اذكر انني كنت تائهة على التلال المرتفعة التي رغم جمالها الا انها استطاعت بث الرعب في داخلي عندما لاحت لي في الافق البعيد هذه القرية التي بدت لي كسيف الأمان الذي قتل وحش الخوف في داخلي .
اول ما لفت انتباهي هناك هي الأكواخ البسيطة والمصنوعة من الخشب المقرون بزجاج عتيق على النوافذ. وتلك الطرق التي لم تمر عليها سوى حدوات الاحصنة الأصيلة
ولا انسى اشجار الكرز التي اصطفت على الجانب الايسر للطريق والتي زادت ازهارها الوردية جمالا للمكان .
اكملت سيري على تلك الطريق الى ان رأيت بئرا بسيطا مصنوعا من الصلصال المندمج مع الخشب كعماد ودلو مربوط بخيط وهناك صادفت امرأة ذاهبة لتملأ الماء .
كانت ذات شعر طويل أسود كالفحم او كالليل الذي غطت فيه السحب السماء وذات عينين خضراوتان كلون العشب المندى الذي انعكست عليه الشمس لتبديه لونا كريستاليا جميلا.
وكانت ترتدي ثوبا ابيض بسيط مزخرف عليه يدويا بعدة الوان وهي الاسود والاحمر والاخضر والاصفر .
احسست وكأن ابريقا من السعادة قد ارتمى علي لرأيتها ولاول مرة تاتيني تلك السعادة لرأيت شخص ما في حياتي .
ذهبت اليها مسرعة وطلبت منها ان تريني مكانا البث فيه في هذه القرية فدعتني لابقى عندها فعرفت نوعية الناس هنا وكم هم طيبون
وبينما اسير وراءها الى منزلها بصمت لمحت رجلا يخرج حصانا اشهب من الاصطبل ولمحت ايضا امرأة تحلب البقر واخرى ترعى الأغنام ورليت ليضا مجموعة من الاطفال يتَّبعون شيخا طاعنا في السن الى ان دخلو الى مكان صغير معلق على بابه( مدرسة قرآنية) فأدركت انهم لا يدرسون مثلنا .
وما لبثت الا ان وصلت الى بيتها الجميل الذي كان بابه مصنوعا من الخشب .منحوت عليه طيور ببغاء مطلي بالاحمر .
دخلنا فدعتني للجلوس على مقعد خشبي مغلف بحرير وكأنه حرير صنع من نسيج دودة القز دون اضافة اي لون اليه او مضيفات تضيفها المصانع المنتجة للحرير اليوم
قدمت لي الشاي في فنجان من خزف مرسوم عليه فراشات و طيور وقدمت لي سائلا حلو المذاق عندما سألتها عليه قالت انه سكر القصب يضاف الى الشاي ان كان مرا كثيرا
وقدمت لي معه قطعة حلوى وكانت مصنوعة من ارز .استغربت كيف لحلوى ان تصنع من ارز ولكن مذاقها اللذيذ جعلني اعشقها.
بدأت الشمس بالغروب فطلبت مني المرأة ان انظر عبر النافذة فأبهرني المنظر الرائع للغروب ففي المدينة لا يتسنى لك رؤية اشياء كهذه من طول مبانيها .
فأدركت ان مع البساطة تقبع السعادة . وان التيهان سيمكنك من رؤية اشياء رائعة قد لا يتخيلها عقلك.
Sad-owl
اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.
