الرسالة العَاشِرة :[ أنه اليوم الثالث و العشرون منذ أن رَحلت تصارع في مُعْتَرَك الحرب ..
تخدرت الأيام بشدةٍ من بعدِك ، أصابهَا الإعياء ، تُراودهَا الكوابيس ، تتباطأ ساعَتِها ..
سواي صامَدة أكتب لكَ و لصحيفة بوسَان !، عن حال الأيام المُنهكَة و عن الغَد المنتَصِر القريب .
ودت والدتك لو أخبرتَك أن تبقى قويًا، جسدًا و عقلاً، خشية أن تُجَنَّ فتنسى نفسكَ ..
أو حتى طريق العودةِ للديار!! .
فالحرب معركةً ضارية كيونغسو ! ، بلا رحمةٍ تسلب منا الأرواح ، العافية، و الأمن و السلام ..
لا تفقد نفسك في ساحة الحَرْب ، عُد للديارِ لوالدتك ، لسقفٍ لا يخذلكِ ، أبقَ حيًا قلبًا و جسدًا ..
تحياتِي نارَا ، فجرُكَ المبجّل ].
زحزح عينَاه عن الورق و أسهب النظر في المرآة مُطولاً ، أدركَ أنه بالفعل يومِه الثالث و العشرين مُنذ أن دخل في سَلْكِ الحربيّة ، لمّح عينَاه المُبسلَة، و شعرهِ الأشعث المغبَر، التراب الذي يعانق وجنتاه و العرق الذي ينبثق من على جبينِه.
لمح المصباح الأصفر من فوقهِ يرتعش و قد كان الوقت ظُهرًا بعد أنتهاء التدريب الأخير، الذي يخوضه المتطوعون الجنود قبل الإنخراط في الحرب،ليتأهبوا ليعرفوا كيف يُصوبوا الأعداء .
وبلا حسبان ..
أحساسٌ مُر الوَقَعِ راوده، و تلف بشتَاتِه. فكر أن يَعُود في يومٍ من الأيام إلى ذاتِ الحجرة الرماديّة بحالٍ أرثىَ ..
كأن يكسى بالدمَاء أو أن يُحمَّلَ ميِتٌ مَنعُوشٌ، مُهشَم الجناحين !
تتناقص رغبته في قراءة رسائلها المحقونة بالأمل و الدعاء، يتساءل إلى أي حدٍ سيأخذه هذَا الإحساس المتنامِي إذ لم تبعث هذه الكلمات القوةِ فِيه ؟ .
بين تلك الرسائل المتتالية ..
و بين ذلك الإحساس الذي يدهسه ..
هو خائفًا !