الفصل٠١ : لما نتألم، كل شيء يمر..

437 15 18
                                    

الفصل الأول :  لما نتألم، كل شيء يمر..
- الجزء الأول -
( لم يتم مراجعة الاخطاء الاملائية بعد)

ٱلٱ توافقني؟ ... تلك التي تعيد نفسها، الأغنية المفضلة لديك التي تستمع لها عندما تتخالف اقدامك، بالشارع، بالجامعة، بالحي تعبر عن ما تنزفه روحك المكبوتة، تجعل لمشاعرك الخامدة لسانا ناطقا، ٱلٱ توافقني ؟ كتبك المفضلة، روياتك و قصصك التي لا تمل ابدا من تكرار قراءتها تصف شكلك امام المرٱة، تصف ما تدفنه خلف ابتساماتك، فترسم منها تجاعيد آلامک، ٱلا توافقني ذلك؟
لكن لما ؟ لما ننتظر و ننتظر و نحن نعلم انهم بدون شک سيخذلنا النسيان، لما ندعي الحب و باطنه زائف، و مع كل الخلافات الا ان كلنا.. اتفقنا على ان هذه الحياة صندوق  تجارب تعتصر الخاطر و تخنق الانفاس..
و هو واحد منا، لا يُرحم و لا هو حبذ الرحمة، المحروم من نفسه يتأوه من الحين للحين ٱهات يكتمها بقلبه، انه شغوف و بالعيون بريق براءة خافة، اجل.. قليل الكلام و طويل القامة، كثير التفكير و طويل الزفير، تلك صفات من تثاقل فؤاده هموما، فلا القلب يشتكي و لا صديقا يسمع، اصبحت نبضاته مقبرة انكساراته، و ترك الحياة تضطهده اهداب انتصاراته.
'هشام' ابن 23، قد ملّ صراع المشاكل و الهموم، ملّ الشكوة المتكررة، ملّ الاستماع و الصمت، ملّ كونه دائما الضحية فأصبح من طبعه البارد..؛
~ السابع من أيلول··· ~
- جمال : اخخخخ عام اخر تعب، ارهاق، عناء -_-
يزفر نفسا عميقا.
- أمين : اكملها اكملها.. استيقاظ باكر..
يغمض عينيه محبطا.
- جمال : هههه صمت فلا تذكرني هههه
- امين : ووه! اتى هشام !
يشير الى مدخل الرواق.
- امين : يااه ! هنا.. هنا..
يلوح له و يتحدث مع جمال بصوت خافت.
كان هشام وسط الرواق، يمشي بشموخ، يرتدي بنطاله الرمادي و على رأسه كاب رمادي مائل لونه لسواد، كعادته تتدلى من اذنيه سماعاته، واضعا يديه بجيوب سترته الداكنة فالشتاء هذه السنة يبدو قاسيا من بدايته، انه يتثاقل بخطواته كمن يمضي وسط كتل الثلج.
ثم رفع رأسه ليلمح صديقيه هناك، بلطف انزل اهداب عينيه ثم اكمل مسيره لهما و تنهد و هو يناظر الارضية..؛
- هشام يهز رأسه -
- امين : تشش ما بك؟ الا تغيرك ثلاث اشهر؟
- هشام : المقصود؟
يميل رأسه ثم يرفع حاجبه مبتسما.
- امين : اععع اخفي تلك الابتسامة، تغيضني -_-
يدير وجه و هو يقلص رقبته الى داخل معطفه.
- هشام يبتسم مجددا و يناظر امين.-
- امين : ياااه ! لا تفعل ذلك و الا !!!
- جمال : ووووه ههههه الا ماذا؟ زعيم انه يهددك ..
- امين : انت اسكت !
- جمال ينفجر ضحكا على ملامح امين -
- امين : و انت ابتعد! عكرت مزاجي اكثر مما تفعل معيدة التاريخ ..
- جمال : يا جبان هههه اكمل لا تتهرب
-امين : اكمل ماذا؟
يرمش بسرعة متعجبا.
- جمال : الٱ... ههههه الا ماذا؟ هيا هيا خصمك ينتظر و الجماهير تنتظر، في برنامجكم المفضل من سيربح المليون هههه او تريد الاستعانة بصديق ؟
يسخر منه و هو يخمس مع هشام.
- امين : اخخخ منكما !!! الٱ... لا تفعل ذلك فحسب !
يغمض عينيه و يشد فكه.
- هشام : هههههههه غبيان ههه
- جمال : بالمرتبة الثانية من بعدك يا فهيم هههه
- هشام : هههههههه اخيرا فهمت شيئا.. ممم يبدو انه سيكون عاما جيدا..
- جمال : تجيد الرد مهما تم قصفك
- امين : هاي ! ما الذي يقهرنا غير الاستيقاظ باكرا
- نجيب :  عنوستكم ههه
يعانقهم من الخلف.
- جميعا : ووووه نجيب ! هههههه انرت يا صاح!
- جمال : عنوسة امين تقهرني هههههه
- امين : يااااا !!
- نجيب : كيف كانت عطلتكم؟؟
يعدل حقيبته.
- امين : مملة ..
-جمال : سريييعة !
- هشام : اخذنا عطلة؟ -_-
- نجيب : ووووه ! هههه بالنسبة لي كانت عطلة منزلية مفيدة .. عدى اني اشتقت لكم يا شلة الباعوض.
يضع ذراعيه على كل من هشام و جمال، مقابلا لأمين.
- هشام : كل ما يقهرني بعودتنا..
- جميعا : هاه؟
-هشام : رؤية وجوهكم كل صباح -_-
- جميعا : اوووه لطيف ! .. يحبنا كثيرا ..
- هشام : هيا الى الداخل، مللت هنا ..
يترجل الى صفه.
ثم تبعه الجميع رغم تذمرهم الزائد،  منهم تدرك ان الاصدقاء يتساقطون عاما، بعد عام بعضهم يسقط من القلب و البعض من الذاكرة .. و أدركت بأن السعادة ليست في تعدد الأصدقآء، بل في قيمتهم و اختيارهم، صحيح الانتقاد و التناقض موجود لكن كيف تمضي الصداقة رغم ذلك هو الاساس. يشبهون تماما النهر في طهره، عذوبته و ارتواءه...
لم يلبثوا الا لحظات وجيزة حتى اتت معيدة الأدب تبحث عن هشام، فهو المفضل لها دائما، كان الجميع يفضفض و يعيد ذكريات الصيف الراحلة و كيف انهم استمتعوا و مروا بمواقف محرجة اما هو فظل ساكنا على الكرسي و هو يحتضن هاتفه بيديه و يتصفح المتاهة العنكبوتية واضعا رجلا على رجل؛
- المعيدة : اوه ! علمت انك هنا 
-هشام : اه استاذة !
يعتدل بجلوسه و يضع هاتفه.
- المعيدة : جيد انكم هنا
تبتسم.
- المعيدة : اردت منك اقصد منكم مساعدتي الاسبوع القادم.
- هشام يومئ بنعم-
- الجميع : نحن بالخدمة !
- امين : ما الامر؟
- المعيدة : ههه ما الامر؟ ههه لن اعدمك لا تقلق ههه
- جمال : ههههههههه
- امين يخجل و يبتسم -
- المعيدة : مساعدتي في تنظيم كتب المكتبة !
- نجيب : فكرة رائعة! ساساعد بالتأكيد
- المعيدة : شكرا لك نجيب
تبتسم و تضع يدها على صدرها برقة.
- المعيدة : هشام؟
ناظر امين صديقه جمال ثم استداروا يتصفحون الجدران.
- المعيدة : انتما ... ممم جزء لا يتجزء هههه
- كلاهما : اععععع علقنا !
- هشام : اكيد سافعل ..
- المعيدة : جيد! اراكم لاحقا !
ثم مضت طريقها، و اكمل الشباب محاضراتهم و غادروا، و كل منهم يتوق الى لقاءهم القادم، خصوصا و قد حسم الرهان على خسارة امين لذا فالغذاء غدا على حسابه..
و كالعادة، عاد هشام الى عمله، بهذا السن يعجز ناظره ان يخاطر والده ليحمل همه، الان يعمل بدوام جزئي و يدرس، قادر على اعالة نفسه، الى تخرجه فلازال يأمل بمكان باختصاصه... لكنه! .. لكنه صامت طوال الوقت، لابق الكلام اذ ان الجميع يرتاد مقر عمله حبا في معاملته الطيبة خصوصا مع كبار السن، عاشق الصمت يجالس نفسه اما بقائمة موسيقية مفضلة لديه او بكتاب مهمش بالنسبة لغيره، فعندما غادره الصوت أسعفه الصمت، وعندما فارقت شفاهه الكلمات بللتها رسوماته. لازمته الوحدة الباطنية،  و استسلم لها بكبته المتكرر الذي عقّره حين غادره المستمع، فبادله و تقبله، عشق السراب لأنه أيقظ الأمل به حين كان يتخبط وحيدا، و لا يعلم كيف يخرج من دوامة الصقيع هذه، و لا استطاع اصحابه تفهم ما بداخله لمساعدته، دائما ما يحاولون و لكن... فات الاوان فقد اصبح يجهل كيف يعبر عن ما بداخله غضبا كان ام حزن، حب كان ام غيرة، صار يهيم بجراحه فعندما شب حريق بجسده  أطفأته دماءها و لازمته الجراح حين رُميَ طعما لوحدته، و لازال شاكرا للغدر الذي حين هجره الوفاء رافقه، و اكمل معه دربه و درب سرابه...
يعود بوقت العشاء، يتقوت لقمته بغرفته، انه لا يحبذ الجلوس مع عائلته، في الواقع لا احد منه مهتم، و بعد عشاءه يتجه للهو مع قطته، التي تنتظره دائما كمن تنتظر عود طفلها من اول يوم له بالمدرسة، يقال ان القطط تشعر بصاحبها، فهي كلما رأته تتمايل على اقدامه، تتناول ما يقدمه ثم تصعد على قدميه، و تسدل نفسها وسط سريره، و احيانا كثيرة، تتحلزن على حاسوبه تمنعه من استعماله، و لكنه لا يقاومها، شكلها لوحده يمنعه من كسر راحتها و طردها، يفضل مراقبتها فحسب على ايقاظها...فجأة؛
~ رسالة ~
- ديمٱ : بوووو ..
يستغرب هو ثم يزفر بملل و يحمل هاتفه ليرد عليها :
" اهلا.. "
- ديما : اهلانات (⌒▽⌒)
يرد هو :
- كيف حالك اليوم؟
- ديما ترسل: ممم بخير و انت؟
- هشام يرسل : ممم لازلت حيا ^^،شكرا لسؤال
يغمض عينيه و يضع يده على جبينه .
- ديما : ممم لما اشعر انك لست على ما يرام؟ هل انت بخير؟ ...
- لا رد -
- ديما : ؟؟
- لا رد -
- ديما : اذا ازعجك اخبرني -_-
- لا رد -
- ديما : تشششش غبي !
تسجل خروجها.
كان بتلك اللحظات مغمضا عينيه قاطب حاجبيه، شكله نائم، مستلقي يستمتع بطرطقة عظامه المرهقة، انما هو كان يفكر " هل انا بخير؟ " كان سارح البال "ماذا كان سيحدث لو افصحت اني ليست بخير؟"..
ثم تحركت صغيرته ”هينو “ القطة، فايقظته من سرحانه المطول ذاك، ثم حمل الهاتف ليقرأ رسائل ”دينا“، راح يناظر محادثة و شدّ على هاتفه بقوة، قبط حاجبيه على ذاك السطر ” لما أشعر انك ليست على ما يرام؟ هل انت بخير؟“ و انتابته نوبة حيرة، تردد و ضعف، سؤالها خلق في فكره مشكلة، تضارب اسئلة ”ما بي؟؟ وكيف أقول لها ما بي؟ بأية كلمات أصف لها؟ هل ستفهمني إن قلت؟ وهل أنا أفهم ما بي؟!...لا أدري ما بي، شعر بضيق غريب في صدري...“ فرفع انامله على لوحة النفاتيح و خطّ ؛
- هشام : لا شيء.
كان هذا رده، وفي محاولة لإخفاء اضطرابه أضاف بعد قليل من الصمت:
- هشام : لعله الإرهاق، فأنا لم أنل من النوم القسط المطلوب..
- لا رد -
- هشام : ذهبتِ؟
زفر بعد ان قام بارسالها.
- ديما : متأكد؟
- ظهر لها انه قرأ الرسالة -
- ديما : ممم واضح انه ليس كذلك، اتريد ان تتحدث؟
- هشام : ما شأنك ! توقفي عن هذه الاسئلة! بكل مرة تسئلينني هذه الاشياء التافهة، اسمعي لست صغيرا لذا لا تتدخلي فيما لا يعنيك و لا تحاولي ان تكوني طبيبة! هذا مقزز ..
- لا رد لمدة دقيقة -
امسكت جهازها و قرأتْ رسالته، ابتلعت دمعتها و مسحت ردها و الهاتف بيديها يرتعش ثم ارسلت له شيء اخر؛
- ديما : ‎ارتح اذن، تحتاج راحة هيا اطفئ جهازك و نم!
و اضافة : " تصبح على خير^^ "
- هشام : و انتِ ايضا .
بعد ثواني ظهر لديه انها متواجدة و قد قرأت رسالته لكنها لم ترد للان، تنهد هو ثم ارتخت عضلاته، رمش بلطف و ناظر قطته بأسف، فكتب؛
- هشام : اسف ازعجتك بكلامي..
- تم قراءة الرسالة من طرف ديما -
- هشام : اتريدين ان اصدق انك نمتِ؟
- تم قراءة الرسالة من طرف ديما -
- هشام : اغلقي علامة التواجد على الاقل -.-
ثم! ظهر له " المستخدم غير متواجد حاليا"، جعل هذا يكتم ضحكته، فوضع يده على فمه، و بدأ يحدق بأنحاء الغرفة، قضم شفته و ارجع يده على هاتفه، و راح يحرك ابهامه على حافة الهاتف، ذهابا و ايابا، ثم لبث وهلة و همس بينه و بينه نفسه؛
- هشام : لما يخالني هذا الشعور ؟
يدير عينيه يمينا و شمالا.
- هشام : تششش معتوهة.
يبتسم بخفة ثم وضع هاتفه جانبا و اتجه لأخذ حمام ساخن.
في تلك الاثناء، كانت لا تزال تتحدث مع اعز اصدقائي، "محمد" الذي يعرف عنها كل شيء، انه بمثابة صندوق لأسرارها، لكن يستحق الثقة، بل لا ثقة بعده، انه وسيم جدا و ذو عينين كبيراتان و حروف سوداء، لطالما عشقت لحيته، مجنون و قد جرب كل ما طاب و لذ بالحياة، بقصد انه مال شمالا و صادق المنحرف قبل الجيد، قد يكون صغيرا بالسن لكنه دائما يقود المحادثة، انه كبير بعقله كثيرا  من ناحيتها لا ترى فيه غير المحاسن، حاولت جدا رؤية مساوئه، حاولت كرهه و حاولت ابعاده و فعلا وجدت له کمًّا من النواقص رغم ذلك لازالت لا تستطيع تحريك دقائقها دون ان يخطر ببالي، فهو يعلم كل شيء بها، "محمد" الوحيد من وسط الملايين اذا ما قالت انها بخير توقف عند هذه النقطة و استفسر "ماذا جرى؟" تجيبه دائما "لا شيء! ما الخطب؟ انا حقا بخير" يزيد استفساره بل و اشعر من احرفه الغضب " مشاكل او صحتك؟ اجيبي لا داعي للاخفاء، فلستُ من تنطلي عليه حيلة 'حقا' .."، بعدها مباشرة لا تجدها غير معبرة عن كل ما بداخلها سواءًا عائلتها او جامعها او شبه، حتى لو فقط شاهدت فلما ازعجتها نهايته لاإراديا تخبره و تلقائيا صار جزءا اساسيا من حياتها و فراقه يستحيل و اذا تناساها هو فلن تفعل، حاولت و لم يطاوعها قلبها ..
مشكلتها معه غريبة، مؤخرا، صار لا يبوح بما بداخله،اصبح بطريقة او بأخرى يتجاهل اجابة اسئلتها بحنكة، و بصراحة يؤلمها ذلك، فهي تثق بشعورها و موقنة انه ليس بخير مطلقا، شيء محزن صارت لا تعرف كيف تتواصل معه و كيف تلتمس همه، فهل هي المخطئة ام هو الانشغال؟ ؛
~ رسائل : الساعة الواحدة صباحا~
-ديما : محمد؟ ..
- لا رد-
- ديما : ممم انت هنا.. رد رد رد !
- محمد : قلبي..
- ديما : نينينينينيني صدقت -_-
تبتسم و هي تكتب.
- محمد : جيد لاني كذبت هههههه، اذن كيف الحال ؟
-ديما : حالي حالك يا بطيختي
- محمد : بطيختي؟ اخخخ على القابك، في العادة الناس تسخدم اسماء دلع 'حبيبي، عيوني، عزيزي..' ليس بطيخة و دجاج و لا ادري ماذا -_-
- ديما : رد بسرعة اكون بمزاج يسمح ( p:(
- محمد : انا بأحسسسن الاحوال..
- ديما : متأكد؟
- محمد : اكثر من اي شيء لا تشغلي بالك..
- ديما : اشتقت لك
- محمد : بطيخة ثم هذه؟ مممم يوم تسمعين اني مت اعلمي انك السبب
- ديما : هههخخخخ ألست زوجي هيا هيا
- محمد : ماذا؟ اصف جنبك؟
يرمش .
- ديما : اجل، و اوقف محادثاتك معهن -_-
-محمد : اووه اقسم اني اتحدث معك و صديقاي .
- ديما : اامم اجل صدقتك ..
فجأة ظهرت لها " المستخدم غير متواجد حاليا" ثم بعد مدة " مضت نصف ساعة على تواجده "، بقيت تنتظر و تنتظر حتى ملت فهي لست من عشاق مواقع التواصل الاجتماعي كثيرا، بعدها فاجئتها رسالته :
- هشام : حقا؟
بقيت ترمش و تحدق بمحادثته، ترى ما هو الذي حقا؟، لكن تساؤلاتها انتهت بسرعة فقد اوضح السبب :
- هشام : و انا الذي صدقتُ انك ذهبتِ! ما الذي يبقيك هنا للٱن؟
ابتسمت بلطف، و عادت اليهت طاقة لمواصة الاستيقاظ :
- ديما : اوه؟ و ما المشكل في بقائي؟
- هشام : لا ابدا، لا مشكلة
في الواقع لم يكن الرد الذي ارادته لذا اجابته :
- ديما : مم جيد
- هشام : مم ^^
بدأت تشعر بالغيض ثم اخذت نفسا :
- ديما : و ما الذي يبقيك انت مستيقظا؟
-هشام : اسهر مع حبيبتي
- بعد دقيقتان -
-ديما : لديك حبيبة؟
- هشام : ماذا تظنين؟ ...
ثم اضاف :
- هشام : بطبع و احبها كثيرا، ربما لديك مانع !
- ديما : لا .. و لما سأفعل
- هشام: لم تكن ردتك توحي بذلك، عموما جيد على الامور ان تكون واضحة منذ البداية ..
- ديما : هههه حقا حقا حبيبة؟
- هشام : -_- ! ما المانع؟؟
- ديما : لا فقط افكر..
ثم اضفت :
- ديما : كيف لمعتوه مثلك ان يواعد؟
حينها جحض هو عينيه و قطب حاجبيه ثم :
- هشام : ماذا !
- ديما : اعني هيا .. انت غريب اطوار لا يمكن تغيير هذه الفكرة هه
- هشام : مم اذن ما رأيك بحضر على انغام اواخر الليل؟
-ديما : يا عيني و شاعر ايضا
- هشام : اعني كلامي و لن اتحدث اليك مجددا -_-
- ديما : امم نعم ضعه له طعما على الاقل
رفع شفته العليا تعصبا ثم ناظرهاتفه بحدة  و شد عضلات فكه قائلا بنفسه " مزعجة ! "
- ديما : ارجوووووك اسمحلي ان اختار الطعم ارجوك * عيون قطة *
و ارسلت مباشرة:
- ديما : الحضر حضري و انا حرّة فيه
ثم اضافت :
- ديما : ههم لذا اريده بطعم الفراولة، ارجووووك ايها الوسيم * ترمش*
تراجع للخلف و بدأ ينظر بانحاء غرفته متعجبا و مستغربا في نفسه " ما هذه المجنونة ! " ثم ارسل :
- هشام : اكبري قليلا -_- ما هذا !
- ديما : ماذا افعل بالكبر؟ انه ممل
- هشام : ليس كذلك!
- ديما : لكنك قلت ان حياتك مملة..
- هشام : انا؟ متى؟
يرفع حاجبيه مستغربا.
- ديما : اجل، بأول محادثة قبل سنتين ألا تذكر؟
حينها ارتخت عضلاته و امال رأسه و هو يقرأ رسائلها:
- ديما : مم بالأول من حزيران! أحقا لا تذكر؟ ಥ_ಥ
ابتسم بخفة بينه و بين ذاته ثم اعاد التفكير بالامر فرفع رأسه و ارجعه الى الخلف و هو يقضم شفته و يبتسم كم سمع خبرا سعيدا :
- هشام : انت لطيفة جدا ..
- ديما : اووه اعلم
- هشام : حقا.. انت الطف فتاة ..
- ديما : ههههه شكرا هيخيهي
- هشام : صحيح! تخطيتِ مرحلة الثانوي؟
- ديما : اجل، جامعةةة اخيرا
- هشام : انتِ بأي جامعة؟
- ديما : كما اخبرتك، لغات..
- هشام : حقا؟؟؟؟
- ديما : هههم
- هشام :  جيد يمكننا ان نلتقي غدا اذن!
- ديما : نحن؟ اعني امم حسنا
- هشام : اذا لا يوجد ازعاج هه
- ديما : لا لا ابدا، اود ذلك
- هشام : حسنا اذا اراك غدا، فلتبقي في الطابق الثاني ساتي اليك،سبق و ارسلت صورتي لذا فانتِ تعرفينني ..
- ديما : اجل، ههه ستنام؟
- هشام : اجل -.-
ثم اضاف :
- هشام : و انتِ من اهله -_-
ابتسمت و قررت الانصراف و اتجهت الى فراشها و استلقت، كعادتها دائما تخطط لحلم جميل، فهي لا تؤمن بأن اعادة اليوم و اخطائه ليلا ستأتي بنتيجة غير كوابيس و أرق طويل.. هي ببساطة تمشي على مقولة سيندريلا " الحلم هو امنية تمناها قلبك " جملة واضحة كما تبدو لكنها حملت بين طياتها واحدة من اعمق الرسائل التي نسجتها الاساطير و القصص الخرافية، فديما من النوع الذي يشب على ان تكون ما تريد ان تكون، لا ما يرغبها الناس ان تكون، هذا من اهم مبادئها أيًا كان ما تريد ان تكونه، اذا ما همّ هدف بخاطرها، تحاول ان تصل اليه بكل ما اتيت من قوة..
وصيتها قبل النوم الليلة هي ” عزيزتي يا أنا، تمني شيئا من أعماق قلبك و طاردي كل حلم يراودك..“ هذا ما قالته لنفسها..
و بصباح اليوم الموالي، انتظرته كثيرا و لكنه لم يأتي، ثم انتهت محاضراتها على وقت مبكر فالمعيد لم يأتي، لذا حان موعد الخروج، ليس من طبعها التصنع في الكلية، ثم لحظة !  :
"مهلا! أهذا هو؟ انه قادم نحوي و ابتسم، ما افعل! " حاورت نفسها بتلعثم.
توترت كثيرا تلقائيا كم رأى شبحا او واجه اسوء مخاوفه، و اصطنعت وقفتها هناك على الحائط بفستانها الابيض المبرقش بازهار الاقحوان، و عدلت خصلاتها شعري و هي تدعي وضع سماعاتها على اساس لم تنتبه له، رأيت ثقته بنفسه تلك، قرأتها من خطواتها و ابتساماته، كان طويل و شامخ العرض، و عندما وقف ابتسم و كأنها اكتشف انها ارادت الادعاء و لامبالاة، و عندما رفعت رأسها و رمت شعرها خلفها و ابتسمت كمن يقف بكامل قواه، كمحارب وسط المعركة، جحض عينيه و كتم انفاسه ثم زفر و حرك رأسه يمينا و يسار و راح يناديها " ليديا .. ليديا " و هو ينير الجلسة بضحكة خفيفة :
- ديما : هشام؟
بصوت لطيف و خافة.
- هشام يومؤ بنعم و يبتسم -
- ديما : اوه ههه اخيرا التقينا .. كيف حالك؟
تناظره مباشرة.
- هشام : جيد و انتِ؟
-ديما : جيدة ايضا..
- هشام : انتِ.. انتِ جميلة جدا، مستغرب لما لم ترسلي صورتك؟
و هو يشد ملامحه و يناظرها بعمق.
- ديما : ههههه ليس على المظر عزيزي، انها مسئلة مبادئ ليس الا..
تبتسم بلطف و هي تميل رأسها.
- هشام : مبادئ؟!
يدير رأسه قليلا و يناظرها.
- ديما : ههمم، فأنا اكتب مبادئي بقلم حبر اما آرائي فبقلم الرصاص لان هناك احتمالية تغييرها..
- ليديا : هشام..
تضع يدها على ذراعه و تهمس اسمه.
- ديما ترفع حاجبها -
بتلك اللحظة، ديما لم تفهم ماذا حدث لها، فقد كان غيضها يزداد مع كل نظرة لتلك الفتاة، من تكون و كيف تناديه هكذا و بهذه النبرة.. فحاكته بنظراتها و كأنها تقول " من تكون؟" و الاجابة كانت ما لم تتوقعه هي حين ..

البارد // (رواية)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن