جلست في مقعد على الحديقة العمومية القريبة من المنزل، واضعة وجهي بين يداي، سامحة لشهقاتي بالارتفاع، لأشعر بيد باردة على ذراعي، التفتت لتقابل عيناي تلك العيون العسلية الآسرة، الملامح الملائكية، الشعر الفحمي الأشعث، و البشرة الفاتحة التي تميل للشحوب، مد لي منديلا ليشير إلى عيناي، مسحت دمعي و شعرت بوجنتاي تشتعلان حمرة، ليقول بهدوء
-" تذكري أن الله يختار لنا الأفضل دوما "
هو لم يسألني عن سبب بكائي، لم يسألني عن شيء، رحل بهدوء، تاركا خلفه ذهنا في صراع قوي، عدت للمنزل و ملامح الغريب منحوتة في ذهني، استلقيت على فراشي بهدوء، و ما أن استيقظت في اليوم التالي و بعد القيام بروتيني المعتاد، أخذت أقرأ أسطرا من رواية Hidden للكاتبة Tess، لأتوقف عن القراءة بعد أن شعرت برغبة جامحة بالذهاب إلى الحديقة، فارتديت معطفي الأسود و تركت شعري مسرحا، لأعود إلى الحديقة بعد أن تأكدت من أخذي لمنديل الغريب تحسبا لوجوده، فرغم أن عقلي كان يردد بأن تلك الصدفة لن تتكرر إلا أن فؤادي كان يصرخ بأنني سأقابله مجددا، و الانتصار كان من نصيب الأخير، فجلست بهدوء إلى جانب الفتى، رفع نظره من شاشة هاتفه ليبتسم لي ثم يعيد النظر إليه، مددت المنديل له بهدوء لأقول
-" شكراا لك ... "
قاطعني
-" آدم "
ما زلت أبتسم و أنا أتذكر لقاءنا ذاك، و أمسح دمعي برفق من وجنتاي، لم يكن ذلك لقاءنا الأخير، بل يجمعنا ذلك المقعد كل يوم عند الرابعة بعد الزوال، ليصبح صديقي الأول و الوحيد، ليأتي اليوم الذي قلب موازين حياتي، كنت أشعر بضيق شديد في صدري، مع ذلك تجاهلت الأمر و اتجهت نحو الحديقة، كان جالسا بهدوء كالمعتاد، غير أنه حين التفت، تفاجأت من شدة شحوبه، ليسعل بحدة فيتلطخ منديله بالدماء، اضطر ليخبرني حينها أنه أسير داء اللوكيميا أو ما يعرف بسرطان الدم، كبتت دمعي بصعوبة، ذلك الألم الذي لم أوحي له بشيء منه، نظر إلي محاولا استجماع شجاعته ليقول
-" أتعلمين ؟ لقد تمكنت من هزم هذا المرض سابقا، أنا واثق من أنني أستطيع فعل ذلك مجددا "
ابتسمت له، في حين انعقد لساني عاجزة عن التفوه بالمزيد، حاول تغيير الموضوع قائلا
-" لقد تمنيت شيئا اليوم "
ابتسمت لأسأله بفضول عن أمنيته تلك، ليقول و ابتسامة واسعة على ثغره
-" تمنيت أن نقوم بجولة حول العالم حين أشفى "
بادلته الابتسام لأجيب
أنت تقرأ
سارقة القلوب [ مكتملة ]
Short Storyهي لم يسبق لها أن أمسكت ببندقية أو رصاصة لكنها و بشكل ما ثقبت قلبه