كانت فيليبا تلهث بتوتر, وهي تجلس الى جانب آلان في تلك الآمسية سيارة الليموزين,التي انطلقت بهما بسرعة مفرطة عبر شوارع باريس الى ضواحي المدينة حيث يعيش لويس دي كورسي مع عائلته.
كان المنزل متوارياً وراء جدار عالاستطاعت فيليبا ان ترى بعض القمم المداخن القبيحة, وهما يتنظران الأبواب الإكترونية حتى تمنحهما إشارة الدخول.
تمتم آلان في أذنها
((إن لدى عمي هوس من اللصوص, يشعر انه اذا لم يكن حذراً ولو لدقيقة,سيقتحم اللصوص منزله ويسرقون مجموعة خزفه الصينية العديمة الذوق.او يعتدون على إبنة عمي سيدوني اعتقد انه يغالي في تقدير نوع كهذا من الرجال ))
لم تضحك فيليبا بل مسدت ثنية تنورتها الخضراء القصيرة بيد مرتعشة.تميز فستانها الحريري بعنق دائري وبكمين طويلين ,وتمنت ان يناسب فستانها هذه الآمسية بشكل كاف,كان إرتداء ملابس هذه الآمسية غير المرغوب فيها بمثابة ارتداء زي مسرحي حيث كانت هي الممثلة البديلة.ومع ذلك متوقع منها تأدية دور الشخصية الرئيسية.
الثياب مناسبة. فكرت فيليبا بينما كانت السيارة تسير على الطريق الخاصة بين مشاتل الزهور. بدا البيت جامداً ومملاً,كان هناك عدد كبير من السيارات الراكنة الى جانب الطريق الخاصة.أحسن فيليبا بإنزعاج آلان الذي كان يشتم بسره.
قال بتوتر
((يا له من عشاء عائلي هادئ))
ثم نظر الى فيليبا وهو يهز كتفيه
((اني اسف لم انوي ان اخضعك لمناسبة كهذه بهذه السرعة))
رفعت فيليبا ذقنها وأكدت له بفظاظة
((لن أتكلم إلا عند الضرورة ,ولن أستعمل إلا السكاكين المناسبة ))
((انت تعرفين جيداً انني لم آقصد ذلك))
فتح الباب خادم في سترة بيضاء,حياهما بطريقة جليلة وأخبرهما ان السيد دي كورسي وزوجته ينتظرانهما في غرفة الإستقبال.
سأل آلان
((هل نحن اخر من وصل يا غاستون؟))
ثم رتب ربطة عنقه
أكد له غاستون
((على الإطلاق يا سيدي,))
وهو يقودهما على رواق مزخرف بإتقان.
شبك آلان أصابع فيليبا الباردة بأصابعه,وهمس لها
((تشجعي يا جميلتي))
عندها فتح غاستون باب الصالون المزدوج وأعلن عن قدومهما.عم الصمت في الغرفة على نحو مفاجئ.وأصبحت فيليبا محط انظار الجميع,سوت كتفيها وهي تشعر بتورد وجنتيها.لاحظت بعد ان ألقت نظرة ثانية حولها,ان الغرفة تحتوي على اكثر من عشرين شخصا,وان احدهم يتقدم نحوهما.
لويس دي كورسي رجل متين البنية متوسط الطول,أصلع بعض الشيء ,وله لحية أنيقة.إبتسم لهما من بعيد.بدت عيناه الداكنتان قاسيتين.
احنى راسه ليطبع قبلة على يد فيليبا,قال
((إبنة اخي الجديدة, إني سعيد جدا بلقائك ما كان يجب ان يخفيك كل هذه المدة, او على الآقل كان من المفترض ان يوجه لنا دعوة لحضور زفافكما,كنت اخر من علم به................لن أسامحكما ابداً))
شعرت فيليبا بالإحراج,لكن آلان قد سبق وحذرها من هذا التعليق.
قالت
((أجبرتنا صحة والدي الضعيفة على ان نجري الإحتفال بشكل هادئ وسري.))
قال لويس دي كورسي وهو يبتسم
((هادئ فعلا لم يكن لأي من أصدقائي في لندن اي فكرة عن هذا الزواج.))
واستدار ليشير لاحد الاشخاص بالقدوم
((جوزفين إسمحي لي ان اقدم لك عروس آلان,سيدوني ,تعالي ورحبي بأبنة عمك))
لم تبد السيدة دي كورسي اية حماس بهذا اللقاء الغير متوقع,صافحت فيليبا بنفور ثم أخلت السبيل لابنتها.
فكرت فيليبا في البداية ان سيدوني دي كورسي هي تماما كما وصفها لها آلان بفظاظة,بدت بشرتها شاحبة,ملطخة ببثور الشباب, وشعرها خشناً ومن دون لمعان ,كانت بدينة أكثر مما ينبغي,وساعدها فستانها الآصفر اللون الشاحب المفصل بشكل ضيق على إبراز معالم جسمها.
إبتسمت لفليبا على نحو مقتضب لكنها سرعان ما غيرت تعبير وجهها عندما استدارت نحو آلان وقالت
((تبدو في حالة حسنة يا ابن عمي, ))
بدا تورد وجنتيها غير لائق ثم أضافت
((من الواضح ان الزواج يناسبك))
فكرت فيليبا انها واقعة في حبه وتتألم كثيراًً
قاطعها لويس دي كورسي بلطف
((اسمح لي ان اقدم عروسك الى باقي الضيوف, الذين اتوا خصيصاً للقائها, ومع ذلك هذا يوم عظيم لعائلتنا))
وكابوس لي ,فكرت فيليبا وهي تقاد حول المجموعة,كان كل شيء رسمياً ابتسمت للجميع بتهذيب حتى شعرت بألم في جوانب فمها.
استهل لويس دي كورسي المقدمات بالإنكليزية,وكانت مدركة انها تعامل بإهتمام شديد.ولقد كرهت مجاملتهم,كانت فرنسيتها التي اكتسبتها من خلال رحلتها مع كيفين أشمل من معلومات تلميذة عادية,على كل حال لقد إستفادت كثيراُ منها لأنها إستطاعت ان تترجم لنفسها الهمسات التي لاحقتها في كل مكان ,فهمت انها //صغيرة جداً//وسمعت ثرثرة اكثر مليئة بالحقد //لن تتفوق على ماري لورا ,يا عزيزتي//
أنزعجت لكنها ابقت على إبتسامتها,ماري لور,فكرت انها من المحتمل ان تكون المرأة المتورطة مع آلان,على الاقل لديها الآن اسم ترفقه بذلك الصوت المثير على الهاتف.
كانت قد انتهت من جولة التعارف عندما فتح الباب وأعلن غاستون عن وصول اخر المدعوين,رجل اشيب الشعر طويل له شارب عريض,وإمرأة اصغر سنا ,شقراء جميلة جداً ,أبرز فستانها الآسود الحريري والغالي الثمن ,مظهرها المثير.
((البارون رينية سومر فيل وزوجته البارونة ماري لور سومرفيل))
لم تكن الغرفة فقط هادئة,لاحظت فيليبا بل كانت مشحونة بالتوتر,وبنوع من الترقب المثير الذي كاد ان يكون ملموساً. كانت تشعر ان الجميع يحبسون انفاسهم,نظرت الى آلان الذي كان يقف على مقربة منها بإرتياب ,فكرت للحظة انه قد جمد في مكانه, بدا شاحباً من شدة الغضب.
أسرع لويس دي كورسي نحوهما وهو يبتسم بشدة ويداه ممتدتان للترحيب بهما قائلاً
((عزيزي, يا لها من متعة لانك استطعت انت وزوجتك الساحرة الانضمام الينا,هذه مناسبة مفرحة,انت تفهمني .اننا نحتفل بزواج ابن اخي آلان من فتاة انكليزية صغيرة وفاتنة , اسمح لي ان اقدمها اليك))
لاحظت فيليبا ان آن وصل الى جانبها,اصبح وجهه جامداً ,لكنها شعرت بغضبه الشديد عندما امسك بيدها وقادها الى الآمام.
فكرت بإشمئزاز ,هذه المرأة............. هذه البارونة هي صديقة آلان,هذه ماري لور,لقد خطط عم آلان جيداً حتى يحرجهم جميعاً . دعا البارونة وزوجها الى العشاء الليلة ليفرض هذه المواجهة,ولتنشط الشائعات ثانية, وليدمر حياة آلان كلياً, كان البارون يسحب نفسه وهو يشعر بالإهانة,وملامح وجهه باردة كالجليد, قال
((يا عزيزي دي كورسي هذه مناسبة عائلية والأفضل الا أتدخل انا وزوجتي اسمح لنا بالإنسحاب كي تتفرغ كلياً............. لأحتفالك))
لاحظت فيليبا ,هذا ما اراده لويس دي كورسي تماماً , لقد خطط ببراعة حتى ينسحب البارون لشعوره بالإحراج ليسبب فضيحة ثانية .يستغلها في اجتماع مجلس الشركة الطارئ.
تقدمت فيليبا نحوه قليلاً ,ثم إبتسمت وقالت بفرنسية صحيحة
((ارجوك, لا تذهب يا سيدي , اني استمتع بوقتي كثيراً , وسأشعر بالإزعاج لو ان احدهم ترك قبل الموعد المحدد))
جعلت صوتها يبدو مثيراً وهي تتابع
((الى جانب ذلك هناك العشاء,الذي اعد بمناسبة زواجنا لهذا ستبقى وتشاركنا بهذه المناسبة))
توقف البارون قليلاً, ونظرته المحدقة تنتقل بين فيليبا وآلان, قال أخيراً
((من يستطيع ان يقاوم هذه الدعوة الرائعة,يا سيدتي, يسعدني ان اشارك بها,هيا يا ماري لور))
امسك ذراع زوجته ثم قادها الى الداخل.
عندما تجاوزتهم البارونة,تنشقت فيليبا رائحة العطر المثيرة ولاحظت انها اختلست نظرة سريعة شاملة تقيمية, يبدو ان ماري لور سورفيل تشارك الرآي الإجماعي, وهو ان فيليبا لا يمكن ان تتفوق عليها.
احست فيليبا بالغضب يسري في عروقها.وبشيء اخر لم تستطع تحديده,من المحتمل ان آلان ناقش زواجه معها واخبرها عن الإتفاقية ,لكن هذا لا يعني انها استحقت إحتقار المرأة الآخرى ,حدثت نفسها بقساوة.من هي ماري لور حتى تنتقدها......او تحاكمها؟وعلى اي اساس تزوجت هذا البارون الذي هو بعمر والدها؟
شعرت فيليبا بالآرتياح عندما اعلن غاستون عن بدء العشاء . كانت وجبة مملة وطويلة,افترضت فيليبا ان الطعام كان شهي,لكنها لم تتزوق ثم القليل.ارادت ان تتحدث الى آلان لتقول له ان زواجهما الزائف لم يخدع احداً حتى هذه اللحظة .لكنه كان جالساً الى الطرف الاخر من الطاولة .
قالت جوزفين دي كورسي
((اخبرينا يا عزيزتي ))
وهي تميل راسها نحو فيليبا بعينين جامدتين
((انتِ وآلان ....قصتكما رومانسية جداُ........... وسريعة ايضاً! ومذهلة فعلاً , والسؤال الذي نود طرحه جميعاً, كيف التقيت بآلان؟))
ادركت فيليبا بحزن انها كانت محط اهتمام مرة ثانية ,فأجبرت نفسها على الإبتسام , وقالت
((هل هي فعلاً سريعة؟ اشعر وكاني عرفت آلان دائماُ, التقينا بواسطة والدي, كيفين روسو , رسام تميز بلوحاته الطبيعية , اشترى آلان احدى لوحاته ....... جسر مونتاسكو))
خيم صمت عميق, اختلست فيليبا النظر الى آلان الذي بدا منهمكاُ بتقشير تفاحة.
قال لويس دي كورسي
((اذن انتِ ابنة فنان , ربما ستزودينا ببعض الثقافة الفنية المفقودة في عالمنا التجاري الجاف))
وضحك بحماس وبتشجيع منبعض المدعوين تابع
((هل تشاريكنه اهتمامه في الرسم يا عزيزتي؟))
![](https://img.wattpad.com/cover/137392421-288-k631491.jpg)
أنت تقرأ
لا أثق بك - سارة كريفن - دار النحاس ( كاملة )
Чиклитالضائقة المالية التي تمر بفيليبا جعلتها تذهب الى زوجة أبيها الآولى لتطلب منها المال لمعالجة والدها,ساعدتها مونيكا وذلك بإجادة زوج غني ليحل كل مشاكلها وفي نفس الوقت يحل مشكلته مع عمه. وهذا ما حصل في وقت قليل جدا تعرفا تعرفا الى بعضهما وتزوجا,كان...