"لا تكوني فضولية، و لا تقتربي من تلك الغرفة أبداً"
تلك الجملة اتخذتها قاعدة في حياتي؛ فمن كثرة ترديد جدتي لها باتت محفورة في ضواحي عقلي، و شقاق فؤادي..
لكن أي غرفة هذه؟ لطالما سألت نفسي عن ماهيتها، و ما يقبع فيها..
حين كنت طفلة، حاولت مراراً التسلل إلي تلك الغرفة، لكني لم أكن ألقي سوي التوبيخ، العقاب و حتي الضرب..
تلك الجدة اللطيفة-التي تقدم لي الحلوي
و تسرح شعري كل صباح قبل المدرسة-تتحول
إلي وحش مخيف و قاسٍ كلما اقتربت أو فكرت في الاقتراب من ذلك الباب الغامض،
ذلك الباب الذي يُخفي خلفه سر ما، سر قد أدفع عمري كله لأعرف منه الفُتَاة التي تروي فضولي، و تشبع حب الاستطلاع لديّ..آسفة، لقد أخذنِ الحديث، و نسيت أن أعرفكم نفسي. مريم صلاح هو اسمي الذي اختارته جدتي لي، طالبة بالمرحلة الثانوية، أعيش مع أسرتي المكونة من:والديّ، و أخي الأكبر حازم..
والدي موظف في الضرائب، و أمي ربة بيت مجتهدة تفعل المستحيل لإسعاد أسرتها، حالنا ميسور و الحمد لله..
بعد وفاة جدي، انتقلنا جميعاً للعيش في بيته؛ حتي لا نترك جدتي بمفردها، و في اليوم الأول لانتقالنا، قامت جدتي بإغلاق الغرفة التي كان جدي يحب البقاء فيها، ثم احتفظت بالمفتاح في خزانتها، و حذرتنا من الاقتراب من تلك الغرفة، وإﻻ سيلحق بنا مُر العقاب، ثم قالت جملة غريبة لم أفهما حينها..
"لو فُتح هذا الباب فلن ينغلق مجدداً؛ فقد مات من كان يبقيه مُقفلاً"
كانت تتحدث بجدية كبيرة، و في مقلتيها وعيد واضح، لم أفهم ما عنته بأن الباب لن يُغلق، لكني استنتجت أنها كانت تتحدث عن جدي المرحوم، لكن ماذا قصددت بأنه كان يبقي الباب مغلقاً؟
تفكيري الطفولي لم يوصلني لمعني تلك الجملة المُحيرة حينها، لكني أدركت معناها متأخراً، كما يُقال"بعد فوات الأوان" أو بالأحري يجب أن أقول بعد فوات كل شيء!
كانت حياتنا تسير بوتيرة ممتازة، خاصةً وأني نجحت في المرحلة الإعدادية، و انتقلت إلي الثانوية، و أخي استطاع أن يحجز مكانه في كلية الهندسة، لكن الرياح تأتي بما لا تشتهي السفن كالعادة، فخبر وفاة جدتي كان السكين الذي طعن قلوبنا وأدماها..
أتذكر جيداً حينما كانت في دقائقها الأخيرة، طلبت مني الأقتراب، ثم همست مغرورقة العينين، و الخوف قد حفر أنفاقه في محياها:
"أرجوكِ مريم، لا تفتحوا الباب أبداً، أرجوكِ"
اللعنة! ما هذا؟ حتي وهي علي فراش الموت لا تزال تفكر في تلك الغرفة السخيفة..
أنت تقرأ
لا تفتحوا الباب «مكتملة»
Horrorلا أعلم ماذا كانوا يقصدون بصمت الأموات؛ الموتى هنا لا يكفون عن الطرق والصراخ.. • الرواية تم اختيارها ضمن أفضل عشر روايات من فئة الرعب في الواتباد من قِبل 'مؤسسة أكون للإبداع العربي' • بدأت: ١٢-٨-٢٠١٨ • انتهت: ٢٧-٨-٢٠١٨ • أعلى الوسوم: الأولى في...