الفصل الأول

784 16 2
                                    

قبل أن يفوت الأوان ، قبل أن يتوقف قلبي عن الغليان ، قبل أن ينفجر ذلك البركان ويلهب بحرارته ذلك الفؤاد المحطم ، سأجعله طي النسيان

إني احترق من الألم ، دموعي الحارة المؤلمة تنزل من خدي دون توقف ، قلبي ينبض بسرعة ، في كل نبضة أحس أني أموت .

رأسي يؤلمني و الحرارة تنبعث إلى جسمي ، أجلس في ذلك المكان الموحش المظلم ، ألف نفسي بذلك الغلاف البارد ، و أتكىء على ذلك الجدار المهترىء .

تأتي ذكرى من ذكريات ذلك الماضي البعيد ، لتجعلني أعتصر من الألم من جديد. أتذكر الضحك المرح و الأيام السابقة الجميلة.

و بين صفحات الماضي تلمع ذكرى دمرت قلبي وكياني ، يدور العالم من حولي و أغوص في غيبوبة أبدية.

لماذا هذا الألم ؟ كيف لا أستطيع التخلص منه ؟ هل أنا ضعيفة لهذه الدرجة؟

كل ما يجول في خاطري هل هو يتعذب ، هل يعرف معنى أن تدوس على قلب إنسان احترمك طويلا و قدم لك المعونة وضحى بكل شيء من أجل سعادتك ، لا أظن ذلك.

هل يعرف أن تلك الروح الطاهرة كانت لها أجنحة تطير بحرية ، تسبح في عالم الخيال و تبني أحلاما وردية ، تنسج الفرح و التفاؤل ، الابتسامة و الأمل.

هل يعرف أن تلك الروح كانت لها أحلام نبيلة ، أحلام و أماني بسيطة ، أرادت تحقيقها و الوصول إليها.

لم تكن تؤمن بوجود تلك المشاعر الصادقة التي تتسلل إلى قلب الإنسان ، فتجعله قيد

النسيان.

تحت نافذة الغرفة المظلمة ، بدأت أشعة الشمس الحارقة تخترق جدران الحزن ببطىء ، كأنها تقول لي استيقظي من الكابوس و اهربي من الألم.

ولكن كلما أحاول الهرب ، كلما تذكرت تلك الابتسامة الدافئة التي كانت تمنحني الشجاعة والقوة ، تربيته على كتفي و همسه ب : " لا تستسلمي، انهضي و حاولي من جديد ، لا تبكي فدموعك غالية " .

ذلك جعلني أقع في الشباك أكثر فأكثر ، و أقدم له قلبي شيئا فشيئا . حزني ، سعادتي ، وابتسامتي ، كانت فقط له.

بكاؤه و حزنه على موت قريبه أثر في كثيرا ، تلك الدموع الرقيقة التي تسقط من ذلك الوجه الملائكي الطيب تجعل الفؤاد ينفجر دما ، وتكسره إلى أشلاء صغيرة إذا كان هذا الشعور اسمه حب فأنا أحبه.

حين أكون بقربه أنسى كل من حولي ، أتأمل فقط ابتسامته التي أوقعتني في شباكه.

حين لا يكون معي أو لا أراه أحس بفراغ داخلي ، ووحدة تقتلني .

في طي النسيانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن