، تعثر في جاك و وقع علي الأرض ، وشـه إتخبط في الأرض بقوة و نزف من مناخيره
المُعالج النفسي : و البُندقية ؟
دانيال : بدأت تطير في الهوا لوحدها
.
المُعالج النفسي : مُتأكد ؟
دانيال : جدًا
المُعالج النفسي : كمِّل
دانيال : سمعت صوت ماما ، كانت بتهمسلي أغمض عينيّا
المُعالج النفسي : و سمعت كلامها ؟
دانيال : آه
المُعالج النفسي : و بعدين ؟
دانيال : سمعت صوت رُصاصة بتضرب
المُعالج النفسي : فتحت ؟
دانيال : لأ .. خُفت أفتّح
المُعالج النفسي : حصل إيه بعد كدا ؟
دانيال : الشُرطة وصلوا بعد ما الجيران إتصلوا بيهم بسبب صوت إطلاق النار و خدوني لمكان معرفوش
المُعالج النفسي : إنت مُتأكد من اللي حصل ؟
دانيال :آه
المُعالج النفسي : أوعدك إنك مش هتحكي القصة الصعبة دي لحد مرة تانية
دانيال : شُكرًا
المُعالج النفسي : تقدر تروّح مع عمتك و أنا هظبط التقرير بتاعي و لو إحتجت حاجة هبقي أقولك
دانيال : شُكرًا
المُعالج النفسي : مع السـلامة
دانيال : دكتور مُمكن أقولك حاجة ؟
المُعالج النفسي : إتفضل
دانيال : أنا بسـمع صوت ماما كُل يوم قبل ما أنام
المُعالج النفسي : هنحدد ميعاد تاني نتكلم فيه عن الموضوع دا
دانيال : لا أنا مرتاح و أنا بسـمعها ، بتطمني و بتخليني أنام كويس
المُعالج النفسي : طب كويس
دانيال : بتغنيلي أغنية قبل النوم بحبها
المُعالج النفسي : إبقي قولها الدكتور بيسـلم عليكي
دانيال : شُكرًا يا دكتور
.
فاضل بس أقولكم شوية حاجات بسـيطة جدًا
حتي الآن مش عارفين مين اللي أطلق النار علي الأب ، الجيران هُمّا اللي بلغوا الشُـرطة لمّا بدأ صوت إطلاق النار ، تقرير الطب الشـرعي قال إن الأب تم إطلاق النار عليه من أمامه ، لكن المُشـكلة إنهم بيقولوا إن إطلاق النار تم علي راسه بشـكل أفقي ، يعني مُستحيل يكون دانيال هو اللي أطلق عليه النار لأن دانيال أقصر منه بكتير حتي لو وقف علي السـرير !
لولا تقرير الطب الشرعي كان مُمكن فعلًا يكون دانيال هو اللي أطلق النار علي والده لكن دا مُسـتحيل تمامًا
المُشـكلة الأكبر إن من يوم ما دانيال حكالي الحكاية بسـمع صوت سـت بتغني أغنية قبل النوم بصوت واطي كُل يوم في أوضتي ، و بقدر أنام بهدوء طول ما أنا حاسـس بيها
و مش خايف منها !
.
.
