الرابع: أنا هش.

73 17 47
                                    

غريب هو كم من السريع للمرء أن يكون إيماناً جديداً حيال أمر ما في ثواني. فقبل أن تتورم عيني اليمنى؛ كنت أغني (ياله من يوم جميل!) داخل عقلي، والآن تصدح أغنية (هذا عالم مجنون!). أصبحت أؤمن أن لا شيء هنا يستحق أن يُرى سوى بعين ونصف أو عين واحدة حتى، لا يستحق عالمنا البارد أن تعطيه حقه وأكثر بأن تنظر إليه بجوارحك كلها.

نظرت إلى آلة تصويري المحطمة للمرة المليون، ولم يتغير فيها شيء، لكن تغير فيَّ. عندما رأيتها ترتطم بالأرض شعرت بغضب لذلك، فقد حاربت كثيراً لأشتريها، وانتظرت وعوداً كاذبة من أبي بأنه سيشتريها في الصيف، ثم في بداية العام، ثم في عيد مولدي، حتى أنه قال مرة أنه سيشتريها تزامناً مع شراء سيارته الجديدة. تأخر الأمر فما كان مني إلا اللجوء لوالدتي، أخبرتها أنني أتوق حقاً للمس زر التقاط الصور الحديدي في أعلى آلة التصوير، وأنني أتمنى امساكها ولو لمرة في حياتي؛ فسمعتها تكرر ما قلته لأبي في الليل بنفس الأداء الخاص بي!.

أجدى ذلك نفعاً في النهاية وحصلت عليها وهدية من البائعة عبارة عن ورقة شفافة بها الكثير من الملصقات لحيوانات لطيفة وزهور وقلوب، انتهيت باستعمال واحدة منها لكلب لأميز آلتي عن البقية.

والآن، تحطمت وبقي الملصق كما هو، لكن الكلب يبدو أكثر حزناً في نظري عن السابق.

وكأن كل شيء ينتهي بسرعة، كل شيء يتجمد بسرعة، نعم، هو كذلك، فالماء يأخذ وقتاً طويلاً حتى يبرد ثم لا ينفك يتجمد بسرعة كتلك الخدعة من المدرسة المتوسطة عندما كنا نلمس زجاجات الماء الباردة جداً فنراها تتمجد أمام أعيننا.

البشر هم الطلاب، وأنا الزجاجة المراد تجميدها.

محاولات كثيرة تبدو فاشلة لكن أحداها نجحت للنهوض عن الأرض ومحاولة السير قبل أن ينتصف الليل ويغدو السير وحيداً أكثر إخافة. سرت مترنحاً في البداية ونصف آلة التصوير الملتصق بالحبل يتدلى من عنقي كما كان يفعل دائما، والنصف الآخر في قبضتي، آلتي الشبه ميتة هي متاعي الوحيد الذي أملك، ولن أفرط بها.

وجدت نفسي دون إدراك أسأل عن أقرب مركز شرطة، والنفور من وجهي الموسع ضرباً بدى على الجميع ممن يراني، حتى أن بعض النساء حاولن لمس جروحي بشيء من الشفقة، ذلك جعلني أتمسك بالذهاب لمركز الشرطة. من غير المنطقي أن جميع البالغين كرجل الحانة الأهوج ذاك، بالطبع يوجد أخيار في هذا العالم!.

متأكد أن هناك دفئ في مكان ما، أنا فقط لا أبحث بما فيه الكفاية.

وصلت منهكاً أكثر مما كنت عليه إلى مركز الشرطة، ترددت أولا في الولوج، ماذا سأقول هناك؟، ضربت لأنني لم أدفع ثمن كحولي في الحانة وأنا لا زلت في الخامسة عشر؟، أم أنني ركبت سيارة إمرأة غريبة فخدعتني وضربت بسببها؟.

MELTED ¤ AKMUحيث تعيش القصص. اكتشف الآن