الفصل الأول

61 1 1
                                    

نظر في ساعته الذهبية ومط شفتيه بهدوء ثم توجه نحو قاعة الإجتماعات لحضور إجتماع مجلس الإدارة والذي يحرص علي عدم تفويته ، اقتحم الغرفة بطوله الفارع وابتسامته الواثقة التي أهداها لجميع من بالمكان وهو يطالعهم من أسفل نظارته الطبية ، جلس بمكانه بجانب والده وهو يفك زر بدلته الوحيد وقال بإبتسامة محترفة :-
-سوري يا جماعة كنت بشوف ورق الصفقة الجديدة
ابتسم له والده بفخر ثم اعتدل في جلسته بزهو تنحنح الجالس علي رأس الطاولة بإنزعاج وهو يرمق ابنه بنظرات غامضة ثم قال بضيق :-
-كدا ناقص بسام .. ابنك فين يا فؤاد ؟
تنحنح فؤاد بإرتباك :-
-معرفش ..!
لوي ثغره بإبتسامة خبيثة :-
-هو بسام جاي اصلا ؟! مش بعادة يعني !
أجابه أخر الواصلين بهدوء :-
-طبعا يا امجد هو انت الوحيد اللي بتحضر ولا إيه !
وصل بسام للمكان بملابس من النوع الكاچوال والتي لا تناسب المكان علي الإطلاق ، جلس بجانب الأخير وهو يقول بتردد :-
-الطريق كان واقف سوري
رمقه والد إبراهيم بإستهزاء ثم قال بجدية :-
-طيب خلونا نبدأ الإجتماع ..
انتهي إجتماع مجلس الإدارة وقد أدار يوسف دفته لصالحه كعادته دائماً ، انصرف الجميع ماعداه هو وأولاد أعمامه ، تجاهلهم كما يفعل دائماً ولملم أوراقه بصمت ثم خرج من الغرفة وتبعه بسام والذي يعد أقربهم إليه بل إذا شئنا الدقة فهو الوحيد الذي يتعامل معه بسلاسة ، تمتم إبراهيم بإنزعاج وهو يضرب المكتب بقبضته :-
-هو هيفضل كدا يقلب كل إجتماع لصالحه لحد إمتي!
رد عليه امجد بسخرية :-
-خليك ف حالك يا إبراهيم وانت تبقي زيه وخف شوية علي نفسك هيطقلك عرق
نظر له إبراهيم بعدائية شديدة وكاد أن يهجم عليه ليجد طاهر يقف حائلاً بينهما وهو يقول بحكمة :-
-خلاص يا جماعة مش هتضربو بعض قدام الموظفين وبعدين يلا عالبيت عشان نلحق نتغدا امهاتنا هيعلقولنا المشانق لو اتأخرنا
أشاح كل من إبراهيم وامجد بوجهيهما في ضيق ثم خرج الثلاثة معاً للخارج ..
من المعروف عن شباب عائلة علوان إنهم كالصخور لا يمكن كسرهم حارب كل منهم بضراوة كي يثبت مكانته بشركة العائلة ولكن كالعادة كان يوسف هو المسيطر علي زمام الأمور .
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
في قصر يشبه القصور الملكية بفخامته التم الجميع حول مائدة الطعام ينتظرون عودة باقي العائلة لتناول الغداء سوياً كعادتهم ، اكتمل عدد العائلة وجلست كل أسرة بجانب بعضها البعض ، تطرقوا في الحديث لأمور عادية وبدوا حقاً كأسرة واحدة رغم عدم حقيقة هذا الأمر ، ابتسمت أصغر بنات العائلة وهي تقول بحماسة :-
-روايتي الجديدة هتتنشر النهاردة
تلقت التهنئات من الجميع بعضها كانت حقيقية والأخري مبتذلة ولكنها تلقت التشجيع المناسب من فتيات العائلة كما اعتادت دوماً ، قالت لها شقيقة يوسف بسعادة :-
-مبرووك يا مريومي نسختي اللي عليها الإهداء جاهزة ؟
مريم بزهو :-
-طبعا جاهزة يا ولاء هو انا اقدر انساكي !
قالت لها هنا بثقة :-
-متأكدة إنها هتبقي حلوة اوي كالعادة
مريم بإمتنان :-
-ربنا يخليكي ليا يا هنون
زينة بتفكير :-
-امممم رومانسي برضو ؟
مريم وهي تضع ملعقة الطعام في فمها :-
-أها ..
بسام بمشاكسة :-
-هو في غير الرومانسي ده اللي هيجيب اجلها
اعترض طاهر بمزاح :-
-بس والله حلو اسلوبها حلو جدا اصلا
تمتم هادي بصوت خفيض :-
-مين يشهد للعروسة
كان يوسف يتناول طعامه بصمت يراقب الحوار -الساخر من وجهة نظره- بصمت وهو يتناول طعامه دون أن يشاركهم الحديث ، همست له شقيقته :-
-ساكت ليه ؟
يوسف بابتسامة خفيفة :-
-عادي يا لولي هقول ايه
انتهوا جميعاً من تناول طعام غدائهم وتوجهت كل أسرة للطابق الذي تعيش به ..
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
صعدت للطابق الاول والذي تسكن به مع اسرتها المكونة منها ومن شقيقها الوحيد ووالديها ، دلفت لغرفتها وأغلقت الباب خلفها وشرعت في قراءة إحدي رواياتها بشرود حتي طُرق باب غرفتها ، قالت بصوت هادئ :-
-اتفضل ..
دلف شقيقها للداخل وجلس بجانبها علي السرير طوقها بذراعه وهو يقول بمرح :-
-بتعملي إيه يا مريوم ؟
مريم بابتسامة خفيفة وهي تستقر بين أحضانه :-
-بنقرا رواية من بتوعي
بسام بتذمر :-
-الروايات دي هتلحس مخك والله !
تجاهلت سخريته منها وقالت بجدية:-
-عملت إيه ف الإجتماع النهاردة ؟
بسام بضيق :-
-عادي مافيش جديد .. كالعادة مفهمتش حاجة
قالت بعبوس :-
-نفسي انزل الشركة يا بسام اوي !
بسام بتفكير :-
-طب ما تخلصي دراستك وتيجي تشتغلي معانا !
مريم بلهفة :-
-بجد ؟!
بسام :-
-أها .. ممكن تمسكي الشئون القانونية ف الشركة
ابتسمت بسعادة :-
-ربنا يخليك ليا يا بسام
قبل جبينها بحنان :-
-ويخليكي يا قلب بسام
نهض من جانبها قائلاً :-
-انا خارج شوية مع صحابي متتعشيش من غيري
مريم بابتسامة :-
-حاضر يا حبيبي سلام
بسام وهو يخرج من الغرفة :-
-سلام
تنهدت براحة بعد أن خرج وأكملت قراءة روايتها ..
كان ينزل الدرج وهو يدندن بإنسجام حتي كاد ان يرتطم بها تراجع خطوة للخلف وقام بضرب جبينها بإصبعه بخفة :-
-بصي قدامك وانتي ماشية
ابتسمت له برقة :-
-رايح فين وانت رايق كدا ؟
بسام :-
-خارج مع صحابي يا زوزو اشوفك بليل
زمت شفتيها بضيق :-
-اه صحابك البنات طبعا
ابتسم لها بحنان ثم جذب أنفها بحركة مشاكسة :-
-انتي اللي ف القلب يا زوزو
رأته يركض من أمامها فابتسمت بخجل وهي تتابعه حتي خرج من المنزل ..
بسام ورزان أولاد أعمام ولكنهما أيضاً صديقان مقربان تجمعهما مشاعر حب خفية لا يود أي منهما الإفصاح عنها رغم انها ظاهرة للجميع ، رفض بسام الإعتراف بتلك المشاعر إلا عندما يثبت نفسه أمام الجميع فرغم غناه الفاحش إلا أنه مازال عديم الفائدة في نظر البعض ، قرر مباشرة أعمال شركة العائلة حتي يستطيع التمكن منها ليعلو شأنه في أعين الجميع حينها فقط سيقرر الإعتراف بمشاعره كي يظفر بمحبوبته بموافقة الجميع .
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
صعد للطابق الثاني حيث يقطن مع أسرته والمكونة من والديه وشقيقيه توجه لغرفة مكتبه الخاصة ليراجع بعض الأوراق ، انهمك في عمله كثيراً ولم يلاحظ دخول والدته التي ربتت علي كتفه فجأة وهي تقول بشفقة :-
-حبيبي مش كفاية شغل بقا ؟ تعالا ارتاح شوية
ابتسم لها بإرهاق وهو يقبل كفها :-
-حاضر يا ماما هخلص اللي ف ايدي وجاي اهو
والدته بعناد :-
-لا يلا دلوقتي
نهض من مكانه بإستسلام وقام بتقبيل رأسها :-
-حاضر
دلفت شقيقته الصغري للداخل وهي تقول بمشاكسة:-
-كان لازم اجيبلك ماما يعني يا امجد !
ابتسم لها برقة فاقتربت منهما وهي تقول بضيق :-
-كفاية شغل بقى وتعالا اقعد معايا شوية
غضن حاجبيه بتساؤل :-
-ليه هو هادي راح فين ؟
هنا بنبرة تلقائية :-
-راح المزرعة كالعادة يعني
تحرك قليلاً وهو يزفر بحدة :-
-نفسي ينزل الشركة بقا ! يشوف املاك عيلته ويعرف اللي ليه واللي عليه ويشيل عني شوية
ربتت والدته علي كتفه :-
-ربنا يهديه يارب
امجد بصدق :-
-يارب ..
هنا بإمتعاض :-
-سيبوه يعمل الحاجة اللي بيحبها يا جماعة .. انا هروح اشوف إيهاب فين احسن
خرجت من غرفة المكتب يكسوها علامات الضيق هي تحب شقيقها الأكبر كثيراً وتحترمه وتقدر ما يفعله لأجلهم ولكنها الفطرة التي خُلقت عليها والتي تجعلها تنحاز لتوأمها دائماً ..
صعدت بضع درجات لتصل للطابق الثالث حيث يقطن عمها الأكبر وأسرته كي تقابل ابن عمها الأقرب إلي عمرها وقلبها .

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: May 30, 2018 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

حب صامت ..! حيث تعيش القصص. اكتشف الآن