تجلسُ بملل وهيَ تنظُر هنا وهناك تبحث عن ما يُمكن أن يبدد المللَ عنها، لم يلفت أنتباهُها شيء فقرَرت الخروج، قَبل خروجِها نظرت الى الساحة نظرة اخيرة فتقززت مِن بشاعة مارأته فيها ، أجسامٌ بملابسَ فاضحةٍ تتراقص وتتمايلُ مع أنغامِ الموسيقى، لعنة في سِرها وخرجت ، لا أحد هُنا عدا ذو البشرةِ الشاحِبة الذي يسحبُ دخان السِجارة ببطئ
فِكرة مجنونة خَطرت في عقلِها ، أقتربت مِنه بخطواتٍ سريعة وسحبت السِجارة مِن فمه وابتعدت خطوتانِ إلى الخلف، نظر لها بلؤم ومدَ يدهُ طالِبًا منها إرجاع سِجارته، ضحِكت بسُخرية واخبرته أنهُ لن يحصُلَ على سِجارته إن لم يُبعد المللَ عنها
شَبح ابتسامة إرتسَمت على فمِه، بخفةِ يد إلتقط سِجارته ومعها يدُ الفتاة ليتجه إلى سيارته السوداء ويدخلها ، يجلسُ منتظرًا إياها لتدخُل، ترددت هيَ هل تقدم على خطوةٍ كهذه وتدخل سيارة شخصٍ غريب لم تلتقي بهِ قبلًا ولم تعرِف حتى اسمه؟
تشجعت وخطت خطواتها إلى داخل السيارة ، دقيقة ، دقيقتان، ثلاثُ دقائق، إعتادت على الجو فأمتدت يدُها بجراءة لترفعَ من صوت الموسيقى وتهزُ رأسها مع الإيقاع، نظر لها وهو يكتُم صوتَ ضحكِه لتنظُر له وتصرخُ بحماسٍ مُفرط أن يزيدَ من سرعةِ السيارة
فعلَ ما قالت ليزداد الجوَ حماسًا، مر الوقتُ بسرعة لتتسابق الساعات أيُها الموعد المُنتظر لتفوز الثالثةَ فجرًا بهذا الموعد، ترجلت منَ السيارة وأنطلقت إلى تحتِ مستوى سطحِ البحر بعد خلع حذائها لتستشعر الرملَ يُداعب أسفل قدمِها، نادته من على بُعد ليأتي لها ويستشعر ماتشعُر بِه، نظرَ الى ساعته ليخبرها بتأخرِ الوقت فتبتعد عن البحر ملبيةً طلبهُ بالرجوع، ركبَ سيارته بينما هي واقفةٌ تتأمل البحر للمرةِ الأخيرة
هي أرادت أن تشكُره على هذا اليوم ولكنها لو كانت حيةً الى ذلكَ الوقت لما فعلت، كُل مافعله هو دهسُها أسفل إطارات السيارة عِدة مرات إلى أن فارقت روحها الحياة عِند الساعة الثالثةَ فجرًا ، إنتابتهُ نوبةَ ضحكٍ هستيرية تخللتها بعض الدموع فلقد حاول جاهِدًا أن لا يقتُلها وتحكمَ بنفسه طيلةَ الوقتِ الذي قضاهُ معها، تحمل أمراض نفسِه حين تأمره بقتلِها عِند سماع ضِحكتها الصاخبة، عند رؤيتها فرِحة، ولكن عند نهاية لقائِهما افسد كُل شيء وقتلها
تقدم نحو جثتها المضرجة بالدماء لينحني ويمسح على عيناها ويتمنى لها أن ترقد بسلام ليبتعد بخطواتٍ ثقيلة حتى يصل إلى سيارته ويركبها ليستشعر الهدوء الذي خلفه قتله لتلك الفتاة التي لم يعرف حتى إسمها ، تجاهل كل تلك المشاعر التي إنتابته وحرك سيارته وأبتعد عن ضحيته بكل هدوء وكأن شيئًا لم يكن ، ليس وكأن روحًا صغيرة قد فارقت الحياة للتو وهو السبب.
تمت
أنت تقرأ
الثالِثة فجرًا
Mystery / Thrillerوسط هذه الحياة لاتدري بمن تثق ومن السيئ أن تثق بالشخص الخاطئ.