خريفٌ لا ينسى.."النهاية"

79 7 3
                                    

استيقظت صباحا لتجده بجانبها يزيح بعض خصلات شعرها من على وجهها ويبستم لها
-صباح الخير
ظلت تنظر له الا انها ابتسمت
-لقد كنت افكر كثيرا في امر اسمك .. وقررت ان ادعوكي بيول .. تعني النجمة هذا لانكي تضيئين حياتي بنوركي الخاص
أمالت رأسها وهي حركة تقوم بها الطيور لمحاولة استيعاب ما يحدث ولم تتغير فيها وهي انسانة
-انتِ بخير مع ذلك صحيح ؟ ان كان الامر يزعجكي قومي بتلميحٍ ما
ابتسمت له محاولة ان تخبره ان اي شيء يقوم به هو الافضل عندها .. ربما لم يصل له المعنى كاملا الا انه فهم انها ليست معترضة بل الامر يفرحها
مر الشهر الثاني الذي اخذ فيه يعلمها الحروف الكورية وكيفية التعامل مع مواقف عدة فقد بدأ يخرجها من المنزل ويعرفها على أماكن رأتها سابقا لكن من الأعلى وهي طائر يحلق في سماوات الدنيا .. ترى وجه الملاك يوميا الذي جعل لحياتها القيمة التي طالما بحثت عنها وهي عصفورة تدعى سِيارا .. الآن هي بيول المرأة التي تعرف مخذى حياتها وهو اسعاد رجلها وتلقي السعادة منه ..
لكنها لم تتوقف عن التفكير في سبب تحولها المفاجئ فمازال عقلها الصغير لا يستنتج الامر الا انها قررت التركيز على اخر ايامها كعصفورة لعلها تصل الى سبب الامر .. وجدت ان ايامها الاخيرة كانت عادية لم يحدث فيها شيء غريب عدى اليوم الذي تحولت فيه .. ففكرت كثيرا في ذاك المشروب الذي لم يروي ظمأها ولم تجد له طعما .. أيمكن أنه سبب تحولها ؟ هذا ما سألت نفسها فيه لذلك قررت الذهاب لذاك المنزل الذي شربت منه في يوم تحولها ولكن عندما يذهب كيونجسوو للعمل .. وقد فعلت
تمشي بين الشوارع تحاول الوصول الى ذاك المنزل لكنها ليست متعودة بالكامل على شكل الحياة من الأسفل فمعظم حياتها كانت ترى كل شيء من اعلى .. ربما لو طارت الان تستطيع الوصول اليه بسهوله ولكن كيف وهي لا تملك جناحيها
وصلت بعد سعيٍ جاهد وقد تعرفت على المنزل اذ هو قريب من شجرة يعيش فيها عصفور اراد مرارا الزواج منها وهي تتذكر ان في اليوم الذي شربت منه السائل كانت تمر من جانب تلك الشجرة
طرقت الباب لترد امرأة بالداخل يغلب على صوتها العجز
-أجل قادمة
فتحت الباب لتبتسم لها قبل ان تسرع في الاستفسار
-كيف اساعدكي ايتها الشابة الجميلة ؟
لم تعرف بيول كيف تتصرف جيدا لكنها فقد اقتحمت الشقة باحثة عن النافذة التي دخلت منها لتجد الغرفة التي تحوى تلك النافذة لتتقدم منها باحثة على الطاولة حتى وجدت زجاجة محكمة الاغلاق بجانبها كوب يبدو انه يحوي بعض ذاك المشروب .. استدارت للعجوز التي اخذت تجري ورائها تحاول فهم ماذا تفعل تلك الفتاة في شقتها
اخذت تشاور على تلك الزجاجة وذاك الكوب وهي تحاول ان توصل لها انها تريد ان تعرف ماذا يحوون ؟
لم تفهم العجوز غرض بيول فاخذت تنظر حولها باحثة عن تلك الالات التي استخدمها كيونسوو في تعليمها الحروف وكتابة الجمل الى ان عثرت عليهم .. هما ورقة وقلم
ركزت كثيرا لتستطيع ان تتذكر تكوين الجملة التي تريد اخبار المرأة بها حتى كتبتب "من الذي في الكوب " الا ان الجملة احتوت على خطأ لغوي فكان عليها ان تكتب "ما" اشارة الى غير العاقل لكن المراه استطاعت الفهم
-لماذا تريدين ان تعرفي
ظلت تنظر لها بيول كانها تترجاها اخبارها
-اعتقد انكي تعرفين بالفعل والا لماذا تسالين ! تعرفين ان فيه شيئا مميزا .. انه مشروب يحول الشخص الى ما يريد لمدة ثلاثة اشهر كحد اقصى .. صنعته بنفسي
ظلت تنظر لها بيول وهي لا ترمش حتى من اثر الصدمة .. تخبرها انها تحولت لانسانة لفترة معينة ربما لم تفهم جيدا كم هي المدة فهي لا تعرف كم يوما يكون الشهر وكم ساعة يحتويها .. وكيف تعرف وهي عصفورة كانت كل ما تفعله الاستيقاظ وجمع الطعام والنوم فماذا قد يهمها حساب الشهور و الايام ؟
خرجت من عندها تتأرجح في الارجاء بعدما سالتها كتابةً "كيف اعرف انني ساعود الى هيئتي الحقيقية" واخبرتها انها ستشعر بدوار وصداع يصفع رأسها فهذا يعني انها تعود
لم تركز في الطريق فكادت تصدمها سيارة لانها قطعت الاشارة فتوقفت السيارة امامها بصعوبة مصدرة صوت عالٍ جذب انتباه الواقفين منهم من صعق لرؤية من كادت تنهتي حياتها الان .. انه كيونجسوو الذي كان عائدا من عمله الان ومر من نفس الطريق فركض نحوها
-بيول انتِ بخير !! لماذا قمتي بالخروج من المنزل وحدكي ولماذا مررتي وسط السيارات هكذا هل فقدتي عقلكي
اخذ يتحدث بنبرة غاضبة مذعورة وهي تنظر له لا تقوم بشيء حتى سقطت مغشيا عليها بين ذراعيه
فتحت عينيها لتجد نفسها على السرير الذي اتخذته سريرها في المنزل الذي اعتقدت انه اصبح منزلها يجلس بجانبها كيونجسوو واضعا كلا يديه على وجهه محنيا جسده للامام
رفعت كفها لتحاول لمسه الا انها تذكرت ما حدث اليوم وما اخبرتها به المرأة لتنزل يدها وتسيل دموعها .. انتبه هو لحركة بجانبه لينظر سريعا فيجدها مستيقظة تبكي بصمت
-بيول ! لماذا تبكين
اقترب منها يرفع جسدها قليلا ليضعه في حضنه
-لا بأس انتِ بخير ..
اخذ يربت على ظهرها في محاولة لتهدئتها وقد نجح فقد توقفت عن البكاء .. لا تعلم ماذا يحدث لها في حضرته لكنها رغم كل المشاكل حولها تشعر بالسكينة معه
حملها خارجا الى الشرفة ليشاهدا الغروب معا علَّها تهدأ اذ يعتقد انها تبكي لأنها كانت تشعر بالخوف مما تعرضت له .. وقد جلس بجانبها مميلا جسده اليها واضعا راسها على كتفه
-لقد كدتي تقضين عليَّ اليوم .. لقد ظننت انني سافقدكي كما فقدت عائلتي وبنفس الشكل .. لقد توفوا جميعا في حادث سير
"اذا هو ايضا فقد عائلته مثلي.. كم كان وحيدا ويشعر بالالم ؟" خاطبت نفسها وهي تشعر بالاسى على حاله وحالها

مر نصف الشهر الثالث وهي لا تدري .. فهي لم تستطع حساب ما مر وما سياتي من الايام وهي انسانة .. لم تعرف ايقترب وقت الفراق ام مازال متاخرا ؟
لكن الوقت قد حان بالفعل .. فقد شعرت بصداع يجري في جميع جسدها تشعر بألم يجعلها ترى ظلاما حولها عرفت ما يحدث فركضت نحو دفتر قطعت منه ورقه لم تستطع جعلها سوية اذ انها تصرخ داخليا من الالم ونزعت القلم من نفس الدفتر لتكتب كلمات بالدم والدموع .. تبكي بشدة وهي ترسم الحروف على الورقة " انا اسفة .. احبك" القت بالورقة على السرير لتسقط ارضا ترتعد بشدة وتشعر بان الغرفة تدور بها حتى سقطت في ظلام حل بعينيها ..
استفاقت بعد مرور وقت لم تستطع حسابه لتجد نفسها كائن صغير .. نظرت لجانبيها فوجدت جناحيها اخفت راسها فيهما لتبكي بحسرة .. سمعت صوتا مألوفا انه باب الشقة يفتح لتطير بسرعة نحو النافذة المفتوحه فتخرج منها وقفت قرب الغرفة لتلمحه يدخل مبتسما يظن انه سيجدها لكنه بدلا عنها وجد ورقتها ليصفر وجهه مما راه .. ركض داخل الشقة متجها للشرفة وهي تركض خارج الشقة متجهة بالقرب من الشرفة .. اخذ ينظر حوله بهستيرية عله يلمحها.. وهي تصرخ من الالم خارجا لانه لا يعرف انها هي .. هي تلك العصفورة الصغيرة التي وقعت في الحب فتمنت الحصول عليه .. لم تعرف انها ستكلف نفسها ومحبوبها هذا الالم ..
خرج من الشقة يطرق باب جارته عله يجدها بالداخل .. على الرغم من ان عقله استوعب ما تعنيه من الرسالة الا ان قلبه يابى

ظلت واقفة على اقرب شجرة من منزله تحتمي باوراقها تحني راسها لا تعرف ماذا تفعل .. فما كان منها الا ان عادت لموطنها

-اين كنتي سِيارا ؟
-لقد كنت في الفردوس كوازين

انتهى الخريف ومرت سنوات .. وعادت بيول لسِيارا .. تزوجت من ذاك العصفور الذي طالما احبها .. اما عن كيونجسوو فهو الان يواعد وقد نجح في عمله كمخرج افلام تتحدث عنه الصحف والمجلات .. كلاهما يضحك ويبتسم فلهما حياة جديدة تستحق السعادة .. وفي قلبهما ضوءٌ ابيض خافت لكنه يضيء حياتهما انه الحب يا سادة .. الذي مهما طال فراق الاجساد .. وفراق الاوقات سيظل مضيئا لا ينطفئ .. تحدث اشياء حولهما تذكرهما ببعضهما فيبتسمان ابتسامة عشق صادقة
لقد كبرت بالسن كثيرا وتشعر باجلها يقترب .. ما خافت يوما منه ولكنها ارادت ان تمضي دقائقها الاخيرة في حضرت من خطف قلبها الصغير .. حلقت الى شرفته تقف فيها تزقزق بصوت متعب .. دخل الشرفة لتبتسم اثر رؤيته ويفعل هو
-مرحبا ايتها الجميلة لقد مر وقت طويل لماذا قطعتي التواصل ؟
حملها في كفه ليحوم حولها شعور الطمئنينة والامان اللذان افتقدتهما ..
-اتعلمين انكي تشبيهنها كثيرا
"بالطبع افعل .. فانا هي" اغمضت عينيها ومالت في كفه لتودع الحياة بابتسامة مطمئنة
......................................................................
"النهاية"
شكرا للمتابعة .. ألقاكم في أعمال اخرى

فِردوسٌ ..حيث تعيش القصص. اكتشف الآن