الوقفة الأولى

285 28 37
                                    

"وَ عِبَادُ الرَّحْمَنِ الذِّينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا وَ إِذَا خَاطَبَهُمْ الجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا"
الفرقان (٦٣)

ما أحوجنا لتأمل هذه الآية في حياتنا،
فكثيرًا ما نرى للأسف من يمشي متميعًا في مشيه
أو جاذبةً للأنظار بعلو صوتها و الدلال في مشيتها

و لكن عباد الرحمن يمشون على الأرض هونًا

أي بسكينة و وقار

محاطين بهالة الاحترام و التقدير
هؤلاء هم عباد الرحمن

و إذا خاطبهم جاهل سفيه بما يكرهونه من ألفاظ لم يردوا له الصاع صاعين كما يقولون
لم ينزلوا لسفاهته فيصبحون من الجهلاء

لم يجاروا جهله فيخطأ الناس في التفريق بينهم

إذًا، ماذا يفعلون؟

يقولون سلامًا

أي قولًا يسلمون فيه من الإثم

أي ردًّا راقيًّا، مؤدبًا ينأون به بأنفسهم عن كل جاهل
مبتعدين عن أي نزاع و تخاصم لا نفع منه، بل بالعكس فهو ضر لهم لما يترتب عليه من وبال السيئات.

الرد كلمات سهله لينة، سَلَامًا

و للأسف بل من المحزن ما نسمعه حتى في هذا الشهر الفضيل من ألفاظ نائية يرد بها الناس على بعض (إلا من رحم ربي) غير مراعين حتى لحرمة هذا الشهر الكريم

يقول هذا فيزيد ذاك

•°•°•°•°•°•

يخاطبني السفيه بكل حمق
           فأكره أن أكون له مجيبًا

يزيد سفاهةً فأزيد حلمًا
           كعودٍ زاده الإحراق طيبًا

يخاطبني السفيه فلا أجبه
               فخير من إجابته السكوت

فإذا كلمته فرجت عنه
                   و إذا خليته كمدًا يموت    

"من أقوال الإمام الشافعي"

و هكذا أحبتي يعلمنا القرآن الرقي في التعامل و الكلام بما فيه لنا رفعة و شرف

فلنعمل جميعًا بنهج القرآن الكريم و لنطبق تعاليمه بالقصد في المشي و الذكاء في الرد و رفعة الأخلاق فنزيد
و لنبدأ من هذه اللحظة نحسب حسابًا لكل كلمة ننطقها

(حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ الصَّنْعَانِيُّ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فَأَصْبَحْتُ يَوْمًا قَرِيبًا مِنْهُ وَنَحْنُ نَسِيرُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ وَيُبَاعِدُنِي عَنِ النَّارِ قَالَ لَقَدْ سَأَلْتَنِي عَنْ عَظِيمٍ وَإِنَّهُ لَيَسِيرٌ عَلَى مَنْ يَسَّرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ تَعْبُدُ اللَّهَ وَلَا تُشْرِكْ بِهِ شَيْئًا وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ وَتَصُومُ رَمَضَانَ وَتَحُجُّ الْبَيْتَ ثُمَّ قَالَ أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى أَبْوَابِ الْخَيْرِ الصَّوْمُ جُنَّةٌ وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ الْمَاءُ النَّارَ وَصَلَاةُ الرَّجُلِ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ قَالَ ثُمَّ تَلَا ( تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ ) حَتَّى بَلَغَ ( يَعْمَلُونَ ) ثُمَّ قَالَ أَلَا أُخْبِرُكَ بِرَأْسِ الْأَمْرِ كُلِّهِ وَعَمُودِهِ وَذِرْوَةِ سَنَامِهِ قُلْتُ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ رَأْسُ الْأَمْرِ الْإِسْلَامُ وَعَمُودُهُ الصَّلَاةُ وَذِرْوَةُ سَنَامِهِ الْجِهَادُ ثُمَّ قَالَ أَلَا أُخْبِرُكَ بِمَلَاكِ ذَلِكَ كُلِّهِ قُلْتُ بَلَى يَا نَبِيَّ اللَّهِ فَأَخَذَ بِلِسَانِهِ قَالَ كُفَّ عَلَيْكَ هَذَا فَقُلْتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ فَقَالَ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ))

فتأملوا أحبتي "و هل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصاد ألسنتهم"

و  ما أصعبها من جملة، فقد صار اللسان منطلقًا بغير بالٍ.

اكتب موقفًا رددت فيه ردًّا ذكيًّا سلمت فيه من الإثم

في رأيك كيف يمكننا الحد من المظاهر التي نراها يوميًّا في الشارع من عدم الاستقامة في المشي و ما نسمعه من ألفاظ يرد بعض الناس بها على بعض؟

و دمتم في أمان الله
و مبارك عليكم الشهر الكريم جعلكم الله من عتقائه ❤


#اقرأ_تفكر_طبِّق

وقفة مع آيةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن